علمت «الحياة» من مصدر أوروبي أن الدول الأوروبية سمعت من فرنسا خلال جلسات التشاور، شرحاً حول الوضع الحكومي في لبنان مفاده أن ما جرى على صعيد الحكومة لجهة إخراج الرئيس سعد الحريري وتكليف الرئيس نجيب ميقاتي، «يمثل قطيعة مع توازن كان عابراً ولو أكده مؤتمرا الطائف والدوحة اللذان مثلا قوانين اللعبة السياسية لمدة عابرة، إذ قلبت مفاعيلهما وظهر ميزان قوى جديد مع غالب ومغلوب، والمغلوب هو الرئيس الحريري وعبره الطائفة السّنّية ومجموعة 14 آذار، فيما فرض الشيعة مرشحاّ سنّياً هو الرئيس ميقاتي». ووفق الشرح الفرنسي ذاته، فإن ميقاتي «شخصية تحظى باحترام والكل يقدّره، لكنه سيضطر الى تنفيذ ما أدّى الى تعيينه، أي سياسة قطيعة مع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وأيضاً سياسة قطيعة مرتبطة بالوضع الأمني والجهاز الأمني في لبنان، وربما يضطر تحت ضغوط الى كسر كل الجهاز الأمني الذي كان في وقت سعد الحريري ووالده، فضلاً عن أن ميقاتي وأخاه وعائلته مرتبطون في شكل كبير بالرئيس السوري بشار الأسد ونظامه، ما يعني أن القطيعة المذكورة حقيقية وعلينا أن نتعامل معها». وأوضحت مصادر فرنسية مطلعة ان «بعض الأوروبيين لا رأي لهم في الموضوع، وبعضهم الآخر يقول انه سيتعامل مع الوضع الجديد»، مضيفة ان «البريطانيين يوافقون على التحليل الفرنسي والألمان يريدون التحاور مع ميقاتي، وفرنسا توافق على ذلك ولكن لتقول له ما تتوقعه منه، فإذا تمكن من تشكيل حكومته ستتعامل معها بالطبع، لكنها ستراقب بدقة ما ستفعله». وتناولت المصادر ذاتها استقالة البطريرك الماروني نصرالله صفير باعتبارها «تمثل غياب رمز كبير للديانة المسيحية في لبنان وللبنان حتى ولو كان المسيحيون منقسمين». ورأت ان «لبنان عرف ثلاثة رؤساء طوائف أساسيين هم المفتي حسن خالد الذي اغتيل، والشيخ محمد مهدي شمس الدين الذي توفي، والبطريرك صفير الذي استقال»، معتبرة ان «الساحة الروحية ستترك واسعة ل (الأمين العام ل «حزب الله» السيد) حسن نصرالله الذي يرأس طائفة شيعية منظمة في حين ان المسيحيين منقسمون والطائفة السنّية انقسمت عملياً، وحتى لو كانت الغالبية فيها مؤيدة للحريري، لكنها غالبية غير فاعلة وهذا تطوّر إضافي يتيح لحزب الله أن يكون وحده مسيطراً على اللعبة مع غياب كبار رؤساء الطوائف التاريخيين». تأخر القرار الاتهامي وكشفت مصادر دولية ل «الحياة» ان نتائج التحقيق الدولي التي قدمها المدعي العام الدولي دانيال بلمار الى رئيس المحكمة القاضي دانيال فرانسين «سيتأخر إقرارها الى أيار (مايو) أو حزيران (يونيو) نتيجة حاجة فرانسين الى المزيد من الدرس لأسماء إضافية للقرار الظني قدّمها القاضي دانيال بلمار». وعلى خط موازٍ، أكدت مصادر فرنسية أن «التطورات في تونس ومصر وليبيا إضافة الى ما حدث في لبنان جعلت باريس أكثر حذراً في علاقتها مع سورية»، وأن باريس «التي ترى لسورية دوراً على الصعيد الإقليمي تتساءل حالياً حول معايير العلاقة مع دمشق، خصوصاً أن ما حصل في لبنان يمثل نصراً لسورية وحزب الله، فيما لم يكن لفرنسا وزن فيه، ونجح الفريقان المذكوران في التخلص من رئيس حكومة كان يزعجهما لأنه كان يمثل قراراً مستقلاً». وقالت المصادر ذاتها ان «ما تتوقعه باريس من سورية هو جهود حقيقية على حدودها مع لبنان لمنع وصول السلاح لحزب الله، والمساعدة على إغلاق المخيمات الفلسطينية العسكرية على الحدود»، موضحة ان فرنسا «لن تقبل بمعارضة رسمية للمحكمة الدولية ولقرار مجلس الأمن في شأنها». وأكدت المصادر أن «ليس هناك أي نية لفرنسا لسحب قواتها من «يونيفيل»، إذ إنها التزمت تجاه لبنان وحكومته وينبغي أيضاً أن تلتزم حكومة لبنان قرارات مجلس الأمن. ولكن أي إعادة للنظر في وجود القوات الفرنسية في يونيفيل تكون خطيرة لأنها تعني سحب الاهتمام بلبنان، وبما ان فرنسا بلد صديق للبنان سيعني ذلك ان فرنسا لا يُعتمد عليها».