المنامة - رويترز - في البهو الرخامي ل «فندق الخليج»، أحد أفخم فنادق البحرين، يفوق عدد العاملين الذين يرتدون زياً أنيقاً ويبتسمون في أدب جم، عدد النزلاء. وتسهل ملاحظة غياب سيارات سعودية كانت تصطف عادة في الخارج. وشلت الاحتجاجات اقتصاد البحرين، الجزيرة الهادئة والصديقة للنشاطات المالية. وأغلق «فندق الخليج» بعض أداوره وقلص ساعات عمل المطاعم، بينما بدأ عاملون إجازات طوعية. وقال المدير التنفيذي ل «مجموعة فنادق الخليج» عقيل رئيس لوكالة «رويترز»: «انخفضت نسبة الإشغال بما يزيد عن 90 في المئة إلى ما بين 25 و30 في المئة تقريباً، وتأثر بالتالي عملنا كثيراً في المجالات كلها. الجميع في البحرين تأثروا، والانتعاش سيحتاج إلى وقت، لأن كل النشاطات المزمعة والمؤتمرات والمعارض والاجتماعات أُجلت أو أُلغيت». وقال رئيس «الجمعية البحرينية للفنادق والمطاعم» أحمد سند: «لم تضر الاحتجاجات بنا فحسب بل بالاقتصاد برمته، فنسبة الإشغالات نزلت من مئة في المئة تقريباً إلى 30 في المئة. ليس في أيدينا أي شيء... الأعمال تتكبد خسائر». واستطرد قائلاً: «إذا جذب كل طرف الحبل في اتجاه، سنعاني كلنا. يجب أن نقدّم جميعاً تنازلات أو نكون جميعاً من الخاسرين». وتلقت صناعة الفنادق في البحرين، التي تعتمد على جدول منتظم من المؤتمرات الاقتصادية والمالية، ضربةً موجعة. وتمثل الفترة ما بين شباط (فبراير) وأيار (مايو) موسم ذروة في الخليج، حيث تحول درجات الحرارة دون ممارسة أي نشاطات في الهواء الطلق خلال فصل الصيف. وأُلغي «مهرجان ربيع الثقافة» الذي كان مقرراً هذا الشهر. وأُلغي السباق الافتتاحي لموسم بطولة العالم لسباقات «فورمولا واحد» للسيارات الذي يجتذب أكثر من 40 ألف زائر سنوياً وكان مقرراً تنظيمه هذا الشهر. وكان لهذا التأجيل تداعيات على قطاعات الاقتصاد كلها. يقول المدير العام لمطعم «كورال بيتش كلوب» شادي سليمان وهو يجلس في شرفة المطعم، فيما تتمايل اليخوت الراسية عند رصيف الميناء مِن خلفه، أن ليس في وسع المطعم أن يصمد أكثر من ذلك بعدما تراجع نشاطه أكثر من 70 في المئة وإلغاء سباق «فورمولا واحد». وأضاف: «نقيم ثلاث حفلات للفورمولا واحد... كان يحضر كل منها أربعة آلاف شخص. ويُحجز هذا النوع من الحفلات مقدماً، لذلك دفعنا المستحقات». وفي وقت الغداء في أحد أيام الإثنين، كانت طاولتان أو ثلاث فقط مشغولة. وأُلغي البوفيه اليومي لقلة الطلب. وفي أيام الإثنين المعتادة، كان سليمان يتوقع أن يصل عدد رواد المطعم في فترة الغداء إلى ما بين 80 ومئة شخص. ويعتمد «فينوس» مثل «كورال بيتش» على الزوار الأجانب في أكثر من نصف نشاطهما، لكن هذا المصدر جف الآن. وتوقف في الأسابيع الماضية تدفق السائحين من السعودية الذين يحضر 35 ألف شخص منهم في عطل نهاية الأسبوع، فالأسبوع الماضي لم تعبر سوى بضع سيارات جسر الملك فهد الذي يربط البحرين بالسعودية، في تباين صارخ مع الحال في السنوات القليلة الماضية، حيث كان يمكن أن ينتظر الزوار لساعات للعبور مع تكدس حركة مرور. ورسَّخت البحرين قدميها كمركز مالي للخليج خلال الثمانينات عندما غادرت مصارف كبرى تدير ثروة المنطقة بيروت بسبب الحرب الأهلية اللبنانية. ويمثّل القطاع المالي البحريني نحو ربع الناتج المحلي الإجمالي ويعلب دوراً رئيساً في جهود الحكومة الرامية إلى تأمين وظائف وتنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط. وإلى جانب كوالالمبور، قدمت المنامة نفسها مركزاً رئيساً لصناعة التمويل الإسلامي التي يبلغ حجمها في العالم تريليون دولار. لكن أكثر من شهر من الاحتجاجات، دفع مؤسستي «فيتش» و»ستاندارد أند بورز» الى خفض التصنيف الائتماني للديون السيادية للبحرين التي كانت يوماً العاصمة المالية للخليج. وهبط الدينار البحريني إلى أقل مستوى في سنوات في سوق العقود الآجلة الأربعاء ما قبل الماضي، عندما فضت الحكومة الاعتصام الرئيس في «دوار اللؤلؤة» وأُجبر المصرف المركزي على الانتقال مؤقتاً إلى مقر بديل. وأغلقت مصارف فروعها لفترة قصيرة. وقال أكرم مكناس، وهو رجل أعمال لبناني يملك 75 مكتباً في أرجاء العالم العربي وتتخذ كل شركاته من البحرين مقراً لها، إن الاحتجاجات كانت مفاجأة كبيرة. وتعمل شركته للعلاقات العامة في العالم العربي، وتضررت في البداية بثورتي تونس ومصر. وأضاف: «تضررت أعمالنا كلها في البحرين، التي أثرت في باقي الخليج. لدينا مكاتب في السعودية والإمارات».