بإشراف وفد أمني مصري سلمت حركة «حماس» الأربعاء السلطة الفلسطينية معابر قطاع غزة الذي تسيطر عليه منذ أكثر من عشر سنوات، في خطوة تشكل اختباراً لاتفاق المصالحة الفلسطينية الذي أبرم في القاهرة الشهر الماضي. ووقّع المسؤول في السلطة الفلسطينية نظمي مهنا ونظيره في «حماس» غازي حمد وثيقة تنص على نقل مسؤولية الإشراف على المعابر الى الحكومة الفلسطينية. وإضافة إلى معبر رفح الذي يربط مصر بقطاع غزة، تم تسليم معبر كرم أبو سالم التجاري الفاصل بين إسرائيل وقطاع غزة ومصر، ومعبر كارني التجاري في شرق قطاع غزة الفاصل بين اسرائيل وغزة والمخصص لنقل البضائع. ثم تم تسليم معبر بيت حانون في شمال قطاع غزة (ايريز) الفاصل بين اسرائيل والقطاع. وبذلك تكون السلطة سيطرت على كل المعابر في القطاع المحاصر من اسرائيل منذ عشر سنوات. وشوهد تفكيك منشآت لحركة «حماس» عند أحد المعابر بإشراف مسؤولين من حركتي «فتح» و «حماس». وعند معبر رفح، رفعت أعلام فلسطينية ومصرية وصور لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وقال عضو لجنة استلام المعابر ووزير الأشغال مفيد الحساينة في مؤتمر صحافي عند معبر رفح «تم استلام كل معابر قطاع غزة». وأشرف وفد امني مصري على عملية التسلم. وتأتي هذه الإجراءات تنفيذاً لاتفاق المصالحة الذي وقعت عليه الحركتان في 12 تشرين الأول (اكتوبر) برعاية مصرية في القاهرة ويهدف الى إنهاء عقد من الانقسامات بين الطرفين. واتفق الطرفان على تسلم السلطة الفلسطينية إدارة قطاع غزة الخاضع منذ القطيعة بين الطرفين في 2007 لحركة «حماس». وقال المتحدث باسم معبر رفح التابع ل «حماس» هشام عدوان ان «جميع موظفي السلطة الفلسطينية عادوا الى العمل على المعبر، وجميع الموظفين السابقين (المعينين من حماس) غادروا». وأضاف «من الآن فصاعدًا حكومة التوافق هي المسؤولة الأولى والأخيرة عن معابر القطاع». وتمنى عدوان «أن تضغط حكومة التوافق باتجاه فتح المعابر في شكل سريع وإنهاء الأزمة التي يُعانيها المسافرون»، مشيراً إلى أن المصريين وعدوا بفتح المعبر حال تسلمته السلطة». واعتبر «أن عملية تسليم المعابر خطوة للأمام باتجاه تحقيق المصالحة الكبرى بين حماس وفتح». وقال الحساينة إن رئيس الوزراء رامي الحمد الله «سيزور قطاع غزة خلال أيام»، مضيفاً «سنذهب إلى المصالحة على رغم كل التحديات والعقبات». ويفترض ان تتسلم السلطة إدارة كل القطاع بحلول الأول من كانون الأول (ديسمبر) المقبل. ورحّب المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف بعودة معابر غزة الى سيطرة السلطة الفلسطينية واعتبر ذلك «تطوراً مهماً». وأضاف «ينبغي الحفاظ على الزخم الإيجابي وتمكين الحكومة الفلسطينية من العمل في غزة في شكل كامل. ومن شأن عودة المعابر ان تسهل إلغاء عمليات الإغلاق، مع معالجة المخاوف الأمنية الإسرائيلية المشروعة وزيادة الدعم الدولي لإعادة إعمار غزة ونموها واستقرارها وازدهارها». وحضّ الفصائل الفلسطينية في غزة على «الحفاظ على الأمن وإنهاء النشاطات المسلحة التي تقوّض السلام والأمن لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء». وأكد ان «الأممالمتحدة ستواصل العمل مع القيادة الفلسطينية ومصر والمنطقة من اجل دعم هذه العملية التي تعتبر حاسمة للتوصل عبر المفاوضات الى حل الدولتين وسلام مستدام». وقال منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية اللواء يوآف مردخاي التابع لوزارة الدفاع الإسرائيلية في بيان إن «لجنة التنسيق الإسرائيلية ستجتمع مع ممثلين عن السلطة الفلسطينية ممن تولوا مسؤولية المعابر الحدودية في قطاع غزة للتعريف على العمل المشترك والمعايير والمتطلبات الأمنية في نقاط العبور الإسرائيلية». وشدد على شرط «عدم وجود اي من عناصر حركة حماس او من ينوب عنهم على المعابر». وتسيطر حركة «حماس» على القطاع منذ 2007 بعد ان طردت حركة «فتح» منه إثر اشتباكات دامية. وتحاصر اسرائيل القطاع منذ عشر سنوات. وتقفل مصر معبر رفح، منفذه الوحيد الى الخارج ما فاقم المشاكل الاجتماعية والبطالة التي يعاني منها القطاع حيث يتجاوز عدد السكان المليونين. وخلال الأشهر الماضية، اتخذت السلطة الفلسطينية إجراءات عديدة ضد قطاع غزة للضغط على «حماس» أبرزها خفض رواتب موظفي السلطة فيه، والتوقف عن دفع فاتورة الكهرباء التي تزود بها اسرائيل القطاع. ويرى محللون ان كل ذلك ساهم في إبداء «حماس» بعض «البراغماتية» في موضوع المصالحة. وتنتظر «حماس» ان توقف السلطة التدابير العقابية. وينص اتفاق المصالحة على تشكيل حكومة تضم ممثلين عن كل الفصائل الفلسطينية. ورفضت اسرائيل أي حكومة فلسطينية تضم ممثلين عن «حماس» ما لم تعترف الحركة بإسرائيل وتتخلى عن سلاحها. ومن المسائل التي لا تزال غير واضحة في الاتفاق، مستقبل «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» التي تملك ترسانة ضخمة من السلاح.