اليوم الموعد المنتظر الذي طالما حضّر له المسؤولون اللبنانيون، وطالما انتظره الناخبون. اليوم موعد الانتخابات النيابية التي ستجرى في يوم واحد، الأمر الذي لم تعتد عليه وسائل الإعلام المرئية-المسموعة في لبنان. في هذا اليوم تنصّ المادة 73 من قانون الانتخاب على ان «ابتداءً من الساعة الصفر لليوم السابق ليوم الانتخابات ولغاية إقفال صناديق الاقتراع، يحظر على جميع وسائل الإعلام المرئي والمسموع الرسمي والخاص بث أي إعلان أو دعاية أو نداء انتخابي مباشر، باستثناء ما يصعب تفاديه من صوت و/أو صورة لدى التغطية المباشرة لمجريات العمليات الانتخابية». ماذا ينتظر المشاهد على المحطات التلفزيونية في هذا اليوم الطويل؟ «الحياة» طرحت السؤال على المسؤولين في بعض المحطات التلفزيونية اللبنانية، وكان الجواب المشترك بين الجميع: كل الطاقات وُظِّفَت وستوظَّف لهذا الحدث. «المؤسسة اللبنانية للإرسال» ستواكب الانتخابات «في تغطية شاملة وموضوعيّة» لهذا اليوم من المناطق اللبنانيّة كافة. مراسلو الأخبار سيتوزّعون على مراكز الاقتراع والدوائر الانتخابيّة لنقل وقائع هذا اليوم من نسب وحجم الاقتراع إلى عمل الماكينات الانتخابيّة، إضافة إلى جولات على آراء الناخبين والمرشّحين ولجنة مراقبة الانتخابات. تغطية «أل بي سي» لهذا النهار الانتخابي لن تنتهي مع إقفال صناديق الاقتراع عند السابعة من مساء اليوم بل ستخصص برنامجاً تلفزيونياً استثنائيّاً لهذا الحدث هدفه أن يواكب لحظةً بلحظة من داخل الأستوديو، وفي تغطية آنية وميدانيّة، عمليّة فرز الأصوات ليلاً وصولاً الى إعلان النتائج الرسميّة. ومن أبرز الوجوه التي ستطل على الشاشة في هذا اليوم جورج غانم ومارسيل غانم. وقد حُضّر استوديو خاص لهذا البرنامج وجُهِّز بإمكانات تقنية متطورة. ويبدو أن المحطة قد كبّرت ووسّعت فريق مراسليها، فاستدعت بعض المتخرّجين من قسم الإعلام وغيرهم من الأشخاص القادرين على تغطية الأخبار ودرّبتهم لهذا اليوم الكبير، لذلك سيلاحظ مشاهدو «أل بي سي» اليوم وجوهاً جديدة لا بدّ من أنّها سعيدة بفكرة إجراء الانتخابات في يوم واحد، لأنّ هذه الفكرة سرّعت في دخولهم عالم الإعلام! أمّا تلفزيون «المستقبل» فسيجمع جهوده في هذا اليوم كما سيجمع بين محطته الأرضية والمحطة الإخبارية لينقل كل ما يجري. واللافت أنّ «المستقبل» لن يكتفي بالتغطية الإعلامية يوم الانتخابات فحسب، فقد بدأ البثّ ابتداءً من مساء أمس في برنامج خاص من تقديم نديم قطيش، وسيستمرّ 48 ساعة متواصلة معتمداً على أحدث التقنيات، حيث استقدمت المحطة شاشات جديدة تعمل على اللمس، وتمكن الإعلامي في الاستوديو أن يضغط على الشاشة الكبيرة المقسّمة إلى أقسام لينتقل بين المراسلين الموزعين في مختلف المراكز. وأمّن «المستقبل» 200 مراسل مع مصوّرين توزّعوا على خمسين منطقة لبنانية من أبرز المناطق الانتخابية. غداً، بعد ان تكون صناديق الاقتراع قد فُتِحَت ستُفتَح السيرة مع زافين قيومجيان الذي سيقدّم حلقةً خاصّة موضوعها الانتخابات. اما تلفزيون «الجديد» فحضّر كل طاقاته البشرية والتقنية لهذا اليوم، حيث انّ كل العاملين في هذه المحطّة قد تفرّغوا في هذا اليوم من أجل التركيز على تغطية الانتخابات، مع الاستعانة بأشخاص من قسم الرياضة وبمقدّمي البرامج القادرين على متابعة ونقل الأخبار الانتخابية. المراسلون سيتوزّعون «في كل المناطق اللبنانية، ولكن التركيز سيكون في المناطق الحامية مثل صيدا وجزين وزحلة وطرابلس والكورة والبترون وجبيل وكسروان والمتن وبعبدا وبيروت في الدائرتين الأولى والثانية». توزُّع المراسلين سيكون في الدوائر ال26 المحددة للاقتراع، والبث المباشر سيكون من 15 منها. بعد نشرة الأخبار سيطل الإعلامي جورج صليبي في حلقة خاصّة مع ضيوفٍ يحللون أحداث هذا اليوم. محطة «أم تي في» العائدة الى البث بعد إقفال دام أكثر من 12 عاماً لا بد من أن تكون قد جهّزت نفسها بدورها لهذا الحدث، بخاصّة أنّها سَعَت جاهدةً لتعود الى البث قبل الانتخابات كي تستطيع أن تشارك في نقل صورة عمّا يجري. ويبدو أنّها، على رغم فريق عملها الإخباري الكبير، استعانت ببعض الأشخاص لتأمين تغطية مباشرة من كل المراكز والمناطق اللبنانية. وأكّد أحد المسؤولين في قسم العمليات في المحطة أنّ «أم تي في» لن ترتبك أمام كثافة المعلومات التي ستظهر خلال هذا اليوم وأمام الضغط وضرورة السرعة في نقل الخبر لأنّها استعادت فريق عملها السابق الذي تمرّس في هذا النوع من العمل، كما استقدمت أشخاصاً لهم خبرة كبيرة ومميزة في مجال الإعلام. أمّا محطة «أو تي في» فتحضّرت بدورها لتخوض تجربةً صعبة في التغطية الميدانية المباشرة، وقد رصدت لهذا اليوم كل إمكاناتها وكل الخبرة التي جمعتها منذ بدء بثّها حتّى هذه اللحظة. والأكيد أنّ كل المحطات التلفزيونية اللبنانية ستعتمد على ضيوف كُثُر من محللين وصحافيين ومراقبين، وسيكون هذا اليوم الانتخابي الطويل أكثر طولاً بسبب كثرة الكلام خلاله، ولكن هل سيفاجئنا بعض المحطات باستقبال ضيوف من الطرف الآخر المنافس للفريق الذي تشجّعه؟ هل سنشاهد على «المستقبل» مثلاً ضيوفاً من «التيار الوطني الحر» أو على «أو تي في» محللين ينتمون إلى 14 آذار؟ محطاتنا اللبنانية تهتف بصوت واحد، ولكن بطبقات صوتية مختلفة، إنّها صوت المواطن وصوت ضميره... ولكن هل سنستطيع فعلاً مشاهدة نقل للأحداث بموضوعية وبشفافية؟ وإن لم تكن تلك الوسائل المرئية - المسموعة قادرة على التحكّم بانفعالاتها إرضاءً للأصول المهنية، فهل ستقوم بمجهود مضاعف إرضاء للجنة، أو بالأحرى للجان المختصّة بمراقبة سير الانتخابات ورصد المخالفات التي تُرتكب؟ هل تكون تلك الوسائل الإعلامية قد تعلّمت درساً من التقارير المخجلة التي أصدرتها هيئة الإشراف على الانتخابات حيث ظهر مدى انجراف الاعلام خلف الانتماءات السياسية والبعد من الموضوعية؟ كيف سيكون هذا اليوم الانتخابي بالنسبة الى وسائل الإعلام اللبنانية؟ إنّه يوم الامتحان.