بين غموض قراره الخاص بإعلان استقلال إقليم كاتالونيا عن الدولة الإسبانية، استناداً إلى تأييد غالبية الناخبين استفتاء الاستقلال الذي أجري في الأول من الشهر الجاري، أو وقف تنفيذه أو الاكتفاء بإعلان رمزي والتركيز على حوار عاجل مع مدريد، أدلى حاكم كاتالونيا كارليس بيغديمونت بخطابه التاريخي المنتظر في مقر برلمان الإقليم الذي أغلقت الشرطة منافذه «لدواعٍ أمنية»، ما دفع ناشطي الجمعيات الانفصالية الكبيرة إلى التظاهر خارج محيطه. وبعدما زاد الغموض إعلانه تأجيل الخطاب لمدة ساعة، وتحدثه عن اتصالات تجرى للتوصل إلى «وساطة دولية»، وهو ما سارعت مدريد إلى نفيه، امتنع بيغديمونت عن طلب دعم البرلمان الصريح إعلان الاستقلال في تصويت، مقترحاً تعليق إعلان الاستقلال، مع تنديده برفض الدولة الإسبانية «القاطع» التفاوض على الاستفتاء. وقال: «أقبل التفويض بضرورة أن تصبح كاتالونيا دولة مستقلة وجمهورية، وأقترح إرجاء آثار إعلان الاستقلال لإجراء محادثات بهدف التوصل إلى حل متفق عليه». وكان رئيس الوزراء الإسباني المحافظ ماريانو راخوي رد على خطاب بيغديمونت بالتحذير من أن حكومته ستعلق الحكم الذاتي في كاتالونيا وتضع الإقليم تحت سلطة مدريد مباشرة إذا أعلنت سلطاته الاستقلال، وهو إجراء لم يسبق أن اتخذته المملكة البرلمانية التي تعتمد نظام اللامركزية الواسعة منذ إرساء الديموقراطية عام 1977. ويملك راخوي وفق الدستور أدوات أخرى بعدما سيطر على مالية المنطقة في أيلول (سبتمبر). كما يستطيع فرض حال طوارئ مخففة تمنحه حق التحرك بمراسيم، فيما قد يتحرك القضاء أيضاً ضد بيغديمونت والانفصاليين المتشددين الذين نظموا استفتاء الأول من تشرين الأول (أكتوبر). واستقبل الأوروبيون «تراجع» بيغديمونت و «تخفيفه» بالتالي من وطأة أكبر اضطراب تعيشه البلاد منذ تحولها إلى الديموقراطية في سبعينات القرن العشرين، بارتياح، خصوصاً أن رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك كان حضه على «تجنب اتخاذ أي قرار قد يجعل الحوار مستحيلاً». وأبدى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ثقته في «إمكان حل الأزمة سلمياً في كاتالونيا، على رغم انتقاده «الأنانية الاقتصادية للكاتالونيين»، علماً أن رئيس غرفة التجارة الإسبانية خوسيه لويس بونيت كان صرح بأن «إعلان الاستقلال في شكل أحادي سيشكل كارثة بالنسبة إلى بلاده وأوروبا، إذ سيعني ذلك عدم استقرار كبير». وتسببت الأزمة في حال من الضبابية خيّمت على الأعمال التجارية في أحد أغنى أقاليم رابع أكبر اقتصاد في منطقة اليورو. ونقلت شركات مقارها القانونية، لا موظفيها، من كاتالونيا إلى أجزاء أخرى في البلاد. كذلك، حذرت رئيسة بلدية برشلونة ادا كولاو، التي تتمتع بشعبية واسعة، من أن إعلان الاستقلال الأحادي «قد يشكل خطراً على التماسك الاجتماعي»، ما يسلط الضوء على الانقسامات التي تعاني منها كاتالونيا. والأحد الماضي، هتف مئات الآلاف من الكاتالونيين المعارضين للاستقلال في تظاهرة كبيرة: «كفى».