بعد سجال حاد في الساحة السعودية، وحملات مناهضة، استمرت لأكثر من 20 عاماً، استقبل السعوديون الأمر السامي الذي أتاح للمرأة السعودية قيادة السيارة مساء أول من أمس، ب«الفكاهة» و«الطرائف» ما عكس تقبل المجتمع للقضية التي أشعلت الرأي العام السعودي طوال الأعوام الماضية، وتبادل السعوديون «التهاني» و«التبريكات» بالقرار التاريخي الذي انتصر فيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز للمرأة السعودية، مرفقة ببعض «الطرائف» المصورة و«الكاريكاتير» الفكاهي، والتي تم تداولها على نطاق واسع يوم أمس. وأسقط السعوديون «الحس الفكاهي» كتعبير طريف، عما سيكون عليه وضع الطرقات في المناطق السعودية بعد تنفيذ القرار، إذ تزاحم المرأة بعد تسعة أشهر الرجال في معارض السيارات والشوارع الرئيسة ومواقف السيارات، ومحال الزينة، والورش الصناعية، المنظر الذي لم يعتد عليه السعوديون داخل المملكة ما دفعهم لتخيل تلك المواقف والتعبير عنها ب«مقاطع ساخرة». وعلى رغم ردود الأفعال «الشرسة» التي طاولت حملات المطالبة بقيادة المرأة منذ العام الميلادي 1990 وحتى الأشهر القليلة الماضية، إلا أن ردود الأفعال التي تلت الأمر السامي الصادر مساء أول من أمس، والذي أعاد للمرأة حق قيادة السيارات داخل المملكة، واستخراج رخص القيادة، كشفت عن قبول كبير للقضية الأولى في المجتمع السعودي، إذ تبادل مغردون يوم أمس، النكات والطرائف حول قيادة المرآة، شملت صوراً لسيارات ذات ألوان وأصباغ وردية، ومقاطع حول كيفية اختيار المرأة لسيارتها الخاصة، كما نشر مغردون صورة تهكمية للمخرج الكهربائي «ولاعة» السيارة داعين المرأة لاستخدامه قبل القيادة ك«أحمر شفاه». ولم يغفل المغردون عن تخيل بعض المواقف في الطرقات وابتداع «طرائف ساخرة» ككيفية تعامل المرأة مع حوادث السير، أو ازدحام الطريق، أو كيفية إخراج المركبة من المواقف، فيما حذر مغردون بشكل ساخر من الانشغال أثناء القيادة، لأي سبب كان، حتى بتعديل السائقة ل«النقاب» مطلقين شعار «تعديل نقابك سبب في انقلابك». وأكد استشاري الطب النفسي الأمين لاتحاد الأطباء النفسيين العرب الدكتور طارق الحبيب أن استقبال قرار قيادة المرأة بتبادل الطرائف يعكس نضجاً انفعالياً وقبولاً لا شعورياً للقرار، إضافة إلى كونه يعكس التوحد وثقة الشعب بالقرارات الحكومية. وأوضح في حديث ل«الحياة» أن الشعوب تعبر عن انفعالاتها بطرق مختلفة، أحياناً يكون التعبير بالغضب، وأحياناً التعبير بكتمان الغضب، وأحياناً بطريق استخدام الطرائف، مشيراً إلى كون هذا التعبير عن الشعور قد يكون إيجابياً أو سلبياً، وقد يكون مؤيداً أو رافضاً فهي عادات متوارثة داخل الشعب ربما يتعلمها من الشعوب الأخرى. وأضاف: «قرار قيادة المرأة للسيارة في السعودية، أعتقد أنه لاقى قبولاً كبيراً، إذ إن بعض القبول معلن والآخر بطريقة الفكاهة والطرفة وهي مساجلة معتادة بين الرجل والمرأة. وبعض القبول يحتاج إلى وقت عند البعض لا لشيء سوا لأنه جديد واعتاد أن يتعامل مع الجديد أن ينتظر أن يراه على أرض الواقع فعادته لا يستطيع أن يتخيل الأشياء إلا بعد أن يراها واقعاً».