يؤخذ على مجلس الشورى وأعضائه من مراقبين «بطء الوتيرة»، والغياب عن مواكبة واقع الحال المتجدد والمتسارع، خصوصاً في ظل التحولات الكبيرة في نمطيات التفكير لدى الشباب السعودي في الأعوام الأخيرة، التي لعبت في تشكيلاتها الجديدة عوامل عدة، من أهمها موجات الابتعاث التي أسهمت كثيراً في بلورة فكر الشباب بشكل إيجابي، وبخاصة بعد ما أمضى كثيراً منهم التمعن في التجارب الشبابية في دول الابتعاث، وكذلك حضور الشباب وتفاعله الكبير مع تفاعلات وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي، إضافة إلى التأثر في ما يجري بالدول المتقدمة - مثل دول الاتحاد الأوروبي - التي تعول على دور الشباب فيها كثيراً من خلال المجالس الشعبية لتشكيل وبناء دولها بالطرق الحديثة. وعلى رغم أن المجلس أصدر في دورته الرابعة 1426ه - 1430ه مئات القرارات، التي تناولت في مضامينها قضايا تتعلق بالشباب بلغت 486 قراراً في 318 جلسة، تناولت القضايا التعليمية، والرياضية والوظائف، إلا أنه لم يتطرق للشباب في مجال المشاركة الشوروية وصنع التحولات. نتيجة لذلك، ظهرت أصوات عدة تنادي بتعيين شباب في مجلس الشورى، معتبرين أن مثل هذا الاختيار سيسهم في طرح رؤى موضوعية تلامس واقع الشباب وهمومهم وتطلعاتهم بشكل مباشر، بدلاً من الرؤى التي يقررها ويشرعنها غيرهم، ما جعل هذه الأصوات الشابة تتصاعد اليوم - أكثر من أي وقت مضى - للمطالبة بتمثيل منصف للشباب، ليشكل حضوراً يرتقى بمسؤوليته المتعاظمة في مجلس الشورى. وتشير الأوساط الفاعلة في مجال تنمية الشباب السعودي إلى أن المشاركة الشبابية في مجلس الشورى كان من الضروري أن تكون الشغل الشاغل للمركز الوطني لأبحاث وقضايا الشباب الذي أنشئ عام 2004، كما يرى الكاتب الصحافي فهد الفرحان الذي انتقد أداء المركز، معتبراً أن مجلس الشورى يفترض أن يكون لديه لجنة متخصصة بالشباب تحركها كوادر متخصصة وشابة للتمهيد في اختيار الشباب الفاعل لمشاركتهم في المجلس من طريق الترشيح، بحسب شروط تضمن استمرارية الفكرة بشكل إيجابي، وتكون مهماتها مساعدة أعضاء مجلس الشورى في وضع الحلول واتخاذ القرارات النهائية لهذه الشريحة الكبيرة والمهمة في المجتمع. ويرى الكاتب الصحافي هادي الفقيه الذي يكمل دراساته العليا في القيادة والاتصالات الاستراتيجية في أميركا أن «الفترة الماضية التي مر بها مجلس الشورى كانت تحتاج لأصحاب الخبرات الطويلة، لوضع أرضية صلبة للعمل البرلماني في المملكة، ولكن اليوم لا عذر لإبعاد الشباب عن المجلس، فهم يفهمون لغة الشارع ويمثلونه، في دولة يمثل فيها الشباب من الجنسين 70 في المئة من تعدادها». ويستغرب الفقيه الذي أنهى أخيراً دراسة بحثية عن مستقبل القيادات الشابة، وتمكينهم عبر رؤية وخطة عمل مدة 10 أعوام «أن الاستراتيجية الوطنية للشباب لا يوجد بها حرف واحد عن القيادات الشابة. وفي اعتقادي أن هذا خطأ فادح، ويجب أن ترفع مذكرة بالمشروع تحمل برامج واضحة لتمكين الشباب في المناصب الحكومية وشبه الحكومية، أما إن بقي الوضع على ما هو عليه فلن تسامحنا الأجيال المقبلة، خصوصاً من وضع هذه الاستراتيجية».ويلفت إلى أن «هناك ما يزيد على 165 ألف طالب وطالبة مبتعثاً في دول العالم الصناعية، يحتكون يومياً بنظام حياتي راقٍ ومتطور، ويأملون أن يجدوه في بلادهم، والرقم مرشح للارتفاع حتى 2025، إضافة إلى طلاب الجامعات السعودية، يحتاجون أرضية صلبة تحويهم في كل مناح الحياة، ومن يوفر خدمات ويناقش مشكلات ويسعى للتطوير يجب أن يكون منهم. ومؤمن بقوة أن بوابة مجلس الشورى هي بداية الطريق إلى مؤسسات الدولة الأخرى لتمكين الشباب لقيادة الأمة السعودية الفتية، وضخ دماء جديدة في جسد الوطن لينمو أكثر ويشتد».