يحرص النواب الأعضاء في «تكتل التغيير والإصلاح» برئاسة العماد ميشال عون، على إشاعة موجة من التفاؤل بأن جلسة الانتخاب الرابعة التي دعا اليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري الخميس في 22 أيار (مايو) الجاري لانتخاب رئيس جمهورية جديد للبنان، خلفاً للرئيس الحالي ميشال سليمان الذي تنتهي ولايته في منتصف ليل السبت - الأحد المقبل، لن تكون كسابقاتها من الجلسات وستؤدي حتماً الى توفير النصاب القانوني لعقدها بما يسمح بانتخاب عون رئيساً للجمهورية بأكثرية 65 صوتاً من دون الأخذ في الاعتبار احتساب موقف كتلة «المستقبل» التي يعود القرار النهائي فيها الى رئيس الحكومة السابق سعد الحريري. حتى ان النواب أنفسهم يزايدون على بعضهم بعضاً في ترجيح كفة فوز عون مع ان عضو «تكتل التغيير» النائب آلان عون يبدي تحفظاً على تفاؤلهم، ولا يتوقع حصول مفاجآت في جلسة الانتخاب الرابعة، طالما ان الجلسة في حال عقدها لن تشهد اعادة خلط الأوراق كما يشتهي العماد عون الذي تقول مصادر نيابية ل «الحياة» إن تفاؤله ليس في محله ولا يقوم على احتساب دقيق لتوجه النواب بمقدار ما أنه يتطلع من وراء إشاعة موجة من التفاؤل الى إحداث هالة من القلق لدى قوى «14 آذار» يراد منها إحداث بلبلة في داخلها متزامنة مع المشاورات الجارية في باريس وأبرزها اللقاء الذي عقد امس بين الحريري ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع. وتجزم المصادر النيابية بأن عون لم يخف تفاؤله حيال إمكانية انتخابه رئيساً للجمهورية، مع انه يدرك قبل سواه أن حساباته النيابية ليست في محلها طالما ان الحريري لم يحسم موقفه من الحوار القائم بينهما على رغم ان عون يوحي بأنه على ثقة بأن الأكثرية النيابية ستصوت الى جانبه بصرف النظر عن موقف «المستقبل» من ترشحه. وتؤكد المصادر نفسها أن عون وإن كان بدأ يتصرف منذ الآن وقبل معرفة مصير جلسة الانتخاب المقبلة على ان انتخابه تحصيل حاصل، وأنه ينتظر اعلان النتيجة بصورة رسمية في جلسة الخميس، فإن معطيات مواقف الكتل النيابية لا تتفق وارتفاع منسوب التفاؤل لدى «تكتل التغيير» ومحازبيه إلا إذا كان يخطط للتشويش على لقاءات باريس. أين تقف الكتل؟ وتسأل هذه المصادر من أين سينتزع عون تأييد 65 نائباً له في جلسة الانتخاب طالما انه لا يخفي أمام زواره أنه ينتظر القرار النهائي الذي سيتخذه الحريري؟ وتقول لو أخذنا الأرقام التي يروج لها معظم النواب في «تكتل التغيير»، فمن أين سيؤمّن تأييد أكثرية نصف عدد النواب زائداً واحداً، خصوصاً ان علاقته ليست مستقرة مع رئيس المجلس في ظل استمرار تبادل الاتهامات في مجالسهما الخاصة؟ وتضيف: «لو افترضنا ان الرئيس بري حسم موقفه وقرر تأييد عون في انتخابات الرئاسة، فهل يفرط رئيس المجلس بعلاقته برئيس جبهة النضال الوطني وليد جنبلاط الذي لا يحبذ انتخابه وكذلك الأمر بالنسبة الى جعجع؟». وتتابع المصادر ان عون يؤكد أمام زواره وفي مجالسه الضيقة أن اقتراع رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي ومعه النائبان محمد الصفدي وأحمد كرامي بات محسوماً لمصلحته، فهل قرر ميقاتي الانفصال عن تنسيقه مع جنبلاط والتفرد في اتخاذ موقف لا يشجعه عليه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي؟ وتؤكد أن الإنجاز الوحيد الذي حققه عون تمثل في إعادة تصحيح علاقته بالنائب نقولا فتوش الذي كان يأخذ على حليفه أنه يتجاهله ولا يتصل به وهو يواصل استعداده لخوض معركة الرئاسة الأولى، وتضيف أن رئيس «تكتل التغيير» بدأ يتصرف وكأن رئيس الحكومة السابق النائب ميشال المر وحفيدته النائب نايلة تويني لن يترددا في انتخابه. وتعتقد المصادر أن التواصل من حين الى آخر لم ينقطع بين عون والمر الذي يبدي انفتاحاً على مرشحين آخرين، لكن القرار النهائي يعود الى النائب المتني بمعزل عما يتمناه هذا الوزير أو ذاك من «تكتل التغيير». وترى المصادر عينها أنه يحق لأي مرشح لرئاسة الجمهورية التفاؤل، لكن ليس على أساس ما يتمناه من دون أن يكون مقروناً بالقرارات النهائية للكتل النيابية إلا إذا كان عون قد نجح في تسجيل اختراق داخل كتلة «المستقبل» و «جبهة النضال الوطني» يؤمّن له وقوف عدد من نوابهما الى جانبه ويحقق أمنيته في اعتلاء سدة الرئاسة الأولى مستبقاً الموقف النهائي للحريري ومتوقعاً من جنبلاط أن ينقلب على موقفه في استمراره في ترشيح عضو كتلته النيابية هنري حلو لرئاسة الجمهورية. وفي هذا السياق، تحاول المصادر النيابية تسليط الأضواء على موقف الرئيس أمين الجميل من ترشح عون وتأييده بغية تبيان الخيط الأسود من الخيط الأبيض للتأكد من ان «الكتائب» لم تدخل في صفقة سياسية من تحت الطاولة تشكل بداية لفتح صفحة جديدة تتوج بتأييد نواب الحزب له في الرئاسة. وتؤكد المصادر أن التواصل بين عون و «الكتائب» لا يزال في بدايته ولم يتطور لمصلحة الأول بذريعة ان الرئيس الجميل يفضل التفاهم مع عون في ظل علاقته غير المستقرة مع «القوات»، وتضيف أن رئيس الجمهورية السابق ينفي ما يشاع عن التوصل الى تفاهم مع «تكتل التغيير» وتعتبر أنه ليس في وارد التفريط بعلاقته بقوى «14 آذار» أو التحضير للانفصال عنها في الاستحقاق الرئاسي، خصوصاً انه يطرح نفسه كمرشح تسوية. وتتوقف أيضاً أمام ما يشاع عن وجود تحول في المواقف الاقليمية والعربية والدولية لمصلحة عون يمكن تجييرها في صندوق الاقتراع انطلاقاً من صلتها الوثيقة بعدد من الأطراف المحلية. وعليه تقول المصادر النيابية إنها لا تتوقع حصول مفاجأة لمصلحة عون في جلسة الانتخاب اذا ما تأمن لها النصاب القانوني لعقدها، أي أكثرية ثلثي أعضاء البرلمان وبالتالي تستبعد أن تؤدي الأيام المتبقية من موعد الجلسة الى انتاج «طبخة» انتخابية خلافاً لمواقف الكتل النيابية من الاستحقاق الرئاسي. وتكشف أن عون وإن كان ينتظر الموقف النهائي للحريري من ترشحه، فإن هناك من يسأل عن مدى انسجام جميع الأطراف المنتمية الى قوى «8 آذار» في توفير الدعم له قبل السؤال عن موقف «المستقبل»، لا سيما ان بعض أطرافها لا يزال يدعم إمكانية التفاهم على مرشح تسوية يؤدي الى استبعاد المرشحين الذين يصنفون في خانة الأضداد والتصادميين. حضور الجلسة الرابعة وعليه، تعتقد المصادر ان من حق عون أن يتفاءل بانتخابه كغيره من المرشحين في محاولة لرفع معنوياته من جهة وللضغط على المترددين من حلفائه، ومن خلالهم على خصومه ودفعهم في اتجاه حسم مواقفهم قبل ان يعلن ترشحه بصورة رسمية. وتسأل المصادر لو افترضنا ان حسابات عون الانتخابية لا تتطابق مع واقع حال الكتل النيابية، فهل سيقرر مشاركة «تكتل التغيير» في جلسة الانتخاب الرابعة أم أنه سيطلب من نوابه الغياب عن الجلسة مع أن البطريرك الماروني بشارة الراعي يدعو الى عدم مقاطعة جلسات الانتخاب؟ وتؤكد أن «تكتل التغيير» على رغم موجة التفاؤل التي يوزعها عون في كل الاتجاهات لم يتخذ حتى الساعة قراره النهائي في خصوص جلسة الانتخاب مع ان بعض حلفائه نصحوه بضرورة مقاطعة الجلسة في حال إصراره على الانتخاب بورقة بيضاء، لأن الغياب يبقى أفضل من الإحراج الذي سيترتب على الاقتراع السلبي. ولم تستبعد المصادر احتمال حضور عون جلسة الانتخاب في جال أيقن عدم وجود مفاجأة يجرى الإعداد لها تحت الطاولة تؤمّن انتخاب رئيس «تسوية» نتيجة اتفاق غير معلن بين «14 آذار» وجنبلاط ويتحول عندها الى شاهد «زور» مع ان مثل هذه التوقعات ما زالت بعيدة المنال ولا يمكن جنبلاط مجرد التفكير فيها بمعزل عن بري وحلفائه من النواب المنتمين الى الكتلة الوسطية. إنما من حقه ان يقلق وأن يلتفت الى حليفه «حزب الله» الذي يمكن ان يوفر له الضمانات لجهة عدم إمكانية حصول مفاجأة مضادة للمفاجأة التي يروّج لها «الجنرال».