هل يمكن طرح الأسئلة عن غياب القصة السعودية عن القائمة الطويلة، التي أعلنتها جائزة الملتقى للقصة العربية، والتي تتبناها الجامعة الأميركية في الكويت؟ أم أن السؤال عن غياب القاص السعودي لا يبدو وجيهاً؟ طالما أن المنافسة تضم أسماء كثيرة من غالبية البلدان العربية، وبالتالي من المحتمل أن إمكانات المشاركين السعوديين لم تساعدهم في دخول المنافسة بندية. نسال والجميع يعرف أهمية القصة في السعودية والمستويات الفنية العالية والمركبة التي بلغتها وبلورتها طوال عقود من الاشتغال والمثابرة والمتابعة. هذا الغياب للقصة لا بد من إثارة الأسئلة عنه، وعن طبيعة المشاركين أيضاً، هل هم كتاب قصة حقيقيون أم مجرد باحثين عن الجوائز؟ عدد من الكتاب أدلوا ل«الحياة» بشهاداتهم حول القصة والجائزة: جبير المليحان: القصة صعبة الإبداع هذه جائزة عربية مفتوحة للجميع من كتاب القصة. ولا شك عندي في أن لجنة التحكيم تختار قائمتها الطويلة والقصيرة عبر محكات وضوابط علمية دقيقة تراعي مستوى الإبداع في النصوص، بعيداً عن اسم الكاتب أو من أي بلد كان. السؤال عن خلو الجائزة من قاصين سعوديين يبدو شاذاً وغريباً؛ وكأنك تقول عندما لا يفوز سائق (رالي)، مقام في السعودية مثلاً، سائق من هذا البلد إن سكانه لا يعرفون القيادة! أما القصة السعودية فهي بخير؛ لكن أمور عدة هي السبب؛ ثمة قامات قصصية متجاوزة في إبداعها، والدليل مسابقة نادي مكة، وسوق عكاظ، والزخم الكبير من المشاركين السعوديين. اثنان منهم حصدا الجائزتين! إذاً، ربما يكون الانشغال، وبخاصة أن ملاحقة الأخبار الثقافية تمر كسحب صيف، وتختفي وسط ركام «تويتر» وغيره من وسائل النشر السريعة التي تشبه رشة مطر تتبخر قبل أن تسقي وردة. لي تجربة مع الكثير من الأصدقاء المبدعين من كتاب القصة، ولديهم الكثير من الإبداع القصصي الناضج، وأنا أطاردهم أحياناً باللوم، وأحياناً (بالشحاذة) للنشر مجاناً في موقع القصة العربية من دون مردود يذكر! هل ترى الكم الهائل من النصوص، التي تنشر على أنها قصص قصيرة جداً، وأغلبها صف كلام لا علاقة له بفن القصة القصيرة جداً، صعبة الإبداع. طلق المرزوقي: المشاركة الدؤوبة ستقود إلى الجائزة أولاً يمكن القول إن هذه المسابقة مهمة لإنصاف هذا الجنس الأدبي بعد ما لحقه من إهمال وهذه لفتة جيدة. ثانياً: أستغرب غياب الصوت السعودي الجاد الذي يمكن المراهنة عليه للفوز بهذه المسابقة على رغم أننا نعرف أن تجربة كتابة القصة القصيرة في السعودية خلال العقود الثلاثة السابقة حققت حضوراً لافتاً ليس على المستوى المحلي، وإنما على المستوى العربي، لكنني أثق بأن القاصين السعوديين سيحصدون الجائزة متى شاركوا فيها بدأب، وبخاصة كتابنا أصحاب التجارب الرصينة والعميقة، إلا أن المؤسف في حال غياب القصة القصيرة أن الأندية الثقافية لا تقوم بالدعم اللازم لمنتجنا الثقافي المحلي، ويمكن سحب هذا الحكم على الجهات الرسمية المعنية بالثقافة. منيرة الإزيمع: الجوائز ليست معياراً وجود جائزة للقصة القصيرة من جهة أكاديمية ويشرف عليها أسماء معروفة شيء يدعو للتشجيع وللفخر، على رغم خلو القائمة الطويلة من الأسماء السعودية، مع أن لدينا الكثير من كتاب القصة المخلصين لها، ووجود أسماء مبدعة وتكتبها بفنية وحرفية، على رغم أن 11 قاصاً سعودياً رشحوا أنفسهم ولم يحالفهم الحظ. أرى أن القصة القصيرة السعودية التي تشهد على رغم الإهمال وتجاهل النقاد لها نشاطاً نوعياً وبشكل عام حافظت على الأصالة والحرفية. وأثبتت وجودها قبل الرواية السعودية، والقصة السعودية تتفوق على القصة العربية إن لم تكن توازيها، وعلى رغم أن الجوائز ليست هي المعيار دائماً إلا أن هناك سؤالاً دائماً يثيرني عن الجوائز بشكل عام، إذا كنت أنا من سأرشح نفسي، أين قيمة الجائزة المعنوية والأدبية، وأين صدقية الجهة المانحة ووفائها بمعايير الإبداع والحياد؟ طاهر الزارعي: صدمة وأسئلة إن فكرة إقامة جائزة في دورتها الثانية باسم القصة العربية القصيرة أمر يحتاج إلى وقفة اعتزاز بالقائمين عليها ممثلة بالجامعة الأميركية بالكويت، كما أن وجود نخبة من النقاد المحكمين يؤل إلى الثقة التي تمنحها الجائزة لهيئتها الإدارية والإشرافية، وما مشاركة نحو 22 دولة عربية إلا دليل على اكتشاف هوية القصة القصيرة ومواهبها من جديد بعد أن غابت بفعل الفنون الأخرى وطغيانها أو بفعل تغييبها من مؤسسات ودور نشر عربية في سبيل حصد المال من الفن الآخر (الرواية). لكن السؤال الذي لا بد أن يعلق في أذهاننا ككتاب قصة قصيرة هو: لماذا غاب القاصون السعوديون عن القائمة الطويلة على رغم من وجود 11 قاصاً؟ أمر مستغرب ومحير إذا ما اتكأنا على كلامنا السابق الذي ذكرناه عن الثقة بالجائزة ووجود محكمين نخبة، كما أننا كقراء نعرف ما وصلت إليه القصة القصيرة السعودية من إبداع منذ الثمانينات بأقلام كبيرة ماتزال تتناول القصة بأدواتها الفنية الحديثة، وهنا يجب أن نقف على النقاط التي دعت إلى عدم اختيار القصة القصيرة السعودية في القائمة الطويلة في ظل وجود قاصين من دول عربية أخرى ومتنوعة. فهل يعود ذلك إلى الأسماء التي تقدمت إلى الجائزة، إذ إنها لا تمتلك الأداة الحقيقية الفنية لكتابة القصة؟ أم يعود إلى القصص المقدمة في عدم تمكن أدواتها الفنية؟ أم كان ذلك فعلاً متعمداً من اللجنة المشرفة؟ وهذا أمر مستبعد ولا يقبله عقل. نحن أمام أسئلة محيرة عن ذلك، أسئلة يجب أن نجيب عليها، ولن يكون ذلك إلا بمعرفة النصوص والحكم عليها، وبخاصة أن العدد المقدم يعتبر كبيراً. بعد أن يتم فرز تلك النصوص ونشرها فإننا قراء ومهتمين بهذا الفن سندرك مدى غياب القصص السعودية عن القائمة الطويلة للجائزة بعد تقييمها. إننا ككتاب قصة قصيرة نتساءل كثيراً لأن ما حصل يشكل لنا صدمة في عدم اختيار قاص واحد من بين القاصين المشاركين. وهذا بالطبع لا ينتقص من اختيار القصص الأخرى لأسماء مختلفة. يبدو لي أن هذا التساؤل مشروع كبير للالتفاف حول الاهتمام بهذا الفن الأدبي في بيئتنا المحلية الإبداعية.