ضمت النسخة السادسة من «فوتوكايرو»، مجموعة متنوعة من وسائل التجريب على الصورة الفوتوغرافية، من المزج بين الصور والرسوم ووسائل الطباعة المختلفة، إلى الدمج بينها وبين النصوص المكتوبة، في محاولة للوصول كما يقول المنظمون إلى استكشاف العلاقة بين المرئي والمحجوب عن الرؤية، أو ما هو قابل للرؤية وما هو مخفي عنها. في مركز سعد زغلول الثقافي الذي استضاف القسم الآخر من الأعمال المشاركة في النسخة السادسة من «فوتوكايرو»، عُرضت نماذج عدة من هذه التجارب التي أنجزت داخل معمل التحميض التابع ل «مركز الصورة المعاصرة» ضمن ورش جماعية نظمت خلال الأشهر القليلة التي سبقت انطلاق الحدث. استضاف مركز سعد زغلول مجموعة أخرى من التجارب ضمن ورشة اللامرئي التي أدارها جورج عودة وعُرض جانب من نتائجها في «مركز الصورة المعاصرة». قدم أربعة مشاركين في هذه الورشة تجارب على الطباعة الديجيتال والأنالوج وكذلك التجريب باستخدام وسائط بديلة للطباعة في معمل التحميض. تطالعنا النتائج المقدمة برؤى غير تقليدية عبر البحث في مسارات عدة، بدءاً من اختيار المشاهد إلى الدمج بين الوسائط كالطباعة والرسم والتدخل في أساليب التحميض داخل المعمل. أما ورشة اللعب بالضوء، فقد أفرزت مجموعة متنوعة من النتائج، منها عمل الفنانة هند معاذ. عرضت معاذ نتائج بحثها مصحوبة بشرح للخطوات التي اتبعتها، والتي اعتمدت كما تقول على محاولة إيجاد علاقة افتراضية بين مجموعة من الصور السلبية (نيجاتيف) القديمة التي عثر عليها وترجع الى فترة خمسينات القرن العشرين وستيناته. طبعت معاذ الصور بطرق تقليدية وأخرى بديلة باستخدام مادة الكافيتول المكونة من خليط من القهوة وصودا الغسيل وفيتامين سي بنسب معينة. مثل هذا الأسلوب الذي اتبعته معاذ هو نموذج للوسائل التي اعتمدت عليها ورشة «اللعب بالضوء» في مناقشة مفاهيم حول المادة وتأثيرها في تكوين الصورة، وما يسجل على السطح الحساس فوتوغرافياً، وكيف تتم عملية تسجيل المعطيات. كما تبحث في طرق صناعة هذه الأسطح وصناعة البدائل والتي تتضمن كيماويات ووسائل بديلة لما هو شائع من تقنيات التصوير والتحميض والطباعة. هل أنت ذلك الشخص حقاً؟ بين الأعمال اللافتة، عمل الفنانة نادية منير الذي حمل عنوان «هل أنت ذلك الشخص حقاً؟» ويضم مجموعة صور فوتوغرافية عولجت ببرامج التعامل مع الصور لإخفاء هويتها. يمثل العمل جزءاً من مشروع ممتد تفحص من خلاله منير الجماليات البصرية التي يتم إنتاجها كأحد أشكال الرقابة والتحكم في الصور الشخصية التي تلتقط أثناء حفلات للسيدات فقط. تهتم الفنانة بالصور التي يتم تداولها على نطاق ضيق لاعتبارات النوع والحالة الاجتماعية الخاصة بأصحابها. تتأمل نادية منير أساليب التلاعب التي تخرج تلك الصور من دوائرها الصغيرة، فنجد أن تعديل الصور لتغيير وإخفاء بعض تفاصيل الجسم عامل فيصلي في إمكان تداول الصورة، وفي الوقت ذاته يعد هذا التلاعب هو نفسه عامل تبدد الصورة. يعتمد «هل أنت ذلك الشخص حقاً؟» على صور أتيحت لنادية منير من خلال التعهد بالحفاظ على الخصوصية التامة لهوية صاحب كل صورة من طريق تدخلاتها الفنية على الصور. يثير العمل تساؤلات حول الحدود بين الخاص والعام، والجماليات التي تفرضها برامج تعديل الصور، والمقارنة بين معالجة الفنانة للصور من خلال عمل فني، ومعالجة الرقباء على الصور الشخصية على المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت. ضمت الأعمال المعروضة في مركز سعد زغلول عمل تجهيز للسويسريين رافييل كومو وماريا يوريو عن سينما الهواة في تونس. شمل العمل عرض صور ومقتطفات من مجلة صادرة في سبعينات القرن الماضي متخصصة في السينما. يبرز العمل ممارسات الهواة لصياغة بدائل مختلفة في صناعة السينما. وتحت عنوان «أخطاء متكررة» عُرض عمل فيديو مدته 45 دقيقة، هو نتاج ورشة للألمانية كريستين شرودينجر مع مشاركين من مصر. يعرض العمل لقطات مجمعة لأعمال المشاركين في هذه الورشة. تناولت الورشة مفاهيم حول المرئي والمهمش، وعلاقة وتأثير هذه المفاهيم في الصورة المتحركة وكادر الفيلم. وتحت عنوان «النقد الخارق»، قدم كل من ضياء حامد وباسم طه ويوسف فلتس عملهم معتمدين على استخدام الذكاء الاصطناعي لخلق روبوت اسمه «كليمنس» وهو استجابة لمحور اهتمامات «فوتوكايرو 6» الخاصة بالمساحة بين المرئي والمحجوب عن الرؤية. تم إمداد الروبوت بنصوص مكتوبة مسبقاً يستخدمها عند تفقده لعمل فني حسب نص برمجي حدَّده الفنانون الثلاثة. في هذا المشروع يكوّن «كليمنس» عباراته النقدية ويطبعها على الفور، كما يرسلها إلى الفضاء الإلكتروني من خلال حسابه@clemenceai على «تويتر».