أعلنت الهيئة المديرة للدورة الثامنة والعشرين من أيام قرطاج السينمائية المزمع تنظيمها من 4 إلى 11 تشرين الثاني/ نوفمبر القادم، تفاصيل برمجتها، التي قلصت عدد الأفلام المشاركة وفي الآن ذاته ضاعفت قيمة الجوائز المالية ل «التانيت»، كما أعادت مسابقة الفيلم الوثائقي الطويل وأحدثت قسماً للوثائقي القصير. واختار القائمون على هذا المهرجان الأفريقي- العربي الأعرق (أسس سنة 1966) فيلم رشيد لافتتاح هذه الدورة... هذا العمل، الذي يشارك المنتج التونسي الحبيب عطية في إنتاجه، يجسد بطولته الفنان السوري غسان مسعود والممثل المصري عمرو واكد. ويصور المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي في تجربته السينمائية «كتابة على الثلج» الانقسام الأيديولوجي والفكري والسياسي في فلسطين والمنطقة العربية وتأثير التطرف الديني في مصالح شعوبنا حيث يكون المحتل المستفيد الأول من هذا الانقسام. زحام الأفلام التونسية وتشهد هذه الدورة الثامنة والعشرين من قرطاج زحاماً في المشاركات التونسية مقارنة بالدورات السابقة، حيث تسجل «الأيام» حضور 37 فيلماً طويلاً و41 شريطاً قصيراً، منها 10 أفلام موزعة على المسابقات الرسمية. ويتفرد فيلما كل من سلمى بكار «الجايدة» وشريط الطيب الوحيشي «همس الماء»، بالحصص الخاصة (وهي العروض الرسمية خارج المسابقة)، فيما تُعرض بقية الأعمال في قسم «نظرة على السينما التونسية». ويتنافس على جوائز «التانيت» في أيام قرطاج السينمائية لهذه الدورة 14 فيلماً روائياً طويلاً، هي: «في انتظار عودة الخطاطيف» لكريم موسوي من الجزائر، و «شيخ جاكسون» لعمرو سلامة من مصر، و «قطار الملح والسكر» لسينيوا زيفيدو من الموزمبيق، إلى جانب العمل السوري «مطر حمص» لجود سعيد، والفيلم اللبناني الذي صنع الحدث أخيراً «القضية 23» لزياد دويري. ويشارك المغرب في هذه المسابقة بفيلمين هما «ضربة في الرأس» لهشام العسري و «وليلي» لفوزي بنسعيدي. ويمثل فيلم «الأسلحة الخارقة» للمخرج جان بيار بكولو الكاميرون، فيما تخوض السنغال المنافسة بشريط «فيليسيتي» لآلان غوميس، وتنضم بوركينا فاسو لهذه المسابقة بشريط «ولاي» لبرني قولدبلات، وجنوب أفريقيا بشريط «المتعلمون» لجون ترنقوف. وتمثل الأفلام الثلاثة المتبقية في هذه القائمة تونس، وهي: «على كف عفريت» لكوثر بن هنية (صاحبة التانيت الذهبي للدورة المنقضية)، «شرش» لوليد مطر و»مصطفى زاد» لنضال شطا. لجان التحكيم الثلاث يترأس الفرنسي جاك دورفمان لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الروائية الطويلة والقصيرة، وذلك بعضوية كل من الفنانة التونسية ربيعة بن عبد الله، الأرجنتيني بابلو سيزار، الكاميرونية فيليستي واسي، صاحب فيلم «أغنية الحجارة» المخرج الفلسطيني ميشال خليفي، السيناريست والمخرج السينغالي الفرنسي ماما كيتا، والسينمائي المغربي حسن بن جلون. أما لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة والقصيرة فيترأسها السيناريست البلجيكي تيري ميشال، وتضم في عضويتها: الناقد السينمائي السينغالي بابا ديوب، المخرجة المصرية جيهان الطاهري، مدير التصوير التونسي طارق بن عبد الله والناقد الأميركي جيرار بيري. أما وزير الاقتصاد والمالية السابق في تونس حكيم بن حمودة، وهو أحد قدامى الجامعة التونسية للسينمائيين الهواة، فيترأس لجنة تحكيم مسابقة العمل الأول الطاهر شريعة، بعضوية المخرجة المصرية هالة لطفي والممثلة السينغالية رخية نيونغ. ... والجزائر ضيف شرف وفي قسم السينما تحت المجهر، اختارت الهيئة المديرة لأيام قرطاج السينمائية 4 دول لتكون ضمن قائمة ضيوف شرفها، وهي: الجزائر، جنوب أفريقيا، كوريا الجنوبية والأرجنتين، وذلك ببرمجة عدد من التجارب السينمائية المنتجة من قبل هذه الدول مع عرض أفلام أخرى من أميركا اللاتينية وآسيا وسينماءات العالم، على غرار الفيلم التركي «الممرضة» للمخرجة دلاك كولاك والفيلم الإيطالي «رزينا» لرينزو كاريونيرا وشريط الفنلندي أكي كورسماكي «الوجه الآخر للأمل». عياد: لتجديد يستعيد عراقة القديم في كلمته الافتتاحية للإعلان عن تفاصيل الدورة 28 لأيام قرطاج السينمائية، تساءل المدير الجديد للمهرجان المنتج نجيب عياد: «ماذا نستطيع أن نقدم للمهرجان الذي أعطى الكثير؟، فأيام قرطاج السينمائية كبرت وأخذت إشعاعا أكبر، لكن للأسف بدأت في السنوات الأخيرة تبتعد من مسارها»، موضحاً ل «الحياة» أن «الأيام» هي في الأساس منصة لدفع السينما العربية والأفريقية حتى تأخذ حيزاً مكانياً وقيمة على المستوى العالمي، كما أنها فتحت المجال منذ السبعينات أمام السينما الأسيوية وأميركا اللاتينية وحان الوقت للعودة إلى هذه الهوية والخصوصية. وشدد المدير الذي اختير مبدئياً لتحمّل مسؤولية الدورتين ال28 وال29 لأيام قرطاج السينمائية، على ضرورة «عودة المهرجان إلى روحه النضالية»، فهو لم يؤسس للاستعراض والحفلات، قائلاً: «نتطلع إلى إعادة الانسجام بين الأهداف الحقيقية للمهرجان والأهداف الراهنة (البعد ذاته مع اختلاف الزمن)، من خلال الحس والنفس والقدرة على خلق المد النضالي، فنحن لسنا أصولياً نرجع للسلف، لكن يجب أن نعود إلى ثوابتنا السينمائية». عودة أفريقية؟ وعما يتداول حول تهميش السينما الإفريقية في العقد الأخير ضمن برمجة مهرجان قرطاج السينمائية، بيّن نجيب عياد ل «الحياة» أن للمسألة جانباً موضوعياً وآخر ذاتيّاً، «ففي السنوات الخمس عشرة الأخيرة عرفت السينما الأفريقية تراجعاً على مستوى الإنتاج مقارنة بالسينما المغاربية والعربية القادمة من الشرق، لذلك من المهم خلق نوع من التواصل بين العرب والأفارقة في المهرجان»، مضيفاً أن هذا من أولوياته القصوى وستكون الأعمال الأفريقية ذات المستوى الجيد حاضرة في الدورة ال28 لأيام قرطاج السينمائية (أفريقيا الفرنكوفونية وأفريقيا الشرقيةوالجنوبية، أي المتكلمة بالغتين الإنكليزية والبرتغالية)، «وبالنسبة إلى البعد الذاتي، أنه سابقاً لم يكن هناك بحث معمق في خيارات السينما الأفريقية، وفي هذه الدورة بحثنا جيداً، ومن حسن حظنا أن هناك إنتاجاً غزيراً نسبياً على مستوى أفلام أفريقيا الغربية والجنوبية». وفي لقائه مع «الحياة»، أكد مدير أيام قرطاج السينمائية أن لجنة اختيار الأفلام التزمت بتصوره للمهرجان المتعلق بقيمة الأفلام المبرمجة على مستوى الجودة الفنية والنفس النضالي في رسائلها الإبداعية. وأرجع محدثنا اختياره الفيلم الفلسطيني «كتابة على الثلج» لافتتاح الدورة 28 لأيام قرطاج السينمائية في 4 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، إلى قيمة الفيلم على المستوى الفني ونفسه النضالي المتماشي مع أهداف المهرجان، «كما كان من الضروري اختيار فيلم عربي لهذه الدورة وأفريقي للدورة القادمة»، التي يترأسها كذلك بعد أن افتتح فيلم تونسي (زهرة حلب) الدورة المنقضية. وعن مضاعفة القيمة المادية لجوائز «التانيت» وإحداث مسابقة للفيلم الوثائقي القصير وإعادة برمجة قسم خاص بالوثائقي الطويل، قال نجيب عياد أن هذه التحويرات ستشجع الشباب أكثر على المشاركة في المهرجان، كما أن القيمة المالية للجوائز مهمة جداً لتسويقه وجذب صناع السينما للتنافس على جوائزها وسيقع الترفيع أكثر في قيمة الجوائز خلال الدورة التاسعة والعشرين (2019).