لم تعد كندا كما كانت من قبل، بلد الهجرة المفتوحة أمام الوافدين، بصرف النظر عن ظروفهم الاجتماعية أو الامنية أو الاقتصادية أو ما يرمون إليه من مجرد حصول على الجنسية والاستفادة من الخدمات المجانية. فقد طرأت تعديلات جوهرية على أنظمة الهجرة وباتت تقضي بانتقاء المهاجرين وفق آليات وتصنيفات جديدة تحدد أعدادهم وأعمارهم ومستوياتهم العلمية واللغوية وخبراتهم المهنية. أي بمعنى أدق تقوم دوائر الهجرة بمنح تأشيرات بشكل حصري لفئة الشباب (18– 29 عاماً) القادرين على المساهمة في تنمية دولة الرفاه، وتطوير عملية الإنتاج، وضخ الاقتصاد الكندي بدم فتي، ما يخفف عبء الضرائب عن كاهل الكنديين. وبحسب معهد «فريزر» للأبحاث، يدفع المهاجرون ضرائب أقل من الكنديين بحوالى النصف، ويمكنهم أن يصححوا الخلل في المعادلة الديموغرافية بما يؤمن تخفيض عدد المسنين وزيادة ولادة الأطفال. وتشير «ستاتيستيك كندا الرسمية لعام 2016 إلى أن عدد الكنديين البالغين 65 عاماً وما فوق تجاوز 6 ملايين، أي حوالى 20 في المئة من إجمال السكان، وأن عدد الأطفال دون 14 عاماً انخفض إلى أقل من5.8 مليون، أي بمعدل 16.6 في المئة. ويختصر الباحث في معهد «فريزر» هربرت غروبل مجمل تلك «التحديات» بعبارة موجزة: «كندا ليست جمعية خيرية لجمع بقية العالم». «إنتري إكسبرس - Entry Express» نموذجاً معلوم أن تغيير أو تعديل قوانين الهجرة الكندية يرتبط عادة بأجندة الحزب الفائز في الانتخابات النيابية، فحين وصل حزب الليبرالي الفيدرالي إلى الحكم عام 2015، اعتمدت وزارة الهجرة نظاماً شكل سابقة في تاريخ الهجرة الكندية حيث أتاح للوافدين الجدد فتح حساب على موقعها الإلكتروني وتسجيل وثائقهم المطلوبة كافة تمهيداً لانتقاء المرشحين الذين استوفوا شروط القبول في مدة زمنية قصوى لا تتجاوز ستة أشهر. ويشتمل نظام الهجرة السريع على ثلاثة برامج هي: - «العمالة الماهرة» كأن يكون المرشح قد عمل مدة عام كامل في السنوات العشر الأخيرة من دون أن تحتسب ساعات العمل التطوعية وإلا تتدنى درايته بإحدى اللغتين الرسميتين السائدتين في كندا، الفرنسية والإنكليزية، عن مستوى الصف السابع الثانوي الكندي وأن يمتلك مالاً يكفيه للاتفاق والمصاريف الشخصية. - «الحرف الماهرة» ويقضي بأن يكون لدى المرشح حرفة في الزراعة أو الصيانة أو الطهي أو الصناعة أو البناء، ولديه في إحدى هذه الحرف عقد عمل مسبق لدى مؤسسة كندية خاصة أو رسمية، علماً أن هذا البند لم يعد إلزامياً، نظراً لصعوبة الحصول عليه وإنما يبقى مرجحاً لصالح المرشح. - «الخبرة الكندية». كان هذا الشرط سابقاً تعجيزياً، ولم يعد معمولاً به اليوم بعد أن تم الاعتراف بالخبرات الأجنبية المكتسبة خارج الأراضي الكندية. ويتضمن برنامج الهجرة السريعة خطوات رئيسية لاختيار المهاجرين الجدد وقبولهم وتحديد فرص العمل المطلوبة، ومن أهمها: إعطاء المرشح كوداً رقمياً والزامه بفتح حساب على الموقع الإلكتروني الكندي وضم المستندات المطلوبة كافة إلى ملفه الشخصي تمهيداً للاطلاع علية واحتساب معدل النقاط المؤهل للنجاح (مثلاً يحسب معدل العمر بين 19 و29 سنة ب110 نقاط). وبناء على هذه المعلومات، فقد تم مثلاً قبول 6 آلاف طلب عام 2016 بعد مقارنتها مع الطلبات الأخرى وجرى اتصال بالمتقدمين الحاصلين على أعلى معدل من النقاط لاستكمال ما تبقى لهم من معلومات إضافية كالسيرة الذاتية والشهادات العلمية والمهنية وكشف طبي ووثيقة أمنية من السلطات المختصة، وهو إجراء احتياطي لم يكن معمولاً به من قبل وإنما تحسباً من تسلل أشخاص إرهابيين، وشهادة مصرفية تثبت أن في حوزة المهاجر مبلغاً محدداً من المال كي لا يستفيد من مخصصات مكتب المساعدات الاجتماعية. أما فرص العمل المتاحة أمام مرشحي العام 2017، فحددها البرنامج على الشكل التالي: محلل مالي 446 شخصاً، مدقق حسابات ومحاسب 494، مبيعات 696، أستاذ جامعي 745، مبرمج حاسوب ومدرب ويب 935، مهندس برمجيات 940، محلل نظم معلومات 1255، طباخ 2295. وبحسب برنامج «إنتري إكسبرس» يحصل المرشح المقبول للهجرة إلى كندا على عدد من الفوائد، أهمها السرعة القصوى في البت بطلبه واختزاله من عدة سنوات إلى 6 أشهر. والحصول على الإقامة الدائمة التي تجعل المهاجر الجديد مواطناً كامل الأهلية في الاستفادة من الخدمات والتقدمات والاجتماعية ما عدا حق الانتخاب الذي يحظى به بعد أداء قسم المواطنة وحيازته لجواز السفر الكندي. أما وزير الهجرة الكندي أحمد حسين فوصف البرنامج بأنه شكل ثورة لصالح المهاجرين الشباب من أصحاب المؤهلات العلمية والكفاءات المهنية وفتح أمامهم فرص ثمينة لولوج سوق العمل بسرعة قياسية.