يستضيف «مركز الصورة المعاصرة» في القاهرة حتى 26 الجاري معرضاً بعنوان «سأدافع عن نفسي»، يضم أعمالاً في التصوير والفيديو هي مشاريع أنجزتها الفنانة نادية منير، خلال بحثها الممتد حول الصورة الفوتوغرافية وانعكاساتها الجمالية والوظيفية. في المعرض نماذج من مشروعين، الأول عرضته مؤسسة «ماس اسكندرية» تحت عنوان «قالت: أقسم أنني أرى ضوءاً يخرج من عيني»، والآخر عرضه مهرجان «فوتو كايرو» تحت عنوان «هل أنت ذلك الشخص حقاً؟»، إضافة إلى أعمال أخرى. يتضمن المعرض عدداً من الصور الفوتوغرافية التي عولجت بواسطة برامج لإخفاء هوية الأشخاص. في هذه المجموعة تفحص منير الجماليات البصرية التي تنتَج كشكل من أشكال الرقابة والتحكم في الصور الشخصية، والتي تُلتقط عادة أثناء حفلات للنساء فقط. تهتم الفنانة في هذه المجموعة تحديداً بالصور التي يتم تداولها على نطاق ضيق لاعتبارات الجنس والحالة الاجتماعية الخاصة بأصحابها، كما تتأمل أساليب التلاعب التي تُخرج تلك الصور من دوائرها الصغيرة ليصبح التعديل أو إخفاء بعض تفاصيل الجسم عاملاً حاسماً في إمكان تداول الصورة، وفي الوقت ذاته يعد هذا التلاعب عاملاً لتبدد الصورة وتحولها. اعتمدت الأعمال هنا على صور أتيحت لنادية منير بعد تعهدها الحفاظ على الخصوصية التامة لهوية صاحب كل صورة عبر تدخلاتها الفنية. وتثير هذه الأعمال تساؤلات حول الحدود بين الخاص والعام والجماليات التي تفرضها برامج تعديل الصور، والمقارنة بين المعالجة الفنية وتدخل الرقباء. تمزج منير بين مشروعيها السابقين وأعمالها الحالية في اكتمال لذلك الإطار العام الذي تتبنى خلاله البحث حول التوظيف الشعبوي للصورة الفوتوغرافية، بعيداً من الممارسات الفنية التقليدية، مع التركيز على تمثيل النساء في الصور المنتجة والمتداولة في المنطقة العربية واستخداماتها عبر النظر إلى الأوضاع الاجتماعية والأشكال المختلفة لتداول الصور. ينصب اهتمام الفنانة هنا على أرشيف الصور الشخصية، وكذلك الصور التوضيحية في الكتب والمجلات والإعلانات، والصور التي يتم توظيفها تجارياً. ويضم المعرض لقاءات مع رسام متجول وسيدة تقوم بتعديل صور عارضات الأزياء لإخفاء أجزاء من أجسادهن لمصلحة أحد المنتديات على الإنترنت، وفتاة تحترف تصوير المناسبات الخاصة. ويشير التحاور مع هؤلاء الأشخاص إلى هذه المحاذير الرقابية والخطوط الحمراء التي تحكم علاقة الناس بالصور الشخصية وآليات تداولها الآمن بالنسبة إليهم. خلافاً لأعمال التصوير تعرض الفنانة أيضاً شريطي فيديو. يتوزع الشريط الأول على شاشتي عرض، تُظهر الأولى خطوات التلاعب التي يقوم بها أحدهم في محتوى إحدى الصور من طريق أحد البرامج لإخفاء معالمها. بينما يظهر في الشاشة الأخرى زوجان على شاطئ البحر يستمتعان بتسجيل تلك اللحظات عبر الكاميرا. أما الشريط الآخر فيحتوي على مشهد يستعرض أحدهم فيه واحدة من مجلات الموضة التي تم التلاعب في صور الأشخاص التي تحتويها بإزالة أجزاء من أجسادهم ما أدى إلى تداخل الصور مع بعضها عبر الصفحات. الفيديو الأخير هو بداية لبحث مستقبلي كما تقول الفنانة في أرشيف الصور الفوتوغرافية المرخصة على موقع «ستوك فوتوغرافي»، وهو من أبرز منصات الصور المرخصة على الإنترنت، ويحتوي على ملايين الصور المصنفة تبعاً لكلمات البحث. وتصاحب الفيديو خريطة تحوي كلمات مفتاحية للبحث عبر هذا الموقع، يتعلق معظمها بالبحث عن صور لنساء عربيات، مع دعوة من الفنانة لاكتشاف التنميط الذي يمكن أن ينطوي عليه هذا البحث عبر تغيير هذه الكلمات المفتاحية بإزالة ما يشير إلى الهوية العربية. تدفعنا أعمال نادية منير إلى حالة من الاكتشاف لجماليات مختلفة تنطوي عليها تلك الصور التي يتم تداولها في سياقات عدة، سواء محدودة وشخصية كصور المناسبات والأفراح، أو عامة كصور الفتيات في عروض الأزياء وإعلانات أدوات الزينة في الصحف والمجلات. تنتج لنا العلاقات البصرية الناشئة عبر التعامل مع تلك الصور بالحذف أو الإضافة نوعاً مغايراً من التناغم البصري على المستوى الجمالي، كما تعيد طرح التساؤل حول الهامش الذي نضعه فاصلاً بين ما هو خاص وما هو عام، ومتى نصف الصورة الفوتوغرافية بأنها صورة خاصة، وكيف تتحول صورة أخرى إلى صورة عامة يتم تداولها على نطاق واسع على رغم اشتراكهما أحياناً في الكثير من التفاصيل، وكذلك دور العادات الاجتماعية والبنية الثقافية للأفراد كعامل حاسم في تنميط الصورة وتبنيها كصورة خاصة أو صورة عامة. تعيش نادية منير وتعمل بين القاهرة والإسكندرية، وتهتم بالفوتوغرافيا وفلسفة الصورة. تخرجت في كلية الفنون التطبيقية في جامعة حلوان عام 2010 وانضمت إلى برنامج «ماس إسكندرية للفنون المعاصرة» في 2016. تبحث أعمال نادية منير بالصور الفوتوغرافية بين السياقات الخاصة والعامة وتأثيرها على إدراكنا لصورنا الذاتية، إلى جانب ممارستها لفوتوغرافيا الشارع والتصوير الوثائقي. وهي منخرطة في مجموعات فنية معنية بالمدينة وإنتاجية الصور، منها مجموعة «خفافيش القاهرة».