تعود الروسية يلينا ايسينباييفا الى التحليق مجدداً بواسطة زانتها في 14 حزيران (يونيو) المقبل، رافعة الستارة عن موسمها الصيفي في لقاء برلين الدولي، حيث ستدافع عن لقبها العالمي في آب (أغسطس) المقبل، ومن ضمن برنامجها المشاركة في لقاءات أوسلو وروما وباريس، وطبعاً شنغهاي كرمى لعيني راعيها الصيني المرتبطة معه بعقد مدته خمسة أعوام، وفي مقابل 1.5 مليون دولار سنوياً. ايسينباييفا حسناء «أم الألعاب» (27 سنة)، البطلة العالمية والأولمبية وحاملة الرقم القياسي العالمي (5.05م)، تؤكد ان في مقدورها تجاوز إرتفاع 5.15م «قريباً جداً»، في ضوء «هضمها» لتعديلات تقنية «وركلجة» خطوات الجري والارتقاء في الموسمين الأخيرين. وبالتالي قد تتخلى عن استراتيجية تعزيز رقمها القياسي سنتيمتراً خلف سنتيمتر، على طريقة «الأسطورة» الأوكراني سيرغي بوبكا، حامل الرقم القياسي العالمي (6.14م). وهو أسلوب مجزٍ مالياً نظراً للجوائز التي يخصصها منظمو اللقاءات الدولية لمحطّمي الأرقام القياسية، علماً أن ايسينباييفا أكدت مرات أنها لا تحطّم الأرقام القياسية «من أجل المال بل من أجل المجد والشهرة. ففي هذه الرياضة، مشاعر سامية». في معسكرها التدريبي الطويل في فورميا (شمال ايطاليا) بإشراف الخبير الأوكراني فيتالي بتروف، مدرب بوبكا سابقاً، تمضي ايسينباييفا أياماً روتينية، تدريب وراحة وتواصل مع الأهل وأصدقاء ومعجبين عبر البريد الإلكتروني في أوقات الفراغ القليلة، بانتظار استحقاقات الصيف، وتؤكد أنها تعمل على تحسين تقنيتها في اللحظة الأخيرة قبل القفز «وبتّ أسيّطر أكثر على أدائي. وأطمح أن أحقق رقماً قياسياً، لكن لا أدري كما سيبلغ، المهم ألا يستطيع أحد بلوغه في السنوات المئة المقبلة»! ويؤكد بوبكا الذي يتابع تطور البطلة الروسية، ويتناقشان في ظروف الأداء وتفاصيله مرات كثيرة، أن مفتاح نجاحها المقبل يكمن في معادلة قوامها «سرعة جيدة من الجري الى القفز»، ما يوفّر لها بفضل انطلاقة جيدة تعزيز رقمها الحالي وصولاً الى ارتفاع 5.30م. من جهته، أوضح بتروف، الذي تسلّم مقدرات إعداد البطلة الروسية بعد دورة أثينا الأولمبية 2004 خلفاً ليفغيني تروميغوف، ل«الحياة» أن ملامسة ايسينباييفا ارتفاع 5.20م مؤكدة «وبعد ذلك علينا أن ننتظر ونرى»، معتبراً أن الإرتفاع التدريجي مناسب جداً حالياً. وزاد: «لكن لا نعرف الحد الأقصى الذي يمكنها بلوغه، وهي تتأقلم حالياً مع زانات يتعدّى طولها 4.65م فضلاً عن تمارين الأثقال الملائمة». (تملك نحو 22 زانة سعر كل منها 500 دولار). تُوصف ايسينباييفا بأنها «جندر» مميز «مثل نجوم الروك»، يزعجها أحياناً إنتظار أن تنهي المنافسات قفزاتهن لتباشر التحليق، لكن النقطة الإيجابية في هذا العناء انها تصبح «وسط الاهتمام»، وتعترف ان الأمر «غير سهل»، فتشغل نفسها أحياناً بأمور غير القفز، «مثلاً أفكر في أحد أحلامي واستعيد تفاصيله». في المقابل، لا تشعر ايسينباييفا بضغط أن تكون دائماً محطّ الأنظار والمرشحة للمركز الأول، «لأنني أحب أن أبقى دائماً في الطليعة، مثل القائد على السفينة، يوجّه ويأمر والجميع يتبعه، لذا لا أقبل أن أكون ثانية». آخر مرة ذاق فيها ايسينباييفا طعم الخسارة، كانت خلال بطولة العالم عام 2003 في باريس، فلم تستطع تجاوز أكثر من 4.65م وحلّت ثالثة خلف مواطنتاه سفتلانا فيوفانوفا (4.45م) والبريطانية أنيكا بيكر (4.70م)، «إذ كنت واثقة بنفسي أكثر من اللازم. وعندما فشلت بكيت وهونوا علي.ّ وأسعى دائماً ألا تتكرر تلك اللحظات القاسية، لذا أعمل وأجهد وأكون متنبّهة دائماً». أعلى... فأعلى ايسينباييفا، العاطفية بطبعها، عصفورة تحلّق بتصميم لبوة تنقض على الهدف، وتشعر حين تقفز أن روسيا كلها تقفز معها، ويتلقى بريدها الإلكتروني آلاف الرسائل من مدينتها فولغوغراد ومدن أخرى، «وكلها حوافز تنطلق بي نحو الأعلى». تنتقل ايسينباييفا بين منزلين في موناكو وفورميا (ورشة العمل)، ولا تشاهد من المدن التي تزورها بقصد المنافسة إلا الملعب والفندق. «أما ارتياد أماكن اللهو والتسلية وزيارة المعالم السياحية فمتروكة الى ما بعد الاعتزال». في سجل عظماء الرياضة، أسماء «رنانة» أمثال بوبكا صاحب 35 رقماً عالمياً، والسباحة الأسترالية داون فرايزر التي سجلت 42 رقماً عالمياً، وطموح ايسينباييفا الحذو حذوها على الأقل فذكر الأرقام والإحصاءات يبث في جسدها «أدرينالين» منشطاً ومحفزاً دائماً. بعد مسيرة التألق، ستفكّر ايسينباييفا بالعائلة، «وأكرّس وقتي للأطفال». وتود أن تبقى في عالم الرياضة «لأفيد الآخرين من تجاربي». كما تبدي إستعدادها لدعم الرياضة في أماكن فقيرة والتطوع في مبادرات مساعدة. طبعاً، لن تعتزل ايسينباييفا قبل سن الثلاثين، «سأبدأ حياة جديدة، بعد تحقيق أهدافي وجمعي ثروة تؤمّن راحتي حتى في سنوات الشيخوخة». وتكشف أن عالم الصحافة يجذبها كما يجذبها العمل مع الأولاد، ومن مشاريعها «الأحلام» تحضيرها شهادة الجدارة في التربية البدنية في جامعة فولغوغراد تحت إشراف مديرها ألكسندر شاماردين.