أعلن ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء السعودي رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أمس، عن إطلاق مشروع «نيوم»، وسيعمل على جذب الاستثمارات الخاصة والتوظيفات والشراكات الحكومية. كما سيُدعم بأكثر من 500 بليون دولار خلال الأعوام المقبلة من قبل «صندوق الاستثمارات العامة»، إضافة إلى المستثمرين المحليين والعالميين. وأوضح ولي العهد خلال إعلانه عن المشروع، أن «منطقة «نيوم» ستركز على تسعة قطاعات استثمارية متخصصة تستهدف مستقبل الحضارة الإنسانية، وهي مستقبل الطاقة والمياه والتنقل والتقنيات الحيوية والغذاء والعلوم التقنية والرقمية والتصنيع المتطور، ومستقبل الإعلام والإنتاج الإعلامي والترفيه، ومستقبل المعيشة الذي يمثل الركيزة الأساس لبقية القطاعات، بهدف حفز النمو والتنوع الاقتصادي، وتمكين عمليات التصنيع، وابتكار الصناعة المحلية وتحريكها على مستوى عالمي». ولفت إلى أن «كل ذلك سيؤدي إلى إيجاد فرص عمل، والمساهمة في زيادة الناتج المحلي الإجمالي للمملكة». وتمتاز منطقة المشروع بخصائص مهمة، أبرزها الموقع الاستراتيجي الذي يتيح لها أن تكون نقطة التقاء تجمع أفضل ما في المنطقة العربية وآسيا وأفريقيا، وأوروبا وأميركا. وتقع المنطقة شمال غرب المملكة على مساحة 26500 كيلومتر مربع، وتطل من الشمال والغرب على البحر الأحمر وخليج العقبة بطول 468 كيلومتراً، ويحيط بها من الشرق جبال بارتفاع 2500 متر، يُضاف إلى ذلك النسيم العليل الذي يساهم في اعتدال درجات الحرارة فيها. كما ستتيح الشمس والرياح لمنطقة المشروع الاعتماد الكامل على الطاقة البديلة. ومن الأساسات التي يقوم عليها مشروع «نيوم» إطلالته على ساحل البحر الأحمر، الذي يُعد الشريان الاقتصادي الأبرز، والذي تمرُّ عبره 10 في المئة من حركة التجارة العالمية. كما يُعدّ الموقع محوراً يربط القارات الثلاث، آسيا وأوروبا وأفريقيا، إذ يمكن 70 في المئة من سكان العالم الوصول إلى الموقع خلال 8 ساعات حداً أقصى. وهذا يتيح إمكان جمع أفضل ما تزخر به مناطق العالم الرئيسة على صعيد المعرفة والتقنية والبحوث والتعليم والمعيشة، والعمل. كما سيكون الموقع المدخل الرئيس لجسر الملك سلمان، الذي سيربط بين آسيا وأفريقيا، ما يعزز من مكانته وأهميته الاقتصادية. وسيشتمل مشروع «نيوم» على أراضٍ داخل الحدود المصرية والأردنية، حيث سيكون المنطقة الأولى الخاصة الممتدة بين ثلاث دول. كما أن عنصر التمويل والقدرة المالية، هو أحد أهم مقومات المشروع الذي سيعتمد على الاقتصاد السعودي في شكل رئيس، ويقف خلفه صندوق الاستثمارات العامة، الذي تحول أخيراً إلى صندوق عالمي رئيس بإمكانات استثمارية ضخمة، والوصول إلى شبكة واسعة من المستثمرين والشركات في كل أنحاء العالم، والتي ستُوظّف لإنجاح المشروع. وسيكون مشروع «نيوم» مثابة نقطة ربط للمحاور الاقتصادية، ما يجذب رؤوس الأموال والاستثمارات العالمية إليه، وبالتالي حصول الصندوق على المدى الطويل على عائدات ضخمة ستساهم في تعزيز اقتصاد المملكة، وتحقيق أرباح عالية للمستثمرين. كما سيحد المشروع من تسرب الأموال إلى خارج المملكة، ويهدف إلى أن يكون إحدى أهم العواصم الاقتصادية والعلمية العالمية. ويُعتبر استقطاب المستثمرين العالميين إلى المنطقة وإشراكهم في تطويرها وتنميتها وبنائها من قبلهم ولمصلحتهم، أحد المُمكِّنات الرئيسة لنجاح هذا المشروع وأهم عناصره الجاذبة، التي تساعدهم على النمو والازدهار في أعمالهم. يؤكد على ذلك المرونة العالية لصياغة الأنظمة والتشريعات من قبل المستثمرين، التي تعزز الابتكار التقني والمجتمعي وفقاً لأفضل الممارسات العالمية، إذ أن أنظمة منطقة المشروع مستقلة عن أنظمة المملكة في ما عدا السيادية منها. وقال ولي العهد: «ستُبنى منطقة «نيوم» من الصفر على أرض خام، ما يمنحها فرَصاً استثنائية تميزها عن بقية المناطق التي نشأت وتطورت عبر مئات السنين». وأضاف «سنغتنم هذه الفرصة لبناء طريقة جديدة للحياة بإمكانات اقتصادية جبارة. وتشمل التقنيات المستقبلية لتطوير منطقة «نيوم» مزايا فريدة، يتمثل بعضها بحلول التنقل الذكية بدءاً من القيادة الذاتية وحتى الطائرات الذاتية القيادة، والأساليب الحديثة للزراعة وإنتاج الغذاء، والرعاية الصحية التي تركز على الإنسان وتحيط به من أجل رفاهيته، والشبكات المجانية للإنترنت الفائق السرعة أو ما يُسمى ب»الهواء الرقمي»، والتعليم المجاني المستمر على الإنترنت بأعلى المعايير العالمية، والخدمات الحكومية الرقمية المتكاملة التي تتيح الخدمات للجميع بمجرد اللمس». وأشار أيضاً إلى «معايير جديدة لكود البناء من أجل منازل خالية من الكربون، وتصميم إبداعي ومبتكر لمنطقة «نيوم» تحفز على المشي واستخدام الدراجة الهوائية تعززها مصادر الطاقة المتجددة». واعتبر أن «كل ذلك سيوجد طريقة جديدة للحياة تأخذ في الاعتبار طموحات الإنسان وتطلعاته، وتطبيق أحدث ما توصلت إليه أفضل التقنيات العالمية». ويتطلع مشروع «نيوم» إلى تحقيق أهدافه الطموحة، بأن تكون المنطقة من الأكثر أمناً في العالم إن لم تكن الأكثر، وذلك عبر توظيف أحدث التقنيات العالمية في مجال الأمن والسلامة، وتعزيز كفاءات نشاطات الحياة العامة، من أجل حماية السكان والمرتادين والمستثمرين. كما ستتم أتمتة الخدمات المقدمة والإجراءات فيها بنسبة 100 في المئة، كي يصبح مشروع «نيوم» الأكثر كفاءة حول العالم، وبالتالي يتم تطبيقها على كل النشاطات كالإجراءات القانونية والحكومية والاستثمارية وغيرها. بل ستخضع المنطقة لأعلى معايير الاستدامة العالمية، وستكون المعاملات والإجراءات والمرافعات فيها إلكترونية من دون ورق. وسيُطبّق مفهوم القوى العاملة للاقتصاد الجديد، الذي يعتمد على استقطاب الكفاءات والمهارات البشرية العالية للتفرغ للابتكار وإدارة القرارات وقيادة المنشآت. أما المهمات المتكررة والشاقة، فسيتولاها عدد هائل من الروبوتات والتي قد يتجاوز عددها تعداد السكان، ما يجعل الناتج المحلي للفرد في المنطقة هو الأعلى عالمياً.