خرج الدكتور عبدالله الغذامي عن صمته، إثر ما تعرض له من هجوم من الليبراليين، بعد أن أنكر وجود الليبرالية في السعودية وقال: «لو كنت مستشاراً لليبراليين في تلك الحملة، لقلت لهم لا تهاجموه، بل دعوه يتحدث وقولوا إن من حقه أن يتكلم بما يشاء لتحرجوه أمام المجتمع بأنكم تطبقون مبادئ الليبرالية» لكنهم قوم لا يتقنون الاتصال والتواصل، «وكانوا محروقين مني وتشفوا بي»، في الوقت الذي «كان يجب عليهم أن يتخذوني جسراً للوصول إلى الغير»، وأضاف أنه لا يكره الليبراليين ولا يحبهم «وليست عندي مشكلة معهم أو مع غيرهم». وأكد الغذامي، خلال محاضرته التي ألقاها مساء الثلثاء الماضي، ضمن فعاليات مهرجان عنيزة الثقافي الثالث، أنه لا توجد ليبرالية سعودية، مستنداًً إلى أن منشأها يقوم على مبدأين أساسيين هما حرية التفكير وحرية التعبير، على ألا تكون ضامناً لنفسك بهما، بل يجب أن تتجاوز ذلك لتكفلها لغيرك، وهو ما لا توفره الليبرالية السعودية، بل إنها تمارس دور الإقصاء لكل من يخالفها ختماً بقولة «خوش ليبرالية». وأشار إلى أن الإقصاء قد يمارس في الاتجاه الفكري الواحد، ما ينتج لنا مشهداً ثقافياً سيئاً، مستشهداً بما حدث من هجوم، حين صدرت فتوى رضاعة الكبير على مصدرها، مضيفاً أن خطأ الإسلاميين أضعاف أخطاء الغير، «لأنها تكون مؤلمة، باعتبار أن المجتمع ينظر إليهم بمناظر أدق، في حين أن الاتجاهات الفكرية الأخرى مثل الليبرالية، قد يقال عمن صدر منه رأي بأنه ليبرالي لا راح ولا جاء». ورفض أن يكون ما قاله عن الليبرالية بأنه تقرب من الإسلاميين وقال: «أنا قلت ما أدين الله به، وهو ما سأقوله لديه يوم القيامة». ولم ينف الغذامي عن نفسه تهمة التحول بين الأفكار، مؤكداً أنه يجب على الإنسان أن يغير رأيه متى ما ظهر له الحق وقال إن أكبر خطأ تعلمناه منذ الصغر هو مقولة «الرجال ما يغير كلمته»، وأنا أقول: «إن الرجل الذي لا يغير كلمته حجر»، لافتاً إلى أنه لا يهمه ما يقوله الآخرون عنه، ولا يمانع أن يغير رأيه بين ساعة وأخرى، لأنه يعتمد على ركيزتين أساسيتين في أفكاره، وهي أن يقولها من دون أن يبالي بأحد، وأن يعرضه ولا يفرضه، لذا «انصح الجميع بأن يجعلوا الآخرين يقولون عنه ما يشاؤون ولا يبالي بهم». وأضاف الغذامي، وعليه فأنا لا أمانع من أن أنعت بأنني من المتحولين أو من مغيري الرأي أو المتناقضين لأنني حررت نفسي من هذه المصطلحات منذ القدم». وشدد على أنه يجب على المفكرين أن يكونوا صادقين مع أنفسهم «ومع لحظة اللحظة»، مؤكداً أن أخطر شيء على البشر في دينهم وفكرهم، هو أن يعتقد أن ما هم عليه هو الصواب وأن يصروا عليه. وأشار إلى أن جميع مشكلات الحياة، مردها كلمات تقع بين معنيين يصر كل طرف على أنه الأصح لتحدث بيننا الخصومات. وأكد أن مشكلة الوسط الثقافي ليست في التطرف على أحد الجانبين، بل في التوسط، لأن الكل يدعي الوسطية «حتى صارت مثل الحلم الرومانسي الذي يتمنى كل شخص أن يصل إليه»ً مستشهداً بالسياسيين طيب رجب أردوغان ومهاتير محمد كنماذج إسلامية متوسطة. وكانت المحاضرة التي أدارها الدكتور عبدالرحمن السماعيل شهدت مداخلات كثيرة وحضوراً متنوعاً. يذكر أن ملتقى عنيزة الثقافي اختتم أمس، وكانت فعاليته شهدت معارضة لبعض المشاركين.