القاهرة - رويترز - لا تعتزم جماعة «الإخوان المسلمين» السعي إلى السلطة في انتخابات مصر هذا العام، لكنها تقول إنها لن تقيّد طموحاتها السياسية إلى الأبد، وتريد من الأحزاب العلمانية تنظيم نفسها لتعزيز المنافسة الحقيقية. وقال القيادي في «الإخوان» محمد البلتاجي: «يجب على الجميع أن يتحرك لنصل إلى وقت نصبح كباقي دول العالم فيها 3 أو 4 أحزاب قوية». وأضاف: «هناك بطء في حركة الأحزاب»، مشيراً إلى الناشطين العلمانيين الذين وحدت الجماعة صفوفها معهم في احتجاجات حاشدة أطاحت الرئيس السابق حسني مبارك. وتأسست الجماعة عام 1928 وبزغت من عقود من القمع كأكثر جماعة سياسية مصرية تنظيماً، ما أثار مخاوف بين العلمانيين في شأن الدور السياسي للإسلاميين في واحدة من أكثر الدول العربية تأثيراً. وتحرص الجماعة على طمأنة المصريين. وفي هذا الإطار، قالت إنها لن تقدم مرشحاً للرئاسة ولن تسعى إلى الحصول على الغالبية البرلمانية في الانتخابات التي حدد المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي سلمه مبارك سلطاته موعداً مبدئياً لها في أيلول (سبتمبر) المقبل. لكن البلتاجي قال: «لن نبقى أبد الدهر لا نسعى إلى الحكم ولا نسعى إلى غالبية ولا نسعى إلى الرئاسة. هذا موقف موقت حتى تصبح هناك قوى قادرة على التنافس. عندئذٍ سنشارك في هذا التنافس». وبعد التلاعب بالانتخابات على مدى سنوات، لا توجد وسيلة دقيقة لقياس شعبية الجماعة التي كانت محظورة في عهد مبارك، غير أن سمح لها بممارسة نشاطها في حدود. ومنذ إسقاطه، تحركت الجماعة لتصبح في قلب الحياة العامة. وكانت تمثل دائماً التحدي الرئيس من جانب المعارضة في الانتخابات، غير أن قلة من المصريين كانت تشارك في الانتخابات لأن التلاعب بها كان يتم لمصلحة مبارك وحزبه. ومن المتوقع أن تستقطب الانتخابات هذا العام ملايين الناخبين الذين لم تسبق لهم المشاركة. وقال البلتاجي إن جماعته تسعى إلى «شراكة بمعنى أن التيار الإسلامي في قلب الأحداث من دون أن يكون متصدراً لها». وهو يتوقع أن تكون الحركات الإسلامية جزءاً من الحياة السياسية في المنطقة مستقبلاً، لا أن تهيمن عليها. ورأى من الواجب أن يظهر القوميون واليساريون والليبراليون. وأضاف: «إذا سعى التيار الإسلامي إلى أن يكون العنصر السائد في مواقع المسؤولية فربما ندخل في إشكالية كبيرة. وإذا سعت القوى الأخرى إلى أن تحجم أو أن تقصي التيار الإسلامي فسندخل في إشكالية أكبر»، مذكراً بالصراع الذي شهدته الجزائر عام 1991 حين ألغيت الانتخابات التي كان من المرجح أن تسفر عن فوز الإسلاميين. وكانت قيادات «الإخوان» قالت إن الجماعة ستخوض الانتخابات على نحو ثلث مقاعد البرلمان أو أكثر ولن تخوض انتخابات الرئاسة التي ستجرى في كانون الأول (ديسمبر) المقبل أو ربما بعد ذلك. وقال البلتاجي إن أولويات الجماعة ستكون الإصلاح السياسي وضمان الحريات العامة والسياسية والعدالة الاجتماعية واستعادة النفوذ الإقليمي لمصر. وأشار إلى أن الجماعة تؤيد تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية بدرجة كبيرة. ولدى سؤاله عن دور الشريعة الإسلامية في تشكيل البرنامج السياسي للجماعة، أجاب: «هذا كله متوافق مع الشريعة، غير متعارض، لكنها ليست قضية شريعة». وعن الانتخابات التشريعية، قال إن الجماعة تبحث في فكرة تشكيل قائمة واحدة على مستوى البلاد بالتعاون مع إصلاحيين. وأضاف أن الاقتراح يهدف إلى أن تكون هناك «غالبية وطنية ثورية». لكنْ، في الأسابيع الأخيرة وجدت الجماعة نفسها على خلاف مع آخرين في شكل متزايد، خصوصاً القطاعات العلمانية من الحركة الإصلاحية المصرية التي اتحدت على موقف واحد لإطاحة مبارك. وتركز الخلاف على الانتقال السياسي الذي حدد المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير البلاد خطواته. ودب خلاف بين هؤلاء في شأن الاستفتاء على التعديلات الدستورية التي وافقت عليها غالبية كبيرة مطلع هذا الأسبوع. واتهمت جماعة «الإخوان» باستخدام الدين لدعم حملتها للتصويت لمصلحة إقرار التعديلات. وتنفي الجماعة هذا، لكن البلتاجي قال إن جماعات وشخصيات إسلامية أخرى استغلت الدين في الحملة لمصلحة التعديلات. وقال: «من وجهة نظرنا هذه مسألة سياسية ولا علاقة لها بالجنة والنار».