ندّد رئيس كاتالونيا كارليس بيغديمونت ب «عنف مجاني» شهده الإقليم الأحد خلال الاستفتاء على الاستقلال، متحدثاً عن «حق بإعلان دولة مستقلة». لكنه طالب بوساطة دولية لتسوية الأزمة مع الحكومة الإسبانية التي هددت باستخدام «كل ما يسمح به القانون» إذا اعلن الانفصاليون استقلالاً أحادياً، فيما حضّت المفوضية الأوروبية الطرفين على «الانتقال من المواجهة إلى الحوار». ودعت 44 منظمة، بينها أبرز نقابات العمال في كاتالونيا ورابطتان مستقلتان، إلى إضراب عام وتعبئة في الإقليم، فيما أعلنت السلطات الصحية أن 893 شخصاً تلقوا رعاية طبية، بعد تدخل شرطة مكافحة الشغب الإسبانية لمنع تنظيم الاستفتاء. وكانت حكومة كاتالونيا أعلنت أن مؤيّدي الانفصال فازوا بنسبة 90 في المئة، مشيرة إلى أن 2.26 مليون ناخب صوّتوا في الاستفتاء، بنسبة مشاركة بلغت 42.3 في المئة. ولم تتوافر المعايير الأساسية المطلوبة في العمليات الانتخابية في الاستفتاء، إذ لم تشرف أي لجنة انتخابية على تنظيمه، ولم تكن عملية الفرز شفافة، كما أن التصويت لم يكن سرياً. لكن بيغديمونت أصرّ على أن التصويت ملزم ويُعتد به، معتبراً ان كاتالونيا «كسبت الحق بإعلان دولة مستقلة». ودعا رئيس الوزراء ماريانو راخوي إلى تحديد هل يفضّل وساطة في محادثات حول مستقبل الإقليم، ومشدداً على «ضرورة وجود طرف ثالث، يجب أن يكون دولياً لكي يكون فاعلاً». وتابع أن كاتالونيا قررت «المطالبة بسحب كل قوات الشرطة التي نُشرت في (الإقليم) بسبب القمع»، وأضاف: «إنه أكبر يوم عنف مجاني شهدناه في السنوات الأربعين الماضية» بعد إحلال الديموقراطية إثر وفاة الديكتاتور فرنشيسكو فرانكو عام 1975. وأعلن أن الإقليم سيشكّل لجنة خاصة للتحقيق في «انتهاكات» الشرطة الإسبانية، وزاد: «هذا الأمر لا يجب أن يحصل مجدداً ولا يمكن ان يبقى من دون عقاب». واثناء حديث بيغديمونت مع الصحافيين، نزل متظاهرون الى شوارع برشلونة احتجاجاً على العنف وقطعوا طرقات امام حركة السير، مرددين «الشارع سيكون لنا دوماً». لكن وزير العدل الاسباني رافاييل كاتالا لوّح بالمادة 155 في الدستور الإسباني، والتي تمكّن الحكومة المركزية من تجميد سلطة الحكم الذاتي في كاتالونيا. وقال: «المادة 155 موجودة. سنستخدم قوة القانون كاملة. واجبنا تسوية المشكلة وهذا ما سنفعله، على رغم أن استخدام بعض الإجراءات قد يكون موجعاً. لكن إذا أعلن أحدهم استقلال جزء من الاراضي عن اسبانيا، فيجب ان نفعل كل ما يسمح به القانون لئلا يتم الامر بهذا الشكل». وكان راخوي اعتبر انه «لم يحصل استفتاء حول تقرير المصير في كاتالونيا»، مؤكداً ان «دولة القانون تبقى قائمة بكل قوتها». واتهم بيغديمونت بالترويج ل «انتهاك القانون وخرق مبدأ العيش المشترك»، وأعلن انه سيدعو الى محادثات بين كل الأحزاب ل «التفكير في المستقبل»، مشدداً على أن الحوار في شأن كاتالونيا سيكون «في إطار القانون». وتابع: «لن نسمح بإهدار 40 عاماً من الوئام، من خلال ابتزاز البلد بأكمله. آمل بأن يتخلى (الانفصاليون) عن مسار لا يقود إلى شيء». وأبلغ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون راخوي «تمسكه بوحدة إسبانيا الدستورية»، مكرراً في اتصال هاتفي أن «لديه محاوراً واحداً فقط يتمثل بشخص راخوي». ودعا وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل إلى حوار عاجل بين كاتالونيا وإسبانيا، فيما اعتبر نائبه مايكل روث أن «النزعة الانفصالية لا تحلّ أي مشكلة». ولفت وزير المال البريطاني فيليب هاموند الى أن الاستفتاء شأن «يخصّ إسبانيا وحكومتها وشعبها»، داعياً الى «حلّ دستوري». وكانت المفوضية الاوروبية حضت جميع الاطراف على «الانتقال من المواجهة الى الحوار»، معتبرة أن «العنف لا يمكن أن يكون أداة سياسية». واستدركت ان التصويت «يُعتبر غير شرعي في نظر الدستور الإسباني»، معربة عن «ثقة بقيادة راخوي في إدارة هذه العملية الصعبة». في جنيف، دعا المفوّض السامي لحقوق الإنسان في الأممالمتحدة الأمير زيد بن رعد الحسين مدريد إلى «إجراء تحقيق مستقل ومعمق وحيادي في العنف»، مبدياً ثقة بتسوية للنزاع «عبر حوار سياسي، مع احترام كامل للحريات الديموقراطية».