دمشق، نيقوسيا - رويترز، أ ف ب - تجددت الصدامات لليوم الثالث على التوالي في مدينة درعا في الجنوب السوري حيث سقط أمس قتيل وجرحى قبل أن يُحرق متظاهرون مباني حكومية شملت قصر العدل ومقار حزب «البعث» الحاكم في المدينة. ولم تخفف من التوتر مساعي النظام لاحتواء الاحتجاجات عبر الإعلان عن إطلاق 15 طالباً اعتقلوا أخيراً بسبب كتابة شعارات على الجدران، وإرسال وفد حكومي للتعزية، وقبل ذلك تشكيل لجنة تحقيق. وكان لافتاً امس استمرار الاحتجاجات وتصاعدها في درعا حيث قال سكان ان متظاهرين يطالبون بالحريات والقضاء على الفساد وآخرين انضموا اليهم من قرى قريبة، أضرموا النار في مقر حزب «البعث» في المدينة وفي قصر العدل وفرعين لشركتين للهاتف المحمول. وأكدت مراسلة «فرانس برس» في درعا ان متظاهرين احرقوا بعد ظهر امس مبنى قصر العدل ومبان أخرى اثر مواجهات مع قوات الامن التي انتشرت بكثافة في المدينة. وعن الوضع على الارض، أوضحت المراسلة ان مسيرة ضمت مئات انطلقت من الحي القديم في درعا متجهة الى منزل المحافظ في المدينة عندما حاولت قوات الامن تفريقها عبر استخدام القنابل المسيلة للدموع واطلاق النار في الهواء، الا انها لم تتمكن من ذلك. واضافت ان المتظاهرين احرقوا في طريقهم مبنى القصر العدلي والعديد من السيارات التي كانت متوقفة امامه، ثم احرقوا مبنيين تابعين لشركتي «سيريا تل» و «ام تي إن» للهاتف النقال، إضافة الى العديد من السيارات. وأفاد شاهد ان المتظاهرين وصلوا الى امام مقر سكن المحافظ حيث احرق عدد منهم اشجاراً امام المنزل. وكان ناشط في مجال الدفاع عن حقوق الانسان اعلن امس لوكالة «رويترز» ان «قوات الامن اطلقت الرصاص الحي على المتظاهرين الذين فاق عددهم عشرة آلاف شخص». واضاف: «القتيل الاول بين المتظاهرين (امس) سقط برصاص حي ويدعى رائد الكراد»، وان شخصين اصيبا في الرأس و«هما في حال خطرة». وبذلك يكون الكراد خامس مدني يقتل بأيدي قوات الامن منذ بدء الاحتجاجات المناهضة للحكومة في درعا الجمعة الماضي. من جانبها، سعت الحكومة الى تهدئة الاستياء الشعبي بوعدها الإفراج عن 15 من التلاميذ الذين ساعد اعتقالهم لكتابتهم شعارات احتجاج على الجدران، في إذكاء التظاهرات. كما ارسلت وفداً حكومياً الى درعا للتعزية بالضحايا الذين قتلوا الجمعة. وكانت السلطات السورية اعلنت اول من امس تشكيل لجنة تابعة لوزارة الداخلية كلفت التحقيق في الاحداث «المؤسفة» في درعا، فيما التقى مسؤولون لاحقاً شخصيات بارزة في المحافظة قدمت قائمة بالمطالب، وأهمها الافراج عن السجناء السياسيين، وتفكيك مقر الشرطة السرية في درعا، وعزل المحافظ وإجراء محاكمة علنية للمسؤولين عن القتل، وإلغاء اللوائح التي تتطلب الحصول على تصريح من الشرطة السرية لبيع ممتلكات او شرائها. يذكر ان درعا منطقة قبلية على الحدود مع الاردن، ويُعتقد ان ما ساعد في تغذية الاحتجاجات هو اعتقال امرأتين من المدينة هما الناشطة ديانا الجوابرة التي شاركت في احتجاج صامت في دمشق الاسبوع الماضي طالب بالافراج عن آلاف السجناء السياسيين. كما اعتقلت ناشطة اخرى من المدينة هي الطبيبة عائشة ابا زيد قبل ثلاثة اسابيع بتهمة نشر رأي سياسي على الانترنت. في الوقت نفسه، نفذت الشرطة السرية عدداً كبيراً من الاعتقالات في درعا الشهر الجاري بعد ظهور كتابات على جدران المدارس وصوامع الغلال بعبارات مثل «الشعب يريد اسقاط النظام»، وهو شعار الثورتين المصرية والتونسية.