أوضح الدكتور سعد البازعي أن الاستشراق لا يعكس الفنون كما هي، مشيراً إلى أن أية ظاهرة معرفية إنسانية «لا بد أن تلون ما تتناوله وما تتحدث عنه بألوان مختلفة، ومن زوايا متعددة». وقال البازعي إن عنوان محاضرته «الفنون في مرآة الاستشراق»، التي قدمها في جمعية الثقافة والفنون بالرياض ضمن فعاليات المتلقى الثقافي مساء الأربعاء الماضي، يتكئ على مجاز أي بمفهوم مجازي وهو مفهوم المرآة، وحقيقة الأمر أننا عندما نقول مرآة فإننا نتحدث عن صورة صادقة، نافياً صحة الانعكاس الصادق، لافتاً إلى أن الموضوع يبرز الفنون كما يبرز الاستشراق. وجاءت المحاضرة في شقين، في الشق الأول قدم إطاراً نظرياً للاستشراق، يتضمن تعريفاً وتحديد ملامح ومجالات، وكذلك استعراضاً سريعاً لتاريخ الاستشراق وتطوره في الثقافات الغربية، كما تناول لونين من الفنون التي تمثل بعض جوانب النشاط الاستشراقي: الأدب والموسيقى. ووقف البازعي عند نماذج من الأدب الغربي الذي عني بالشرق ووظفه في أعمال مختلفة تعكس الرؤية الغربية للشرق ونوع الاهتمام به. وأشار أيضاً إلى الجانب الأكاديمي البحثي الذي عرف عن الاستشراق لدى الكثيرين، أي التحقيقات والدراسات التي عرفت بالثقافات الشرقية وحققت أعمالها. وفي المداخلات، قالت الدكتورة بسمة عروس: «إننا أولاً ينبغي أن ننظر بعين (ماكرة) بعض الشيء لما يقدم في الاستشراق، فله فضل في إظهار الكثير من الجوانب المتعلقة بالحضارة الإسلامية في فنونها وما جاء من إرثها الفكري، ففي نظري هذا الشرق يمثل معرفة تضاف إلى معرفة الغرب، فهو مجرد جناح في متحف، ناحية متحفية تزيد إثراء الغرب وليس الشرق! فالشرق في ذاته غير موجود، حتى لو كان له حضور جغرافي أو سياسي، فهو يختزل في فصول عن معرفة ما سميناها الاستشراق»، مؤكدة رأي المحاضر الذي أورده لمستشرق، وهو أن الفن عند العرب فن خالص، لذلك انصرفوا للزخارف والمنمنمات والأشكال. وذكرت: «إننا نجد في (كليلة ودمنة) تجسيماً وتجسيداً للأرواح في نسخته الأصلية، وخصوصاً ما فعله الواسطي، وما جاء في مقامات الحريري، فكلها جاءت بصور وبرسوم كالتي في المقامات». ثم أشارت إلى دور الذاكرة المسالمة في الاستشراق، في تذكرها إنشاء دار النجمة أو مركز الموسيقى العربية والمتوسطية في تونس، وإهمال دور مؤسسها في إدخال تونس في حقبة الاستعمار. وفي ختام المحاضرة، أعلن الدكتور سعد البازعي المشرف على نشاط الملتقى الثقافي، انطلاق الملتقى الفني، وهو نشاط شهري تنظمه جمعية الثقافة والفنون بالرياض، يهتم بالجانب الفني، ويقوم عليه مجموعة من المهتمين بالفنون.