نجحت قوات التحالف الدولي في خامس يوم من قصفها لليبيا، تطبيقاً لقرار مجلس الأمن فرض حظر جوي على هذا البلد، في تخفيف الحصار الذي تفرضه قوات العقيد معمر القذافي على مدينة مصراتة، ثالث أكبر المدن الليبية والواقعة إلى الشرق من طرابلس. وبدأ تراجع قوات القذافي عن مهاجمة هذه المدينة، وهي الأكبر التي ما زالت في يد الثوار في غرب البلاد، بعدما قامت طائرات التحالف بقصف أهداف للقوات الحكومية قرب المدينة. وتزامن ذلك مع إعلان القوات البريطانية أن القوات الجوية التابعة للعقيد القذافي «لم تعد موجودة كقوة قتالية». وقال ماريشال الجو البريطاني غريغ باغويل، إن طائرات قوات التحالف بات في إمكانها إلى حد كبير أن تحلّق فوق الأجواء الليبية من دون أن تخشى أن يتم إسقاطها. وكشف أن قوات التحالف تقوم حالياً بممارسة ضغط لا هوادة فيه على القوات الليبية المنتشرة على الأرض. وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» أنه كان يتحدث خلال زيارة تفقدية لقاعدة غيويا ديل كول في جنوب إيطاليا من حيث تنطلق طائرات سلاح الجو الملكي للقيام بمهماتها في ليبيا. وقال المسؤول العسكري البريطاني: «إننا نراقب الشعب الليبي البريء لضمان حمايته من الهجمات». وأوردت وكالتا «فرانس برس» و «رويترز» أمس معلومات متطابقة عن غارات لقوات التحالف استهدفت مواقع لقوات القذافي على مشارف مصراتة (200 كلم شرق طرابلس) وداخلها. وقال ناطق باسم المتمردين ل «فرانس برس»: «اليوم شهد انفراجاً، إذ شنّت قوات التحالف الثلثاء غارات مكثفة على مواقع لقوات القذافي ألحقت بها خسائر فادحة». وأضاف: «أمضينا خمسة أيام صعبة. كنا على حافة اليأس. إنها مبادرة مشجعة من قبل التحالف وعليهم أن يواصلوا قصف قوات» القذافي. وتابع: «الهدوء يسود المدينة اليوم. لم يعد هناك سوى قناصة يترصدون السكان. لكن إذا واصل التحالف غاراته والتشويش على اتصالات قوات القذافي، فسنطرد القناصة من المدينة في غضون ثلاثة أيام». وقال إن المخابز فتحت أبوابها الأربعاء للمرة الأولى منذ ستة أيام. وأشار إلى أن المياه والتيار الكهربائي مقطوعان في المدينة منذ تسعة أيام، بينما الاتصالات مقطوعة منذ ثلاثة أسابيع. وأضاف أن «مصراتة تشعر بالامتنان للتحالف ولفرنسا، ونحن في حاجة لدعم أكبر منهما في الأيام المقبلة، لكننا سنتولى الباقي. يجب ألا تتوقف الغارات. يجب استهداف طرق إمداد هؤلاء القتلة خصوصاً في زليتان (غرب) وبني وليد (جنوب)». وتابع أن الامر يحتاج الى «ثلاثة أيام من دعم (التحالف) قبل تحرير مصراتة مجدداً». وقتل 17 شخصاً من بينهم خمسة اطفال الثلثاء برصاص قناصة وقذائف القوات الموالية للقذافي في مصراتة، بحسب طبيب في أحد مستشفيات المدينة. وأدت نيران قوات القذافي الى سقوط 40 قتيلاً وأكثر من 300 جريح الإثنين بحسب المصدر نفسه. ونقلت «رويترز» عن أحد سكان مصراتة، أن غارات جوية غربية في وقت من مبكر من صباح الأربعاء ضربت قاعدة جوية تتمركز فيها القوات الحكومية في مدينة مصراتة. وأضاف: «قتل قناصة اثنين قبل ساعة في وسط المدينة. جثتاهما الآن في المستشفى الذي زرته قبل قليل. إطلاق النار ما زال مستمراً». وفي شرق البلاد، ذكرت وكالة «رويترز» أن جهود قوات المعارضة المسلحة توقفت في الصحراء خارج أجدابيا أمس الأربعاء، بعد عجزها عن التقدم إلى البلدة الإستراتيجية في ظل تمركز دبابات العقيد القذافي التي نجت من غارة جوية فرنسية على الطريق المفتوح المؤدي إلى بنغازي. وليس لدى قوات المعارضة التي تختبئ في الكثبان الرملية تفادياً لنيران الدبابات الآتية من البلدة أي أسلحة ثقيلة أو قيادة أو اتصالات أو حتى خطة. وراحت مجموعات من المقاتلين تتنقل في المنطقة الثلثاء وتتسامر وتدخن السجائر. وعندما سئل عن الشخص المسؤول عن القيادة، هزَّ المقاتل محمد بهريقا كتفيه قائلاً: «لا أحد. نحن متطوعون. لقد أتينا هنا للتو. لا توجد خطة». ونصب المقاتلون مدافعهم الرشاشة على الشاحنات الخفيفة، وكان بحوزتهم عدد وافر من البنادق الهجومية. لكن لم يكن مع بعضهم سوى سكاكين او قضبان حديدية. وقال المقاتلون على الجبهة في الانتفاضة ضد القذافي، إنهم فقدوا أيضاً الأسلحة الثقيلة اللازمة لمهاجمة الدبابات. وفي واشنطن، قال مسؤول عسكري أميركي إن الولاياتالمتحدة قصفت حطام طائرة مقاتلة من طراز «أف 15» تحطمت في ليبيا بسبب عطل فني. وأضاف المسؤول الذي طلب عدم الإفصاح عن اسمه أن الحطام قصف خلال الليل «لمنع وصول المواد (التي بها) إلى الجهة الخطأ». وقالت وزارة الدفاع الأميركية إن طاقم الطائرة تمت استعادتهما سالمين. وذكرت معلومات وسائل إعلام بريطانية، أن القوات الأميركية فتحت النار على مدنيين ليبيين خلال محاولتهم الاقتراب من أحد الطيارين الأميركيين الذي قفز بالمظلة قرب بنغازي. وأضافت أن رصاص الأميركيين أصاب ستة ليبيين بينهم طفل قد يتعرض لعملية بتر لأحد أطرافه.