ما أن حققت الروسية يلينا ايسينباييفا، بطلة القفز بالزانة وصاحبة الرقم القياسي العالمي (5.06 م)، عودة ناحجة إلى المنافسات بعد توقف دام 10 شهور، وتوجتها بالفوز في لقاء موسكو داخل قاعة مسجلة (4.81م)، حتى قررت التخلّي عن مدربها الأوكراني فيتالي بتروف (مدرب سيرغي بوبكا حامل الرقم القياسي العالمي 6.14م)، معلنة الانضمام مجدداً في فولغوغراد إلى الروسي يفغيني تروفيموف، الذي تخلّت عن جهوده عام 2005، بعدما قادها إلى الفوز بذهبية دورة أثينا الأولمبية (2004) وبلوغ إرتفاع 5 أمتار. قبل شهرين أظهرت ايسينباييفا أنها لم تفقد الكثير من بريقها على رغم اعترافها أن مرحلة تحطيم الأرقام القياسية مؤجلة إلى حين استعادتها "الرشاقة المطلوبة لذلك". وضاعفت من عزيمتها في لقاء دونتسك ال21 محققة المركز الأول إثر تجاوزها إرتفاع 4.85م. وعموماً تجد ايسينباييفا نفسها في المدينة الأوكرانية وتصفها ب"منزلها" الثاني، حيث تتدرب قسماً من برنامجها الشتوي، وفيها سجلت 8 أرقام عالمية للقاعات آخرها تخطيها إرتفاع 5 أمتار العام الماضي. وسبق لايسينباييفا أن أعلنت في 10 نيسان (أبريل) 2010 رغبتها بالتوقف "للراحة" لفترة غير محددة بعد مواجهتها بعض الصعوبات تمثلت باخفاقها في بطولة العالم لألعاب القوى في برلين عام 2009، ثم مونديال القاعات خلال آذار (مارس) 2010 في الدوحة حيث حلت رابعة. وايسينباييفا أو "بوبكا السيدات" هي أول إمرأة تتخطى عتبة 5 أمتار وتسعى إلى تحقيق رقم قياسي عالمي جديد قبل اعتزالها. وتضع نصب عينيها حالياً ثلاثة استحقاقات مهمة هي: بطولة العالم في مدينة دايغو الكورية الجنوبية هذا الصيف، ودورة لندن الأولمبية عام 2012، وبطولة العالم في موسكو عام 2013، وربما تكون هذه المناسبة في موطنها محطتها الأخيرة في "عالم التحليق". واستهلت ايسينباييفا (28 سنة) المنافسة في لقاء موسكو من إرتفاع 4.61م، أي بعد أن خرجت منافستها المباشرة مواطنتها سفتلانا فيوفانوفا من التباري، والتي عجزت عن تجاوز أكثر من 4.56م. وأعربت ايسينباييفا عن سعادتها بالعودة المقرونة بالفوز، مؤكدة أنها إفتقدت طويلاً أجواء المنافسة والحماسة والترقب أثناء المباريات. وأشارت إلى انها في كامل لياقتها "وأتمتع بالحافز والحماسة لأقدّم الأفضل، وسأبرهن سريعاً أني سأستعيد القمة بعد أن استعدت توازني". ولم تعلّق ايسينباييفا على تحقيق إرتفاع 4.81م (أفضل رقم داخل قاعة هذا الموسم قبل القفز 4.85م في دونتسك)، واخفاقها في تجاوز 4.91م، بأكثر من قولها أنها أنجزت ما إتفقت عليه مع مدربها بتروف، وكررت التصريح ذاته عقب فوزها في دونتسك، مدينة بوبكا تحديداً. لكن "حسناء الزانة" قررت بعدها الغياب عن بطولة أوروبا داخل قاعة التي أجريت من 4 إلى 6 آذار (مارس) 2011 في بيرسي (فرنسا) بداعي إصابتها بزكام. وأبلغت بتروف بقرارها مفضلة عدم المجازفة. من خلال تصريحاته الأخيرة، بدا المدرب الفذّ أخيراً أنه كان على الهامش بالنسبة للقرارات الكبيرة التي تتخذها البطلة الروسية، ومطيعاً دائماً لها خصوصاً "أنها تعلم جيداً مصلحتها، ولا مناقشة في مثل هذه الحالة"! وفي فترة الغياب عن بطولة أوروبا داخل قاعة، عاودت ايسينباييفا الاتصال بتروفيموف، وبعد جلسة جس نبض معلنة خلالها رغبتها بالعودة إلى كنفه، فاجأته بعد أيام قليلة بزيارته وأفراد عائلتها، وأشعرته أنه ينقصها شيء ما وأنها قد تعتزل إذا ما رفض عرضها. ومنذ تلك اللحظة اتفقا على بدء مسيرة جديدة "هادئة" نحو الاستحقاقات الكبرى في السنتين المقبلتين. أما تعليق بتروف المقتضب فأشار إلى أنها ايسينباييفا تفضّل الإقامة في مسقطها فولغوغراد، أي بعيداً من "قاعدة التدريب" التي يديرها في مدينة فورميا الإيطالية، معلناً أن مثل هذا الخيار لا يناسبه، خصوصاً "أنها عرضت علي الانتقال معها لكن الظروف هناك غير مناسبة لإعداد على مستوى عالٍ". في جلسة خاصة العام الماضي، كشف دانيال ويسفلدت مدير أعمال أيسينباييفا أن فكرة الإبتعاد فترة عن المنافسات راودت البطلة الحسناء بعد أشهر قليلة من تتويجها في دورة بكين الأولمبية عام 2008، وبالتالي فإن قرار "الاستراحة" الذي إتخذته في نيسان 2010، غير مرتبط فقط باخفاقها تباعاً في بطولة العالم في برلين، وفي مونديال الدوحة للقاعات. وذكرت ايسينباييفا يوم قررت الإبتعاد لفترة غير محددة، أنها فكرت ملياً في الموضوع "في الأسابيع الثلاثة الأخيرة مع أفراد عائلتي في فولغوغراد، وتوصلت إلى خلاصة بأنني أحتاج إلى التوقف عن المنافسات لفترة غير محددة". وأضافت: "يبدو أنني لم أحلل جيداً ما حصل معي في برلين (بطولة العالم في الهواء الطلق حيث إكتفت بالقفز 4.60م)"، موضحة أنه "بعد أكثر من ثمانية أعوام من التدريب الشاق والمسابقات العالية المستوى أحتاج إلى التوقف لإراحة جسدي وإستعادة توازني. أنوي مواصلة التدريب والمحافظة على لياقتي". واعتبرت "الروسية الطائرة" صاحبة 27 رقماً عالمياً والفائزة بتسعة ألقاب دولية على التوالي، قرارها الأخير "الحازم" ضرورياً "في هذه المرحلة"، خصوصاً أنها لم تحصل على قسط من الراحة على رغم ضغوط التدريب والتباري شتاء وصيفاً. وبعد اخفاقها في الدوحة، لفتت ايسينباييفا إلى أن الجميع ينتظر منها الفوز في كل مناسبة، "وآمل أن تشاركني الأخريات هذا الشعور من الآن فصاعداً"... لكن يبدو أنها ذلك لن يتحقق في ضوء الفارق الشاسع الذي لا يزال يفصلها عنهن على رغم "عطلة العشرة شهور" وفي برلين 2009، فشلت ايسينباييفا في ثلاث محاولات في الدور النهائي، وخاب أملها في الظفر باللقب العالمي الثالث على التوالي. وغابت في الموسم الماضي عن مراحل في الدوري الألماسي فخسرت عائدات مالية مجزية. لكن أهدافها على المدى البعيد لم تتغير، ولا تزال تطمح بالتحليق عالياً، وتجاوز رقم "مثالها الاعلى" بوبكا صاحب 35 رقماً قياسياً عالمياً، علما أن أقرب منافساتها ما زلن بعيدات عن ارتفاعاتها ولم يقتربن بعد من علو خمسة أمتار. كما أن التأثير العائلي على قراراتها يبدو أنه إنسحب عاطفياً عليها، إذ فضلت البقاء في فولغوغراد والاتصال مجدداً بتروفيموف بعد قطيعة طويلاً، و"أجبرته" على مراجعة دفاتره القديمة.