أصدر القضاء السعودي ممثلاً في المحكمة العامة في مكةالمكرمة حكماً بإلزام ورثة سائق سعودي بدفع 100 ألف ريال لمصلحة أسرة وافد جزائري كان قضى في حادثة سير تسبب فيها السائق السعودي قبل أكثر من 38 عاماً. وعلى رغم اعتراف ورثة السائق السعودي ب «الحادثة» وإقرارهم بها، إلا أنهم رفضوا الحكم بحجة أنه «قديمٌ جداً»، ومرت عليه عشرات السنين، إضافة إلى أن والدهم كان فقيراً، ولم يخلف تركة. وأوضحت المحكمة أن حكمها الذي أصدرته بعد 38 عاماً من وقوع الحادثة جاء بناءً على ما قرره أهل العلم، «من أن من تسبب في موت أحد لزمته ديته»، إضافة إلى قول الفقهاء: «كل من أتلف إنساناً بمباشرة أو سبب لزمته ديته»، مشيرةً إلى أن السائق أدين بالمخالفة من حيث سرعته في القيادة. وتابعت : «ولما قرره الفقهاء أن «العاقلة» هم عصابته من النسب، ويتحملون الدية بالأصالة، لذلك حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليهم دفع 100 ألف ريال، وأن تكون قسمتها بين الورثة حسبما نص عليه الفارض». وجاء حكم المحكمة الذي يعتبر الأول من نوعه في طول مدة القضية بعد أن تقدم وكيل ورثة العائلة الجزائرية بالقضية، مفوضاً من قبل القنصل الجزائري في السعودية، بعد تعرض والدهم إلى حادثة سير في عام 1393 أدت إلى وفاته. وتضمنت الدعوى المقدمة للمحكمة العامة في 18 ربيع الأول عام 1430 أن «المواطن السعودي كان يقود سيارته ومعه ركاب منهم موكله الجزائري، متوجهاً بهم إلى مكةالمكرمة، ووقعت له حادثة انقلاب توفي على إثرها موكله، وقد قرر التحقيق أن السائق لا يتحمل المسؤولية من حيث الانقلاب، لأنه كان يحاول تلافي الاصطدام بسيارة ضايقته، لكنه ارتكب مخالفةً نظاميةً بسيره بسرعة تتجاوز المسموح بها، لذا وحيث إن وفاة موكلي حصلت نتيجة الحادثة، أطلب إلزام عاقلته بدفع الدية». وتضمن صك الحكم الشرعي الصادر في القضية إقرار ورثة المدعى عليه بالحادثة، لكنهم أكدوا أنه قديم جداً، إضافةً إلى أنه فقير، ولم يخلف تركة، وأنهم غير مستعدين لدفع شيء. وحول مرور عشرات الأعوام على الحادثة، أوضح المدعي الجزائري أن قنصلية بلاده في محافظة جدة كانت تبحث خلال الفترة الماضية عن المعاملة حتى وجدتها. وأضاف: «لم تقتصر القنصلية في البحث فقط عن المعاملة، بل جرى الاطلاع على قرار تركيز المسؤولية رقم 100 الصادر من محكمة رابغ، والمتضمن مخالفة السائق للنظام من خلال سرعة السير، من جهة الحق العام، وفيما يتعلق بجهة الحق الخاص فهو باقٍ لحين مراجعة المدعي بحسب نص حكم محكمة رابغ». وعلى القضية والحكم، علق المحامي وعضو هيئة التحقيق والادعاء العام سابقاً الدكتور إبراهيم الأبادي، بقوله: «من مبادئ الشريعة والقانون أن الحقوق الخاصة لا تسقط بالتقادم، فمهما طالت المدة وطال الزمان، يجوز لصاحب الحق المطالبة بحقه متى ما رأى ذلك ممكناً». وأوضح أن المطالبة بالدية في الحادثة المذكورة وإن مضى عليها قرابة 40 عاماً، فهي مطالبة صحيحة، مستندة لنصوص الشرع والنظام، وأن على ورثة السائق إيفاء أصحاب الحقوق ولا يعفيهم طول الفترة، مشيراً إلى أنهم ملزمون بدفع الدية لورثة المتوفى الجزائري