نشرت مؤسّسة الإحصاء الكنديّة «ستاتستيك كندا» بيانات عن الإحصاء السكاني الأخير لعام 2016، أظهرت أن مفهوم العائلة التقليدي تغيّر في شكل أساسي منذ قيام الاتحاد الكندي وحتى اليوم. وأكدت أن نموذج العائلة التي كانت مكوّنة من أب وأم وأولاد تراجع وأصبح شيئاً من الماضي. تورد «ستاتستيك كندا» إنه في عام 1871 كان متوسّط الأسرة الواحدة 5.6 شخص، وقد انخفضت هذه النسبة تدريجاً لتصبح 2.4 عام 2016. كما أن عائلة من اثنتين كانت تعيش من دون أولاد، وارتفع عدد العائلات بلا أطفال إلى 7.2 في المئة، وزاد عدد العائلات ذات الطفل الواحد إلى 8.6 في المئة. وارتفع عدد الأزواج إلى ثلاثة أضعاف منذ تشريع الزواج المثليّ في البلاد عام 2005، وعلى رغم تسجيل بعض التباطوء العام الماضي. كما أظهر الإحصاء أنّ الكنديّين الذين ينهون مراحل الدراسة الثانوية أو الجامعية، وهم بين سن ال20 وال34، يغادرون منازل ذويهم. كذلك يشير إلى إرتفاع «لا سابق له» في أعداد غير المتزوّجين. وأصدرت هيئة الإحصاء الكندية هذا العام بيانات ملحقة للعام الماضي، أكدت أن نسبة الأسر المكوّنة من شخص واحد وصلت إلى ذروتها، وشكلت 28.2 في المئة لدى الأسر كلها، وهي الأعلى منذ تأسيس البلاد في عام 1867، علماً أن الأسر ذات الفرد الواحد لم تتعدَ عام 2001 ال7 في المئة. وتشير البيانات الإحصائية إلى أن تراجع مفهوم العائلة التقليدي ارتبط تاريخياً ولا يزال بتغيّر العوامل الاجتماعية والاقتصادية والديموغرافية وتطورها، وإعادة توزيع الدخل والمعاشات التقاعدية وتزايد حضور المرأة في سوق العمل وتنامي الفئات المعمّرة وزيادة متوسّط العمر وتحسن مستويات المعيشة، فضلاً عن ظاهرتي الانفصال والطلاق. على صعيد آخر، يبدو أن عادات العائلة الكندية بوجهيها التقليدي والمعاصر أرخت بأثقالها على الأسر اللبنانية المقيمة في مقاطعة كيبيك. فظاهرة انفصال الأزواج المنتشرة بين الكنديين أمر شائع، إذ ينتهي كل زواج من اثنين بالانفصال، وفق النشرة السنوية لوزارة الشؤون الاجتماعية. ولئن كان هذا الأمر مألوفاً لدى الكنديين، فإنه لم يعد مستنكراً أو نادر الحدوث في الأعراف والتقاليد اللبنانية الاغترابية، إذ باتت عدواه تصيب عدداً من أبناء الجالية وتهدّد وحدة العائلات المقيمة والوافدة على السواء. ومرّد ذلك اعتبارات عدة بينها أنّ بعض الأزواج لا سيما المرأة تسيء فهم الحرية الشخصية وحدودها المتوافرة في المجتمع الكندي، وتظن أنها تعيش في دولة النساء وأن لها الكلمة الفصل في أي خلافات زوجية أو عاطفية أو عائلية أو مهنية، أو أن يستسهل كلاهما فسخ الحياة الزوجية أو أن يستفيق متأخراً للثأر من زواج فاشل من دون التبصّر بما تخلّفه مثل هذه التصرّفات المتهورة، من نتائج وخيمة تصيب الجميع لا سيما الأطفال. وخلافاً لهذه الظاهرة السلبية، ثمة وجه إيجابي لبناني مغاير لتقاليد العائلة الكندية، التي ما إن يبلغ أحد أفرادها سن الثامنة عشرة حتى يحضونه على مغادرة المنزل ويدعونه يتحمّل أعباء الحياة بمفرده. أما أدبيات العائلة اللبنانية المقيمة أو الاغترابية وتقاليدها، فتتجلى في وحدة أبنائها واحتضان البالغين منهم، وأحياناً مع أزواجهم وزوجاتهم داخل الأسرة الواحدة يتقاسمون الحياة بحلوها ومرها. أما سوى ذلك، فيبدو أن العائلة اللبنانية تسير تدريجاً على خطى مثيلتها الكندية، وبنسبة متقاربة أحياناً كالتأخر في الزواج والاستغناء عنه والمساكنة وتحديد النسل واكتفاء الزوجين بطفل واحد، والزواج المثلي.