أثار ارتفاع أسعار السلع العالمية «قلقاً متزايداً في الأشهر الأخيرة، فيما ساهم نمو الطلب العالمي في ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية، ما يهدد بدفع معدلات التضخم إلى المستويات المرتفعة التي سجّلتها قبل الأزمة. وتشعر دول مجلس التعاون الست بهذه الضغوط التضخمية، ويبدو أن السلع العالمية تقود هذا المسار الصعودي للأسعار»، وفق النشرة الاقتصادية الأخيرة ل «بنك الكويت الوطني». ولاحظ البنك أن «معدلات التضخم في دول مجلس التعاون الخليجي ارتفعت من صفر تقريباً عند بداية العقد، إلى أن بلغت الذروة فوق 11 في المئة في عام 2008. ومع بدء أزمة المال العالمية، تراجعت معدلات التضخم إلى نحو 3 في المئة في عام 2009». وأضاف: «على رغم ذلك، مهّد التعافي الاقتصادي العالمي في عام 2010 لعودة الضغوط التضخمية مجدداً. وعلى رغم أن متوسط معدل التضخم في عام 2010 لم يتغير عن مستواه لعام 2009، إلا أن هذا لا يعكس الارتفاع المتسارع في الأسعار خلال العام الماضي». ورأى أن «الأشهر الأخيرة شهدت ارتفاع معدلات التضخم إجمالاً في المنطقة بأكملها. وخلال العام الماضي، سجلت السعودية معدل تضخم أعلى من دول المنطقة، إذ ارتفع في النصف الأول من عام 2010 الى حدود 6 في المئة، وشهدت الكويت وعمان أيضاً ارتفاعات سريعة نسبياً في مستويات الأسعار خلال العام الماضي، ووصل معدل التضخم في الكويت في نهاية السنة إلى مستواه المسجل في السعودية. لكن التحول الأكبر كان في قطر، حيث كانت الأسعار تسجل انخفاضاً بلغ نحو 10 في المئة على أساس سنوي في الربع الأخير من عام 2009، لكنها عاودت الارتفاع. وفي الإمارات، ارتفع معدل التضخم عموماً، ولو بوتيرة أبطأ. لكن الاستثناء كان في البحرين، حيث يبدو أن التضخم تباطأ في الشهور الأخيرة». وأضاف: «على رغم أن معدلات التضخم بدأت بالارتفاع مجدداً، إلا أنها تبقى متواضعة مقارنة بمستوياتها المرتفعة جداً قبل عام 2009. فخلال تلك الفترة، كانت اقتصادات دول الخليج تشهد معدلات استثنائية من النمو الاقتصادي السريع، ثم تلقى النمو دفعاً قوياً من الارتفاع القوي في أسعار النفط الذي، إلى جانب السياسات النقدية التوسعية وتراجع قيمة الدولار والارتفاع الهائل في أسعار الإيجارات السكنية، قاد معدلات التضخم في دول الخليج إلى بلوغ مستويات قياسية». وأشار إلى أن «عام 2010 شهد، بعد انخفاض أسعار الطاقة العالمية خلال فترة الركود العالمي، انتعاش الاقتصاد العالمي ونمو الطلب على الطاقة وارتفاع أسعارها بنسبة وصلت إلى 60 في المئة على أساس سنوي في النصف الأول من عام 2010، وفق مؤشر مكتب أبحاث السلع (سي أر بي). وقد تستمر أسعار الطاقة بالارتفاع في عام 2011 على خلفية نمو الطلب من الأسواق الناشئة وعدم استقرار الوضع السياسي الحالي في كل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الغنية بالنفط». ورأى «الوطني» أن «الطاقة ليست العامل الوحيد وراء ارتفاع أسعار السلع. اذ ارتفعت أسعار المواد الغذائية في شكل كبير في صيف 2010، ويعزى ذلك جزئياً إلى الأحوال الجوية السيئة. وبلغ معدل التضخم في أسعار المواد الغذائية أعلى مستوياته أخيراً، التي ارتفعت بنسب وصلت إلى 40 في المئة على أساس سنوي في الشهرين الأولين من العام الحالي، متخطية المستويات المسجلة خلال أزمة المواد الغذائية عامي 2007 و2008، حين تسببت الأحوال الجوية والنمو القوي في تقليص الإمدادات ورفع الطلب عليها». وأشار إلى «بروز ترابط بين أسعار السلع، فأحد أسباب الارتفاعات الصاعقة الأخيرة في أسعار المواد الغذائية كان ارتفاع أسعار الطاقة، بخاصة في عامي 2008 و2010، ما فاقم ارتفاع أسعار المواد الغذائية من خلال زيادة تكلفة الإنتاج والنقل، وازدياد الطلب على أنواع الوقود العضوي (وبالتالي الحدّ من معروض المواد الغذائية). وتستمر أسعار المواد الغذائية بالارتفاع في الأشهر المقبلة بسبب ازدياد الطلب العالمي وارتفاع أسعار الطاقة». وتوقع «الوطني» أن «يتسارع معدل التضخم في دول الخليج إلى أكثر من 4 في المئة هذا العام بعد تسجيله 3 في المئة في عام 2010، وأن يرتفع معدل التضخم في كل دول الخليج، على رغم التفاوت في درجة هذا الارتفاع»، معتبراً أن «ذلك سيعزى في شكل كبير إلى ارتفاع أسعار السلع العالمية، خصوصاً المواد الغذائية التي قد تبقى مرتفعة هذا العام. وفي الشكل ذاته، قد تستمر أسعار الطاقة بالارتفاع في عام 2011 على خلفية الطلب المتنامي من الأسواق الناشئة وعدم الاستقرار السياسي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويميل هذا الأمر، في حد ذاته، إلى تعزيز النمو في دول الخليج واستمرار الضغوط التضخمية».