ممثل حساس وموهوب، أظهر جرأة حين قرر دخول عالم الإنتاج، فكان «متل الكذب» المسلسل الأول الذي يتولى إنتاجه. إنّه طلال الجردي الذي، إضافة إلى مهمة الإنتاج، يلعب دور البطولة في هذا المسلسل الذي كتبه طارق سويد وبدأت قناة «أل بي سي» عرضه في بداية الأسبوع. يؤدي طلال دور رب أسرةٍ وضعه العائلي ممتاز وله عمله الخاص، ولكن تطورات معينة تحصل معه تتسبب في تغيير نمط حياته الهانئة. «لا أستطيع التفوّه بأي كلمة إضافية لأنّ أي تفصيل يمكن أن يفضح مجريات القصة بخاصّةً أن حبكتها دقيقة جداً»، يقول الجردي، لذلك نتجه بالحديث إلى المسلسل الجديد الذي يصوّره حالياً وعنوانه «الهروب إلى النار» من كتابة جان قسيس وإخراج ألبير كيلو، حيث يلعب شخصية رجل سُجِن ظلماً وحين يخرج من السجن يجد أن الدنيا كلّها تغيّرت من حوله، فزوجته تبدّلت وأهله تبدّلوا وأخوه اختفى وأصدقاؤه انقلبوا عليه. كان الجردي شارك أيضاً في الفيلم التلفزيوني «كارلوس» للمخرج الفرنسي أوليفييه أساياس، والذي يُفترض أن يبدأ عرضه في الصالات اللبنانية الأسبوع المقبل بعد جولة على المهرجانات العالمية. وعن هذه التجربة يقول إنّها كانت غنية جداً، «مع العلم أنّ هذا العمل خلق عندي نوعاً من انفصام في الشخصية لأنّه من الصعب أن تكون في أجواءٍ مستواها الاحترافي عالٍ جداً ثمّ تنتقل فجأة إلى أجواء الإنتاج عندنا»! بالحديث عن الإنتاج، نلفت إلى أنّ طلال الجردي أسس مع بعض الشركاء شركة جديدة للإنتاج هي Via media بعدما انسحب من شركة 4 productions ، وسيكون عملها الأول مسلسل «من كل قلبي» الذي كتبه طارق سويد أيضاً، وسيبدأ تصويره أواخر هذا الشهر. وحين نسأل الجردي عن تجربته في الإنتاج يقول إنّه حاول أن ينقل قدر المستطاع أجواء الراحة التي عاشها في العمل مع الفرنسيين وحاول أن يلغي منطق الصراخ والضغوط التي تظهر بكثرة في إنتاجاتنا، ثمّ يعترف: «ارتكبت بعض الأخطاء في عملي في الإنتاج لكنني تعلّمت منها الكثير، وأعتقد أنّني اكتسبت دروساً ستساعدني لأتفادى الوقوع في أخطاء كثيرة في المستقبل». هذه الأخطاء يمتنع طلال عن ذكر بعضها ويكتفي بالقول إنّ هناك مطبات كثيرة يمكن أن يقع فيها المنتج منذ لحظة البدء بالعمل حتّى نهايته، وقد تعلّم الكثير من تجربته ومن أخطائه التي كلّفته مالاً أكثر في بعض الأماكن وتعلّم أن يختار الأشخاص الذين يرتاح في العمل معهم أكثر، «النتيجة النهائية لم تأتِ كما أردت مئة في المئة، لكنّها بلغت السبعين في المئة وهي نسبة مقبولة جداً بالنسبة إلى التجربة الأولى في التلفزيون». ما الدرس الأبرز الذي تعلّمه من تجربته أو ما الخطأ الذي سيركّز كثيراً لتفادي الوقوع فيه؟ بعد لحظات من التفكير يقول: «تعلّمت أن أفصل بين الصداقة والعمل وسأتفادى الوقوع في خطأ الثقة المفرطة بالناس». علمنا أنّ طلال لم يستطع بيع المسلسل بسرعة إلى محطة تلفزيونية فهل اكتشف صعوبة العمل في الإنتاج؟ يجيب أنّه شعر أنّ المدة كانت طويلة جداً مع العلم أنّه اكتشف في ما بعد أنّه باع عمله أسرع من غيره إذ إنّ آخرين صوّروا في الفترة ذاتها ولم يستطيعوا بيع عملهم، «لكن المشكلة التي واجهتني فعلاً بسبب التأخير في البيع هي تأخّري عن دفع أجور بعض مَن عملوا معي، ولذلك أستفيد من الفرصة الآن لأعتذر منهم». ويشرح قائلاً: «كنت قادراً على دفع ستين في المئة من تكاليف العمل واعتبرت أنّني سأبيع المسلسل وأقبض المال وأدفع مباشرة للجميع، ولم أكن أعرف أنّه بعد البيع كان عليّ الانتظار ثلاثة أشهر قبل البدء بقبض المال، لذلك خجلت ممّن لم أستطع أن أدفع مالهم بسرعة لأنه لم يبقَ معي مالاً حينها». ويشير الجردي إلى أنّ هذا خطأ لن يقع فيه مجدداً وسيشدد على فكرة عدم البدء بتصوير عمل قبل تأمين مصاريفه كي يستطيع أن يدفع لكل شخص حقّه، «عندها أستطيع أن أنتظر المحطة كي تدفع لي وإن تأخّرت تصبح تلك مشكلتي». هل نستنتج أنّ الجردي بات يتفهّم المنتجين حين يتأخرون عن الدفع بعدما انتقل من جهة الممثل الذي ينتظر ماله من المنتج إلى جهة المنتج الذي يعجز أحياناً عن دفع المال للممثل؟ يسارع الجردي إلى الإجابة بنبرةٍ حاسمة: «بالطبع لا أتفّهمهم ولا أبررهم لأنّهم في هذا المجال منذ أعوام كثيرة وباتوا يعلمون كيف تجرى الأمور مع المحطات ويعلمون كل أسرار الكواليس». ويؤكّد مشدداً على كل كلمة: «هذه التجربة كافية بالنسبة إلي لكي لا أقع في هذه الهفوة مجدداً، علماً أنّ الأشخاص الذين تأخرت لدفع كامل أتعابهم كانوا قلة، في حين أنّ الباقين قبضوا مستحقاتهم في اليوم الأخير من التصوير». عن وضع الدراما في لبنان يعبّر الجردي عن نظرته الإيجابية إليها إذ يرى أنّها في مسيرة تصاعدية ويتمنّى لو تبقى كل المحاولات في هذا الاتجاه، «أي عمل غير متقن يشوه الصورة المشجّعة التي بدأت تتكوّن عند الجمهور، لذلك من الأفضل أن نركّز جداً على النوعية لا على الكمية.»