في تجربة هي الأولى لها في التلحين، تعمل المغنية أحلام على إنجاز لحن أغنية، للمغنية شذا حسون. الخبر غريب نسبياً، فالمرأة الملحنة لا وجود لها في الحياة الفنية العربية، وإذا وجدت ففي شكل طفيف وعابر جداً، أي أن هذا الوجود قد يتم في تلحين أغنية ثم ينتهي إلى غير رجعة. المرأة الملحنة المحترفة والثابت أنها ملحنة محترفة، مفقودة تماماً، ولعلّ هذا من الأسئلة الكبيرة التي تُطرح في بعض الأوقات ثم تسحب من التداول تحت شعارات غير مفهومة هي الأخرى: لماذا تنجح المرأة ، بل تتفوق في كل الفنون من الغناء إلى التمثيل إلى الشعر، إلى الرسم إلى العزف إلى...، وأما في التلحين فدونها عوائق غامضة في واقع ليس خاصاً بالعالم العربي، بل يشمل العالم كله مع استثناءات محدودة ؟ في لبنان تردّد في السبعينات أن المغنية طروب أنشدت من ألحانها عدداً من الأغاني، وأن هيام يونس أنشدت أغنية أو اثنتين من ألحانها الخاصة، غير ذلك لم يَشعّ أن مغنية أو ملحنة تحترف التلحين. بقي التلحين صنعة الرجال في الأغلب الأعم لبنانياً وعربياً، لا بل اختفت حتى محاولات التلحين النسائية كلياً خلال السنوات الأخيرة، حتى ظهر خبر تلحين المغنية أحلام أغنية لشذا حسُّون، وقيل إنها سترى النور قريباً. ما هو هذا اللحن؟ ما هي تفاصيله؟ ولماذا لم تنشده أحلام نفسها وهي المعروفة بقدرتها على أداء ألوان شتّى من حيث المقامات الموسيقية؟ وهل تقوم أحلام بالتلحين بناءً على موهبة فطرية أم بناء على معرفة بالموسيقى؟ كل هذه الأسئلة مبررة قبل بث الأغنية، أما بعد البث فالبحث سينتقل إلى خانة أخرى: ما هي قيمة اللحن؟ وما هي قدرة أحلام على أن تكون ملحنة ثابتة لا ملحنة عابرة؟ ولكن مهما يكن من أمر، فإن التجربة تستحق أن تبحث وتناقش ويضاء عليها وتشجع لا سيما وأن أحلام لا «تتجرأ» على خوض التلحين أو الإعلان عن تلحين أغنية إذا كان هناك تردد في مستواها. فضلاً عن عنصر إيجابي آخر هو أن شذا حسُّون من النجمات اللواتي يفتحن أصواتهن على أسماء الملحنين المتنوعة والمتفاوتة أحياناً في ما تقدم، من دون أن تتأثر مسبقاً بذلك، فهي على ما يبدو تعتبر نفسها، ما دامت في بداية الطريق، مستعدة لتقبل الألحان من محترفين كبار كما من هواة جدد، وتريد أن تتعلم «من كيسها» على قولة المثل الشعبي اللبناني. الأغنية الجديدة التي تلحنها أحلام لشذا حسون، ستصدر إفرادية في وقت قريب، وربما يُصار إلى تأجيل بثها إذا كان الألبوم الجديد الذي تحضره شذا قد شارف على الانتهاء، ومن ضمن الملحنين الذين تعاونت شذا معهم في الألبوم المغني الملحن ماجد المهندس، وهناك احتمال لتعاون جديد مع ملحم بركات. لكن، إذا كانت السنوات الخمس الماضية، والتي ينقسم الرأي حيالها لدى الموقفين في أعمال شذا الفنية بين من يرى أنها أعمال جيدة ومقبولة قياساً بغيرها من نجمات برنامج «ستار أكاديمي»، ومن يرى أنها أقل بكثير من طاقتها. نقول إذا كان بالإمكان تقبل خوض شذا «تجارب» غير مدروسة في تلك السنوات، فإن تقبل «تجارب» أخرى من هذا الصنف، في المرحلة المقبلة قد يكون محفوفاً بالأخطار. ما يهمّ في الأغنية الجديدة بين أحلام كملحنة وشذا حسون كمغنية هو قدرتها على أن تشكل محطة مميزة بحيث تطلق ما كان ربما حبيساً في صوت شذا، مع ما كان حبيساً في رأس أحلام الملحنة. فتصبح ليس ممراً بالمصادفة لجملة لحنيّة من رأس أحلام إلى صوت شذا، بل نقطة انطلاق إلى أجمل... يجدر بنا الترحيب بالملحنة أحلام.