على المنصة نفسها التي طالما اعتلاها الرئيس المصري السابق حسني مبارك لتوزيع هدايا وجوائز على حفظة القرآن، وقف المرشد العام ل «الإخوان المسلمين» الدكتور محمد بديع وقادة في الجماعة يشنون هجوماً لاذعاً على نظام حكم مبارك. وكانت احتفالية «الإخوان» ب «ثورة 25 يناير» وإطلاق سراح القياديين في الجماعة خيرت الشاطر وحسن مالك، تأكيداً أن عهداً جديداً بدأ في مصر، فالجماعة التي حارت في السنوات الماضية لاستئجار قاعة في فندق تستضيف أيَّ تجمع لها من دون جدوى، أقامت أول من أمس احتفالاً ضخماً حضره آلاف من مختلف القوى السياسية في «مركز مؤتمرات الأزهر» في حي مدينة نصر القاهري، وهي القاعة نفسها التي استضافت مبارك خلال الاحتفالات الدينية. شباب «الإخوان» أخذوا على عاتقهم استقبال ضيوفهم، فارتدوا شارات عليها شعار الجماعة وشرعوا في تنظيم المرور في الشوارع المحيطة بالقاعة واستقبال الضيوف وإرشادهم إلى أماكن انتظار السيارات واصطحابهم حتى مدخل القاعة، لتبدأ مهمة القادة الذين اصطفوا للترحيب بالمدعوّين. القائمة لم تَخْلُ من مثقفين وقادة أحزاب معارضة وشيوخ وقساوسة، إذ حضر الاحتفال نائب عن شيخ الأزهر برفقة عدد من علمائه، وممثل للكنيسة القبطية مصطحِباً قساوسة. ووقف ممثل الكنيسة الإنجيلية القمص ميخائيل جرجس ورئيس لجنة الفتوى السابق في الأزهر الشيخ جمال قطب متشابكي الأيدي، وخلفهما لافتة كبيرة رُفع عليها شعار «الإخوان» وعبارة «احتفالية الإخوان المسلمين بالثورة... شعب يتحرر ووطن ينهض». ومن المنصة التي ألقى منها مبارك عشرات الخطابات التي انتقد فيها «خلط الدين بالسياسة» وهاجم ضمناً جماعة «الإخوان»، وقف بديع ليحيِّي الثورة التي «ردت إلى المصريين كرامتهم وحريتهم». وقال إن «نظام مبارك أراد إحداث وقيعة بين الإخوان والجيش، بتحويل المسجونين من الإخوان على المحاكم العسكرية، لكن تحمَّلَ الإخوان ظلم المحاكم العسكرية، وبقي حبهم للجيش وثقتهم فيه». ودعا المصريين إلى «الحفاظ على وحدتهم وعلى روح ثورة 25 يناير». وقال: «ميدان التحرير رَسَمَ الوجهَ الحقيقي لمصر بمعدنها الأصيل وتآلف قلوب المسلمين والمسيحيين، وكيف كان المسيحي يحمي المسلم أثناء الصلاة ويصب له الماء ليتوضأ، لكن هناك من يتربصون بالثورة ويحاولون سرقة فرحتها بإحداث الفتن، ولن نسمح بذلك». ولم يغب الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به مصر عن الاحتفالية، فأعلن نائب مرشد «الإخوان» رجل الأعمال خيرت الشاطر، أنه يدرس ورجالَ أعمال في الجماعة ومن خارجها، إنشاءَ صندوق أهلي لدعم الاقتصاد وتنميته والمساهمة في حل الأزمة الاقتصادية، وصندوق آخر لدعم أسر شهداء الثورة. وقال إن «الإخوان يمدون أياديهم لكل فئات الشعب، ومنهم الأقباط، فلم يسلم أحد من ظلم النظام السابق، سواء المسلمين أو الأقباط». ووصف الإفراج عنه وعن المعتقلين وحبس وزير الداخلية السابق حبيب العادلى وأمين التنظيم السابق في الحزب الوطني احمد عز وغيرهما من رموز النظام السابق، بأنه «آية من الله». وهنأ ممثل شيخ الأزهر الدكتور حسن الشافعي، الشاطرَ ومالك لخروجهما من السجن. وقال: «ربما لا يتنبه كثيرون أن يوم 11 شباط (فبراير) الذي أعلن فيه قرار تنحي الرئيس مبارك، شهد ذكرى ليلة سوداء في تاريخ مصر، اغتيال (مؤسس جماعة الإخوان) الإمام حسن البنا». وشدد ممثل الكنيسة الإنجيلية على «عدم وجود فتنة طائفية» بين المسلمين والمسيحيين. وظل يردد: «يحيا الهلال مع الصليب» و «مسلم مسيحي، أيد واحدة». وتحدث خلال الاحتفالية المراقب العام ل «الإخوان» في الأردن همام سعيد، فقال إن «مبارك لم يكن طاغية مصر فقط، لكن كان طاغية الأمة العربية كلها، وأسَّس مدرسة للطغيان».