لم يتوصل مجلس الوزراء اللبناني في جلسته الماراثونية أمس برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري، إلى حسم الخلاف الدائر حول اعتماد البطاقة البيوميترية في الانتخابات النيابية المقررة في 6 أيار (مايو) المقبل، ولو اقتصرت على الناخبين الذين يودون الاقتراع في أماكن سكنهم خارج قيدهم، أو في خصوص التسجيل المسبق لهؤلاء لدى وزارة الداخلية، وتقرر ترحيل نقاط الخلاف حول كيفية تطبيق قانون الانتخاب إلى اللجنة الوزارية التي تجتمع اليوم برئاسة الحريري، على أن يضع مجلس الوزراء في جلسته المقبلة يده على الملف الانتخابي، لعله يتوصل إلى توافق ينهي السجال الذي يحاصر اللجنة. وعلمت «الحياة» من مصادر وزارية أن الرئيس الحريري لم يتدخل إلا لماماً في تفاصيل النقاش الذي دار حول كيفية تطبيق قانون الانتخاب، ما دعا بعض الوزراء إلى القول إنه يتريث ليتدخل في الوقت المناسب، لأنه ضد أي تأجيل للانتخابات النيابية مهما كانت الأعذار. وأكدت المصادر الوزارية نفسها أن النقاش المطول الذي دار حول تطبيق قانون الانتخاب لم يحقق أي تقدم يذكر، وأن مواقف الوزراء الذين أدلوا بدلوهم في هذا الخصوص كانت نسخة طبق الأصل عن المواقف التي سادت اجتماع اللجنة الوزارية أول من أمس. ولفتت إلى أن وزير الخارجية جبران باسيل باق على موقفه برفضه التسجيل المسبق لمن يودون الاقتراع في أماكن سكنهم خارج قيدهم، لكن لم يتضامن معه سوى الوزراء المنتمين إلى «تكتل التغيير والإصلاح». وقالت المصادر الوزارية إن وزير الداخلية طلب الموافقة على سلفة مالية لطبع ما بين 500 ألف ومليون بطاقة هوية بيوميترية للذين يودون الاقتراع خارج قيدهم، لأن الوقت بات ضيقاً ويصعب طبع البطاقة لجميع الناخبين. لكن وزير المال علي حسن خليل رأى أنه من غير الجائز الموافقة على هذه السلفة، ما لم تسحب الحكومة مشروع القانون الذي تقدمت به إلى المجلس النيابي، طالبة الموافقة على فتح اعتماد مالي ب75 بليون ليرة، لتغطية النفقات المترتبة على إجراء الانتخابات. كما اعتبر أن أي تلزيم لطبع البطاقة البيوميترية يجب أن يتم بمناقصة وفق الأصول. ورفض عدد من الوزراء اقتراح المشنوق. ونقلت المصادر الوزارية عن وزير التربية مروان حمادة قوله إنه لا يجوز الربط بين طبع البطاقة والانتخابات، لأن البعض قد يرى فيه نية لتأجيل الانتخابات إذا لم تنجز البطاقة، مشيراً إلى أن المباشرة بطبع الهوية البيومترية شرطه عدم ربطها بالعملية الانتخابية. كما عارض الاقتراح وزير الدولة نقولا تويني والوزير علي قانصو. واعتبر تويني أنه لا يجوز تنفيذ قانون الانتخاب في شكل جزئي، بل في شكل شامل، وإلا سيضطرنا الأمر للعودة إلى مجلس النواب لأخذ موافقته. ورأى أن طبع البطاقة لجزء من اللبنانيين وعدم طبعها لآخرين يناقض مبدأ المساواة بين المواطنين، فضلاً عن أن عدد البطاقات المنوي طبعها غير واضح وغير دقيق وتقريبي. إلا أن الوزير باسيل لم يمانع السير باقتراح المشنوق (مع رفضه التسجيل المسبق). وأوضحت المصادر أن الرئيس الحريري اكتفى إزاء المعارضة التي لقيها الاقتراح بالدعوة إلى ترك الأمر لاجتماع اللجنة الوزارية اليوم. وإزاء قول باسيل باعتماد البطاقة البيومترية في الانتخابات، شدد خليل على أن هذه الانتخابات ستجرى في موعدها بهذه البطاقة أو من دونها، باعتماد بطاقة الهوية الحالية أو جواز السفر. وطُلب إلى الوزراء التكتم على ما دار من سجال. وأثار عدد من الوزراء تأخير تعيين عدد من الموظفين في عدد من الوزارات بحجة غياب التوازن الطائفي للناجحين في امتحانات مجلس الخدمة المدنية، ومنهم حمادة الذي أشار إلى عدم تعيين 207 أساتذة في وزارة التربية، ووزير الزراعة غازي زعيتر إلى عدم تعيين حراس للأحراج، ولفت وزير العمل محمد كبارة إلى عدم تعيين محاسبين للسبب ذاته. وطلب حمادة أن يسجل في محضر الجلسة التوصية التي صوت عليها البرلمان في جلسته الأخيرة، وتنص على أن المناصفة بين المسيحيين والمسلمين تبقى محصورة بمناصب الفئة الأولى، أما الفئات الأخرى فإن التعيين فيها يخضع لنتائج المباريات التي يجريها مجلس الخدمة المدنية. ولم يغب عن الجلسة السجال بين وزراء «التيار الوطني» وحزب «القوات» الذي بدأ بطلب وزير الإعلام ملحم رياشي الإسراع بتعيين مجلس إدارة جديد ل «تلفزيون لبنان»، وقال إن التأخير يستدعي إيجاد مخرج لصرف الرواتب للعاملين فيه ولسداد ما عليه من ديون واشتراكات للضمان الصحي. واعتبر أن عدم توفير المال يؤدي إلى إقفاله، ورد وزير العدل سليم جريصاتي مقترحاً تعيين حارس قضائي لإدارته بصورة موقتة، لكن رياشي رفض اقتراحه لأنه لا يستطيع أن يحل مكان مجلس إدارته في قرار كهذا. المشنوق والنازحون وكان وزير الداخلية نهاد المشنوق التقى ممثلة مفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان ميراي جيرار واعتبر «أن تبسيط تسجيل الولادات السورية الحديثة يساعد في تأمين تنظيم أفضل لوجود النازحين وتسهيل عودتهم حين تتوافر ظروف العودة الآمنة ضمن المعايير الدولية». وأثنت جيرار على «تعاون دوائر وأجهزة وزارة الداخلية وخصوصاً المديرية العامة للأمن العام. وسمعت من المشنوق «أن جهوداً تبذل على صعيد اللجنة الوزارية المعنية بموضوع النازحين لتوحيد الآراء ووضع رؤية مشتركة تتناول الأطر الأساسية للتعاطي مع هذا الملف الشائك».