تستعد «قوات سورية الديموقراطية» المدعومة من واشنطن والتي طردت تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش) من معقله الأبرز سابقاً في سورية، لتسليم مدينة الرقة الى مجلس مدني لإدارة شؤونها. وأفادت صحافية في وكالة «فرانس برس» أمس (الخميس)، بأن بعض المواقع العسكرية التي انتشرت فيها «قوات سورية الديموقراطية» خلال الأسابيع الماضية بعد السيطرة عليها، خلت من المقاتلين، ما يؤشر إلى تخفيف الوجود العسكري في المدينة المدمرة بدرجة كبيرة. وأعلنت «قوات سورية الديموقراطية»، تحالف الفصائل الكردية العربية المدعومة من واشنطن، الثلثاء الماضي سيطرتها بشكل كامل على مدينة الرقة بعد طرد عناصر التنظيم من آخر نقاط تمركزهم وتحديداً المشفى الوطني والملعب البلدي ودوار النعيم. ومن دوار النعيم في مدينة الرقة، قالت القيادية في حملة «غضب الفرات» روجدا فلات: «انسحبت بعض القوات، لكن سنبقى موجودين في المدينة حتى ننتهي من عمليات التمشيط القليلة المتبقية، ثم نسلمها إلى مجلس الرقة المدني». وأُنشىء مجلس الرقة المدني الذي يضم وجهاء من أبرز عشائر الرقة وشخصيات سياسية، في نيسان (أبريل) الماضي لإدارة المدينة وريفها، بينما كانت العمليات العسكرية جارية لطرد التنظيم المتطرف من المحافظة. وقال مدير المكتب الاعلامي ل«قوات سورية الديموقراطية» مصطفى بالي: «بعد انتهاء العمليات العسكرية، انتقل قسم كبير من القوات من الرقة إلى مناطق أخرى بينها (محافظة) دير الزور» شرقاً حيث تخوض تلك القوات معارك ضد تنظيم «داعش». ولم تمح آثار حكم المتشددين من مدينة الرقة حتى الآن. وشاهد مراسلو «فرانس برس» جثة على الأرض مزنرة بحزام ناسف ولافتة كتب عليها «انتبه حاجز للدولة الاسلامية». وسيطرت «قوات سوريا الديموقراطية» على كامل المدينة بعد اتفاق برعاية مجلس الرقة المدني سلم بموجبه المئات من عناصر التنظيم أنفسهم إلى تلك القوات. ولا تزال عمليات التمشيط مستمرة في المدينة بحثاً عن عناصر متوارية من تنظيم «داعش» ولتفكيك الألغام التي زرعها المتشددون بكثافة. وقال الناطق باسم «قوات سورية الديموقراطية» طلال سلو أمس إنه لم يعثر حتى الآن على عناصر متوارية من التنظيم المتطرف، مشيراً الى أن التحقيقات جارية مع المستسلمين منهم. وصرح سلو بأنه «تقوم استخبارات تابعة لقوات سورية الديموقراطية بالتحقيق معهم، وبينهم أجانب من جنسيات مختلفة ومقاتلون محليون». في مدينة الرقة التي قدرت الاممالمتحدة الشهر الماضي أن 80 في المئة منها بات غير قابل للسكن، خلت شوارع بأكملها سوى من قطط وكلاب مشردة. وبدا الدمار وحده مسيطرا على المشهد. في الأحياء الواقعة على أطراف المدينة والتي تمت استعادتها في بداية الهجوم، ظهرت أضرار من كل حدب وصوب، بينها منازل مدمرة واخرى انهار سقفها أو خلعت أبوابها. إلا أن المشهد بدا صادماً في وسط المدينة حيث جرت معارك عنيفة جداً للسيطرة على أبنية استراتيجية. وكأن حارات تحولت بأكملها الى أنقاض، فلم يعد ممكنا التفريق بين منزل ومتجر. وبات كل شيء مجرد جبال من الركام: حجارة وأنابيب وأسلاك. عند دوار النعيم الذي استبدل السكان اسمه بدوار الجحيم لكثرة الإعدامات وعمليات الصلب التي شهدها خلال حكم المتطرفين، تجمع العشرات من مقاتلين ومقاتلات «قوات سورية الديموقراطية» بلباسهم العسكري، مواصلين الاحتفال بطرد المتشددين. وأعلنت الناطقة باسم «وحدات حماية المرأة» نسرين عبد الله في مؤتمر صحافي عقدته عند مستديرة الطرق حيث علقت صورة كبيرة للزعيم الكردي عبد الله أوجلان، أن «الرقة تحررت بإرادة المرأة الحرة»، في إشارة الى الدور القتالي الذي لعبته وحدات حماية المرأة الكردية في المعركة. وتلت نسرين بياناً جاء فيه «لقد شاركت وحداتنا في هذه الحرب منذ البداية وحتى الآن وهي مصممة أكثر من أي وقت مضى على المضي قدماً في ملاحقة فلول الإرهاب». وتجمعت قياديات ومقاتلات في صفوف وحدات حماية المرأة الكردية حول عبدالله، ومنهن من زغرد واخريات هتفن: «الشهيد لا يموت». وقادت حملة «غضب الفرات»، وهو الاسم الذي أطلق على العملية العسكرية في الرقة، القائدة العسكرية روجدا فلات. وقالت وحدات المرأة في بيانها: «خضنا جبهات القتال بعزيمة لا تتردد وإرادة لا تلين، حيث وضعنا نصب أعيننا دك حصون الإرهاب في عاصمته وتحرير المرأة من قبضته ورد الاعتبار للمرأة الإيزيدية بتحرير العشرات» ممن احتجزهم التنظيم اثر هجوم واسع في آب (أغسطس) 2014 في منطقة سنجار العراقية. وشاركت في المعارك مقاتلات أيزيديات وعربيات، ضمن التحالف الكردي - العربي الذي تشكل «وحدات حماية الشعب الكردية» عموده الفقري. وأشاد الامين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ أمس باستعادة مدينة الرقة من تنظيم «داعش» واعتبره «انجازاً مهماً» في الحرب ضد المتطرفين. وتشكل السيطرة على مدينة الرقة نكسة كبرى للتنظيم الذي مني في الأشهر الأخيرة بسلسلة خسائر ميدانية في سورية والعراق. وفقد التنظيم، وفق التحالف الدولي بقيادة واشنطن، 87 في المئة من أراضي «الخلافة» التي أعلنها في البلدين في العام 2014.