زادت بغداد ضغوطها على إقليم كردستان، بعد تنظيمه الاستفتاء على الانفصال، وفرضت سلسلة جديدة من العقوبات، معلنة أن تركيا لن تتعامل إلا مع الحكومة الاتحادية في ما يتعلق بشراء النفط. أكد ذلك الرئيس رجب طيب أردوغان في خطاب، خلال تخريج دفعة من ضباط الشرطة، وقال إن إقليم كردستان «يرمي نفسه في النار»، ودعا رئيس الإقليم مسعود بارزاني إلى الاكتفاء بالحكم الذاتي في إطار العراق. وجدد بارزاني دعوته الحكومة الاتحادية إلى الحوار، لكنه أعلن أن «العقوبات التي فرضتها بغداد على الإقليم دليل على أن خيار الاستفتاء كان صحيحاً» (للمزيد). وستعلق كل شركات الطيران رحلاتها إلى مطاري أربيل والسليمانية مساء اليوم، وبدأت عائلات الجاليات الأجنبية مغادرة الإقليم، خوفاً من العواقب. وشهدت مدن الإقليم التي تعد مقراً لمئات الشركات الأجنبية العاملة في العراق أمس، هجرة جماعية للأجانب، وازدحم مطارا أربيل والسليمانية بالطائرات التي تقل عائلات أعضاء البعثات الديبلوماسية العربية والأجنبية، قبل يوم من تنفيذ قرار حظر العمل في المطارين الذي اتخذته الحكومة في إطار سلسلة من العقوبات، شملت تجميد الحوالات المصرفية بين كردستان وبقية أنحاء العراق، والعمل على نقل خط نقل النفط إلى ميناء جيهان التركي كي لا يمر في المناطق التي يسيطر عليها الأكراد، إضافة إلى أوامر بترحيل عدد من الشخصيات الديبلوماسية المقربة من بارزاني تتهمها بغداد بدعمه في الانفصال. ومن شأن الإجراءات التي اتخذتها بغداد أن تترك تداعيات كارثية على سكان كردستان، لا سيما الأجانب الذين يعملون في قطاعات مختلفة. وقالت مديرة مطار أربيل تالار فائق صالح، إن «كل الرحلات الدولية، من دون استثناء، من مطار أربيل وإليه، ستعلق اعتباراً من السادسة (15 توقيت غرينتش) مساء الجمعة». وغادر عدد كبير من الأجانب العاملين في أربيل أمس، خوفاً من أن يعلقوا في الإقليم لأن تأشيرات دخولهم صادرة عن السلطات الكردية، ولا تعترف بها بغداد. وقالت صالح: «لدينا قنصليات وشركات دولية، سيؤثر القرار في الجميع، كما أن هناك جالية أجنبية كبيرة هنا، لذا فإن القرار ليس ضد الشعب الكردي، كما لدينا عدد كبير من اللاجئين يستخدمون المطار. وكنا دائماً نشكل جسراً ما بين سورية والأمم المتحدة لإرسال المساعدات، كما نستضيف قوات التحالف الدولي هنا، فالمطار يستخدم لكل شي». من جهة أخرى، اتفق العراق وإيران على فرض سيطرة بغداد على الحدود والمنافذ المشتركة، فيما قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أمس: «نعتزم أن نلتقي، تركيا وإيران والعراق، في مستقبل قريب لتنسيق الإجراءات الواجب اتخاذها». وأضاف: «نرغب في عقد قمة ثلاثية، نعتقد أن هذه الصيغة ستكون أكثر فاعلية». وزاد أن «أجهزتنا الديبلوماسية تعمل» لتنظيم هذه القمة. واتصل يلدريم أمس بنائب الرئيس الإيراني اسحق جهانغيري، غداة مكالمة هاتفية مع العبادي. ودعت الخارجية التركية رعاياها «الذين لا يعتبر وجودهم ضرورياً» إلى مغادرة كردستان «قبل تعليق الرحلات». وبعد مرور ثلاثة أيام على تنفيذ الاستفتاء وتصاعد الضغوط الإقليمية على الإقليم، يقول مراقبون أكراد إن السلطات تعول على الوقت لانتهاء موجة الاعتراضات على الاستفتاء، ثم تبدأ معالجة التداعيات ومنها إنشاء هيئة طيران خاصة، والتفاهم مع طهران وأنقرة على آليات جديدة للعلاقات، مستبعدين عودة الحوار مع بغداد. وتعوّل الحكومة العراقية برئاسة حيدر العبادي الذي بدأ أمس نشر بياناته وتعليقاته بالكردية، بدورها على الوقت، وتعتقد أن نتائج الحصار ستظهر خلال أسبوع من تطبيقه، وقد يقود إلى تداعيات سياسية وشعبية داخل الإقليم.