حذّرت الحكومات المحليّة في محافظات جنوب العراق من كارثة بيئية تتعلق بتلوّث مياه الأنهار في هذه المحافظات وتضاؤل كميّاتها. وتزامن ذلك مع صدور تقارير دولية تفيد باحتمال جفاف أحواض نهري دجلة والفرات في جنوب العراق خلال العقود الثلاثة المقبلة. وفي لقاء مع «الحياة»، قال مستشار محافظ البصرة للشؤون البيئية حسين فاضل، إن مدينة البصرة تعاني من مشكلة تتفاقم يوماً بعد يوم، وهي المياه المبتذلة المالحة الآتية من إيران. وأضاف ان المياه المالحة بدأت تصل إلى مناطق عميقة داخل البصرة، ما ولّد مخاوف لدى الأهالي والسلطات الرسمية، إذ إن هذه المياه تتدفق بكميات كبيرة باتجاه الحدود العراقية من منطقة الشلامجة، وصولاً الى لسان عجيردة في محافظة ميسان. وبيّن فاضل أن تلك المياه سبّبت دماراً لبعض الأراضي في محافظة ميسان، فضلاً عن تأثيرها سلباً على الثروة السمكية في مناطق متعدّدة في مدن جنوب العراق. وقال: «هناك اجتماعات دورية لإيجاد حلول لهذه المشكلة، تُشارك فيها جميع الدوائر المعنية بالأمر، وضمنها قيادة حرس الحدود. وتتناول الاجتماعات ثلاثة محاور رئيسية في المشكلة، هي ضرورة دراسة الوضع الحالي للمياه المبتذلة المالحة، ومحاولة تحجيم تدفّق هذه المياه آنياً لحين التوصّل إلى حلول إستراتيجية لها، وأخيراً تحديد الأضرار الناتجة من تدفق هذه المياه المالحة. وأشار فاضل الى وجود محادثات من طريق وزارة الخارجية العراقية مع إيران، لوضع حلول جذرية للمشكلة. وقال: «هناك مقترحات بتحويل المياه المالحة الى البحر من طريق مشروع شاديكان، الذي وعد الجانب الإيراني بتنفيذه في مستقبل قريب». مشاكل مع إيران في هذا السياق، أوضح علي داودي محافظ ميسان (390 كيلومتراً جنوب بغداد)، أن المحافظة أغلقت الفتحات في السدّة العراقية على الحدود مع إيران، كما عالجت التكسّرات فيها، مبيّناً أن ذلك يساهم في منع تسرب المياه المالحة التي تحتوي على زيوت مُلوِّثة، إلى الأراضي العراقية. وأضاف: «جرى بناء سدّة إضافية بين السدّتين العراقية والإيرانية، لمنع وصول المياه العالية الملوحة من البصرة إلى أراضي محافظة ميسان». وبيّن داودي أن غلق فتحات السدّة العراقية وتكسراتها، يحدّ من عمليات التهريب والتسلّل عبر الحدود العراقية الإيرانية، إضافة إلى تقليل كميات المياه المالحة المتدفقة تجاه الأراضي العراقية. وفي محافظة ذي قار (400 كيلومتر جنوب بغداد)، أعلن إسماعيل قاسم، مدير الموارد المائية، عن انخفاض مياه نهر الفرات إلى مستويات متدنّية تماماً، وصلت إلى مترين ونصف المتر في مدينة الناصرية (وهي مركز المحافظة)، ما جعل الفرات أشبه بفرع نهري صغير! وأوضح قاسم أيضاً أن قلّة الواردات المائية التي تدخل إلى العراق في منطقة حصيبة، أثّرت سلباً على منسوب مياه نهر الفرات، مبيّناً أن مستوى هذه المياه في مدينة الناصرية وصل إلى 255 سنتيمتراً، مع تدفّق مقداره 10 أمتار مكعّبة في الثانية. وفي سنوات سابقة، لم تكن هذه الكميات لتشكّل سوى ما يتدفّق في أحد فروع هذا النهر. وفي سياق متّصل، توقع المهندس غني رزاق، مدير عام صيانة مشاريع الري والبذل في محافظة ذي قار، انخفاض مستوى المياه عند مقدمة جداول الأنهار، كاشفاً عن وجود خطة لوزارة الموارد المائية لنصب طواقم من المضخّات في الأنهار التي لا تنساب المياه فيها بصورة طبيعية، بهدف إيصال مياه الشرب الى المناطق التي تغذيها هذه الأنهار. وجاءت هذه الإجراءات الاحترازية في وقت كشف فيه تقرير صادر عن منظمة ال «يونيسف» أخيراً، احتمال جفاف نهري دجلة والفرات في العام 2040، نظراً الى التغيّرات المناخية، وانخفاض كميات المياه فيهما، والاستخدام المكثّف لمياه هذين النهرين لأغراض الصناعة والاستهلاك المنزلي. ولاحظ التقرير عينه، أن العراق يواجه صعوبات في تحقيق هدفه تزويدَ 91 في المئة من المنازل بمياه الشرب بحلول العام 2015.