خيم الحزن والغضب على قطاع غزة، فيما شيع آلاف الفلسطينيين في عدد من المناطق أمس جثامين سبعة شهداء سقطوا أول من أمس في قصف إسرائيلي، في وقت دعا رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية إلى المضي قدماً في تحقيق المصالحة ووقف التنسيق الأمني رداً على المجزرة. وشارك في تشييع الشهداء قادة من حركتي «حماس» و «الجهاد الإسلامي» وفصائل المقاومة، وعشرات المسلحين من الأجنحة العسكرية، التي دانت «المجزرة» وتعهدت بالرد في الوقت المناسب، وحضت على الرد بتعزيز المصالحة التي أرادت إسرائيل إحباطها. وقال هنية قبيل انطلاق موكب تشييع جثامين ثلاثة من الشهداء سقطوا في النفق، الذي استهدفته طائرات الاحتلال الإسرائيلي بخمسة صواريخ، من مخيم البريج للاجئين وسط القطاع إن «الرد على هذه المجزرة بالمضي قدماً نحو استعادة الوحدة الوطنية لأن العدو يعرف أن قوتنا في وحدتنا ولا يمكن لشعب تحت الاحتلال أن ينتصر إن لم يكن موحداً». ودعا هنية إلى «الإسراع وعدم التباطؤ والمضي قدماً في خطوات تحقيق المصالحة وإلى وقف التنسيق والتعاون الأمني. فلا يجوز لفلسطيني، أياً كان وفي أي موقع كان، أن ينسق مع الاحتلال الذي يقتل شبابنا ويدنس مقدساتنا». واعتبر هنية أنه «من العيب» أن يعود الحديث عن عودة التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية والكيان الإسرائيلي في «ظل استمرار ارتكاب المجازر بحق شعبنا والسعي إلى التوصل إلى إستراتيجية وطنية». وطالب «بالإسراع في رفع العقوبات التي فرضتها السلطة على قطاع غزة منذ أشهر عدة»، مشدداً على «وحدة الدم والمصير بين فصائل المقاومة». واعتبر أنه «واهم ومخطئ من يعتقد أنه قادر على تغيير الأولويات والإستراتيجيات، وكلها تصل بإذن الله إلى نقطة النهاية وهي فلسطينوالقدس والعودة». وكان سبعة مقاومين، من بينهم خمسة من «سرايا القدس» الذراع العسكرية لحركة «الجهاد الإسلامي»، وإثنان من «كتائب القسام» الذراع العسكرية لحركة «حماس» سقطوا في النفق الواقع جنوب شرقي مدينة دير البلح وسط القطاع لدى محاولتهم دخول النفق لإنقاذ العالقين فيه نتيجة القصف الإسرائيلي، الذي أسفر عن إصابة 14 آخرين بجروح متفاوتة. ولا تزال أعمال البحث عن مفقودين منذ أول من أمس مستمرة، فيما أحجمت الفصائل عن الرد بإطلاق صواريخ على إسرائيل كما جرت العادة في مثل هذه الحالات «تقديرًا منها للظروف الحساسة» في فلسطين، بخاصة في القطاع. والشهداء هم، قائد «سرايا القدس» في وسط القطاع عرفات أبو مرشد، ونائبه حسن أبو حسنين، وأحمد أبو عرمانة، وعمر الفليت، وجهاد السميري، والقائد الميداني في «كتائب القسام» مصباح شبير، ورفيقه في «الكتائب» محمد الآغا. وأكد عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» خليل الحية أن الرد على العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة «حق مكفول لشعبنا تقدره المقاومة». وقال الحية خلال مراسم تشييع الشهيد الآغا إنه «في حال أراد الاحتلال، من أفعاله الخسيسة، وقف تدفق سيل المقاومة وإعاقة وحدة شعبنا وفرض المعركة وفق أجندته الخاصة، فإنه واهم ولن ينجح في ذلك». وأضاف أن «الاحتلال لن ينجو من جرائمه وحصاره وقتله أبناء شعبنا ومقاومتنا تعرف كيف تدير صراعها مع الاحتلال وأن تضرب في المكان والزمان اللذين يؤلمان الاحتلال». واعتبر أن «المعركة مع الاحتلال طويلة على طرق الخلاص منه ودحره وتحرير كل الأرض الفلسطينية، وعلينا أن نزيد من يقظتنا بما يجعل المعركة بيننا وبينه تشتد وفاتورة الحساب تتعاظم ليكون الحساب والرد أقوى وأكبر». ولفت الحية إلى اختلاط دماء شهداء سرايا القدس وكتائب القسام «فشهداؤنا اليوم هم أخوة دم ورفقاء سلاح ودرب شهادة ورفقاء في الجنان بإذن الله وهم رسموا لوحة مشرقة ومضيئة تعبّر عن الوحدة والأخوة». وقال عضو المكتب السياسي لحركة «الجهاد الإسلامي» نافذ عزام إن الحركة «كانت حاضرة دوماً في ميادين الشهادة والجهاد، وهي رأس الحربة في مشروع المقاومة على هذه الأرض». واعتبر عزام أثناء تشييع جثامين عدد من الشهداء أن «مشروع الجهاد والمقاومة هو المشروع الوحيد الكفيل برد الحقوق لأصحابها والرد على جرائم الاحتلال (...) لقد فقدت الجهاد الإسلامي ثلة طاهرة من أبنائها الأطهار بالتزامن مع ذكرى استشهاد المؤسس فتحي الشقاقي (عام 1995)، وهذا ثمن ندفعه مع إخوتنا في كتائب القسام على طريق استرداد حقوقنا». وشدّد عزام على أن «دماء الشهداء الأطهار ترسل رسالة إلى أصحاب صفقة القرن أن تلك الصفقة وهم كبير، وهي رسالة إلى كل من يفكر في الاقتراب من سلاح المقاومة». في غضون ذلك، استشهد (أ ف ب) «الشاب الفلسطيني محمد عبدالله موسى (26 سنة) عقب إطلاق قوات الاحتلال النار عليه» قرب مستوطنة حلميش القريبة من مدينة رام الله، وفق بيان وزارة الصحة الفلسطينية. وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إن سيارة اقتربت من جنوده بطريقة «مشبوهة» قرب مستوطنة حلميش وقرية النبي صالح الفلسطينية، «فاعتبر الجنود أن السيارة تشكل خطراً ومن ثم أطلقوا النار عليها لوقفها»، مشيراً إلى أنه لم تقع أي إصابات بين صفوف الجنود. وأكد متحدث باسم وزارة الصحة أن لطيفة موسى شقيقة الشاب الشهيد كانت معه في السيارة وقت إطلاق النار وأصيبت في كتفها، ونقلت لتلقي العلاج في المستشفى. وقالت لطيفة إن جنديين إسرائيليين كانا يقفان خلف حجارة كبيرة على الطريق الرئيسي وأطلقا النار باتجاهها هي وشقيقها «من دون سابق إنذار». وأضافت لطيفة التي لم تبلّغ بعد بموت شقيقها، «بعد إطلاق النار علينا حاول أخي حمايتي، ولاحظت أنه ينزف من ظهره وأغمي عليه. كنت أشعر بشيء حارق في كتفي اليسرى وأدركت أنني أنا أيضاً أصبت». وتابعت «بعد أن توقفت السيارة التي كنا نستقلها، نزلت من السيارة، وأوقفت سيارة مارة وقام أحدهم بنقلي إلى المستشفى، ولا أدري ماذا جرى مع أخي».