قدّر خبراء مهتمون بصناعة السياحة في المملكة إجمالي الإيرادات السياحية خلال العام الماضي ب 41 بليون دولار، أهلت المملكة لاحتلال المرتبة الرابعة شرق أوسطياً، متوقعين أن توفّر السياحة مليون فرصة وظيفية ما بين مباشرة وغير مباشرة حتى العام 2015 وأن يبلغ الإنفاق الحكومي على السياحة نحو 101.3 مليون ريال العام 2020. وأشاروا خلال الجلسة الثانية من ملتقى السفر والاستثمار السياحي 2011 التي أقيمت أمس (الاثنين) بعنوان «تمويل المشاريع السياحية لدعم السياحة الداخلية»، إلى عدد من التحديات التي تعوق تمويل المشاريع السياحية، مثل صعوبة الشروط الموضوعة من البنوك، وغياب المرونة، وعدم توافر المعلومات الدقيقة، وغياب التسويق والربحية في بعض هذه المشاريع. ولفت الأمين العام لمجلس الغرف السعودية الدكتور فهد بن صالح السلطان إلى أن التمويل المقدم من الجهات الحكومية حتى الآن لا يرقى للمؤمل منها، إذ بلغ التمويل المقدم من البنك السعودي للتسليف والادخار بناءً على الاتفاق الموقّع بينه وبين الهيئة العامة للسياحة حوالى 11.5 مليون ريال موّلت 15 مشروعاً، كان نصيب منطقة الرياض منها حوالى 48 في المئة، كما قدّم صندوق المئوية تمويلاً لعدد من المشاريع السياحية بناءً على الاتفاق الموقع بينه وبين الهيئة العامة للسياحة بنحو 316 ألف ريال، وهي بالطبع وفقاً للسلطان غير كافية قطعاً لقيام نهضة سياحية، متوقعاً أن يبلغ حجم الإنفاق الحكومي على السياحة نحو 101.3 مليون ريال العام 2020. وأشار إلى عدد من المشكلات التي تعوق التمويل السياحي، تأتي على رأسها صعوبة شروط الحصول على التمويل خصوصاً للمشاريع السياحية الصغيرة والمتوسطة، وصعوبة الشروط الموضوعة من البنوك لقروض المشاريع السياحية، وغياب المرونة المالية في التعامل مع المشاريع السياحية التي تحصل على تمويل أو قروض، إضافة إلى عدم وجود صندوق أو جهة تمويل متخصصة لتمويل المشاريع السياحية أو عدم تخصيص الأراضي اللازمة لبناء المشاريع السياحية بأسعار تفضيلية، وربط التمويل بتسجيل الأراضي، ومساواة الاستثمارات السياحية بغيرها من القطاعات الاقتصادية في أسعار بعض الخدمات مثل المياه والكهرباء، وأخيراً تأخر تفعيل قرار مجلس الوزراء الخاص بالتوصل لآلية ترفع مشاركة صناديق الإقراض الحكومية في تمويل المشاريع السياحية الداخلية وزيادة المدد الإيجارية للمشاريع الاستثمارية السياحية. وطالب السلطان بضرورة أن تستغل المملكة المستجدات الحاصلة حولنا سياسياً أو بيئياً أو مناخياً في تعزيز حركة السياحة الداخلية وتوطينها، خصوصاً لمتوسطي ومحدودي الدخل في المملكة، محدداً آليات لتعزيز التمويل للمشاريع السياحية كإنشاء صندوق متخصص لتمويل المشاريع السياحية، ومنح مزايا تفضيلية للمشاريع السياحية في المناطق النائية، والتعامل بمرونة مع عقود المشاريع السياحية البلدية، وتشجيع البنوك على توفير التمويل للمشاريع السياحية بشروط وتكاليف ميسّرة. من جانبه، ارتأى محافظ المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية سليمان بن سعد الحميد أن مشكلة القطاع السياحي لا تتمثل في التمويل - كما يزعم كثيرون - وإنما تتمثل في عامل عدم الربحية التي هي أحد أهم أسباب تدني التمويل، قائلاً: «السيولة متوافرة بشكل كبير لدى البنوك المحلية ولكنها تبحث عن المشاريع الربحية، وأكبر مثال على ذلك تمويل مشاريع البتروكيماويات». وعن كيفية علاج هذه المشكلة، ينصح الحميد بخاصة مع ما تمثله السياحة من قطاع خدمي يشغّل كثيراً من القطاعات الأخرى ويستوعب عدداً كبيراً من الأيدي العاملة بضرورة البحث عن أسباب عدم الربحية في القطاع السياحي، وتوحيد جهة تنظيمية تندرج تحتها جميع الجهات التي تتعلّق بها مشكلات السياحة، ودعم الدولة للمشاريع السياحية بتوفير الأراضي بأسعار رمزية، وتوفير المرافق والخدمات حتى تقف هذه المشاريع على قدميها. أما محافظ المؤسسة العامة للتقاعد محمد عبدالله الخراشي فحصر التحدي الرئيسي للقطاع السياحي في التسويق وليس التمويل، فالشركات العاملة في السياحة بحاجة ماسة إلى التسويق الجيد ورفع الوعي بأهمية السياحة، فالدولار الذي ينفق على السياحة يوفّر 7 دولارات أخرى ضمن القطاعات المتوازية وفقاً لرؤيته. ويشير إلى ضرورة عمل الجهات المختصة على خلق مناسبات عدة لاستفادة الشركات السياحية منها حتى لا تشكو من الموسمية، وهو ما يؤثر في التشغيل ونسبته. في المقابل، أشار الرئيس التنفيذي للبنك الأهلي التجاري عبدالكريم أبوالنصر إلى ما شهده الإنفاق السياحي بالمملكة خلال الأعوام الماضية من نمو لمواجهة ارتفاع الأسعار، متوقعاً أن تشهد السياحة الداخلية نمواً كبيراً نظراً إلى ما تشهده المنطقة من تقلبات، مشيراً إلى أن حجم إيرادات السعودية من السياحة العام الماضي بلغ 41 بليون ريال. وأكد أن التحدي الماثل أمام القطاع السياحي ليس في التمويل ولكن في الجدوى الاقتصادية للمشروع، مبيناً أن الدولة ساهمت بنحو 2.3 بليون ريال لتوفير التمويل الميسّر، كما قامت الهيئة بمبادرات عدة للنهوض بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة.