بعد أسبوع على تنظيم استفتاء «استقلال كاتالونيا» الذي أفضى إلى تأييد «غالبية ساحقة» الانفصال، لكنه شهد مقاطعة أكثر من 57 في المئة من أبناء الإقليم المؤيدين للبقاء في الدولة الإسبانية، خرجت الانقسامات إلى العلن بين القادة الانفصاليين الكاتالونيين في شأن خطط إعلان الاستقلال من طرف واحد، إذ هدد رئيس الإقليم كارليس بيغديمونت بإعلان الاستقلال «خلال أيام»، لكن وزير قطاع الأعمال في الإقليم سانتي فيلا اقترح «وقفاً للنار» في الخلاف مع الحكومة المركزية في مدريد. وسيتظاهر الكاتالونيون المعارضون للاستقلال في برشلونة اليوم، بينما نزل آلاف المتظاهرين إلى الشوارع في العاصمة الإسبانية مدريد أمس، داعين إلى وحدة البلاد والتحرك لحل أزمة إعلان استقلال إقليمهم الغني. وتحولت ساحة كولون وسط العاصمة إلى بحر من الأعلام، حيث هتف المتظاهرون متوجهين إلى رئيس الوزراء ماريانو راخوي: «راخوي يا جبان، دافع عن الوطن». كما تجمع مئات يرتدون اللون الأبيض في ميدان قرب مبنى بلدية مدريد، داعين إلى حوار لإنهاء الأزمة. وقالت يورينا دياز، وهي طبيبة في ال36 من العمر: «أتظاهر لإجراء حوار قبل أن نضيع جميعاً. هناك كثير من التوتر، والعنف يزداد سوءاً في كل مرة، ما يثير مخاوف، والوضع خطير». وفي مؤشر إلى تزايد التوتر من الاضطرابات المحتملة للأزمة في أنحاء أوروبا، ناقشت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل في اتصال هاتفي الأزمة مع رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر. وأرجأ رئيس الإقليم كارليس بيغديمونت من الإثنين إلى الثلثاء جلسة البرلمان الكاتالوني لمناقشة نتائج استفتاء الأحد الماضي، والتي أمرت المحكمة الدستورية الإسبانية بتعليقها، في حين لم تصادق الحكومة الكاتالونية حتى الآن على نتائج التصويت. لكنه يتعرض لضغوط هائلة للتحرك بسرعة من حزب اليسار المتطرف (حملة الوحدة الشعبية) الذي تحتاج حكومة بيغديمونت إلى تأييده لتمرير التشريع. وقال كارليس رييرا، المشرع عن حزب «حملة الوحدة الشعبية»: «حانت لحظة ممارسة تقرير المصير المحتومة، والتي لا مفر منها». وألقى أرتور ماس، سلف بيغديمونت، بثقله، وقال لصحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية إن القادة الكاتالونيين «يجب ألا يركزوا على كيفية إعلان الاستقلال، بل كيفية جعله فاعلاً». ويقول محللون إن الحكومة الكاتالونية تجازف بخسارة التعاطف الدولي وإعطاء مدريد ذريعة لرد متشدد إذا أعلنت الاستقلال على أساس تصويت غير دستوري. لكن إذا انتظرت طويلاً قبل التصرف حيال نتائج التصويت، قد ترى تلاشي الزخم وراء حركة الاستقلال. وقال جوان بوتيلا، عميد كلية العلوم السياسية في جامعة برشلونة المستقلة: «هناك شعور بخطر حقيقي، وليس فقط بقلق»، مضيفاً: «بقيت بضع ساعات لتجنب تصادم مباشر... إنها ساعات حاسمة»، علماً أن رئيس الحكومة الإسبانية راخوي حض بيغديمونت على «عدم المضي قُدماً بإعلان الاستقلال لتجنّب مشكلات أكبر»، في إشارة إلى بند في الدستور الإسباني لم يُستخدم سابقاً، ويسمح للحكومة المركزية بتعليق سلطة حكومة إقليمية.