فرض توتنهام الانكليزي نفسه كأحد كبار الأندية الأوروبية لكرة القدم هذا الموسم بعدما أطاح الأربعاء بميلان الإيطالي العريق وبلغ الدور ربع النهائي من مسابقة دوري الأبطال للمرة الأولى في تاريخه. ومن المؤكد أن الفضل في هذا الإنجاز يعود في شكل كبير إلى مدربه هاري ريدناب الذي اعتبر بعد انتهاء مباراة "وايت هارت لاين" بالتعادل من دون أهداف ما كان كافياً لتأهل فريقه لأنه فاز ذهاباً في ميلانو 1-صفر، أن أحداً لم يكن يتوقع أن ينجح توتنهام في تحقيق هذا الإنجاز الذي يحمل نكهة مميزة كون الجار الشهير آرسنال ودّع الثلثاء المسابقة على يد برشلونة الإسباني. "لا أعلم إلى أين سنصل لكننا قمنا بعمل جيد جداً حتى الآن"، هذا ما قاله ريدناب بعد الإطاحة بالفريق اللومباردي المتوج باللقب القاري العريق في 7 مناسبات، مضيفاً "لو قلنا قبل عامين أننا سنتأهل إلى الدور ربع النهائي من دوري أبطال اوروبا، لكانوا إتهمونا بالجنون". وزاد: "أعتقد أن الجماهير تعيش الحلم الآن. ما حققناه حتى الآن كان يعتبر بمثابة الحلم المستحيل. لم يفكر المشجعون قبل عامين بامكان تحقق هذا الأمر. إنها مشاركتنا الأولى في دوري الأبطال. من المؤكد انهم يستمتعون بما تحقق، خصوصاً أنه جاء بعد تصدرنا مجموعتنا التي كانت تعتبر من أقوى المجموعات، ومن ثم الفوز على ميلان، إنهم متلهفون لما سيحصل لاحقاً". نجح ريدناب منذ وصوله إلى توتنهام في 23 تشرين الأول (أكتوبر) 2008 في تحويل النادي اللندني من فريق يحاول تجنّب الهبوط إلى الدرجة الأولى، إلى فريق يقارع كبار القارة الأوروبية وهو لا يعتبر من المدربين التقليديين لانه شخصية مثيرة للجدل بسبب مخالفاته القانونية وآخر فصولها تهرّبه من دفع الضرائب إلى جانب تورّطه بصفقات إنتقال مشبوهة، لكن الجماهير واللاعبين يعشقونه لخفة ظله وإبتسامته الدائمة ولأنه الرجل المكافح الذي كان قاب قوسين أو أدنى من مفارقة الحياة بعد تعرضه لحادث سير مروع في إيطاليا خلال مونديال 1990. ولا يمكن تصنيف ريدناب ضمن فئة المدربين التكتيكيين، إنه مدرب الجيل القديم الذي لا يحبذ التعقيدات ويفضل دائماً اللعب الهجومي البسيط، وقد يكون هذا الأسلوب مفتاح وصول مدرب بورنماوث ووست هام يونايتد وبورتسموث وساوثمبتون السابق إلى رأس الهرم الفني للمنتخب الإنكليزي بعد نهائيات كأس أوروبا 2012، لأنه من أبرز المرشحين لخلافة الإيطالي فابيو كابيلو. لقد أطلقت جماهير توتنهام على ريدناب لقب هاري "هوديني" تيمناً بالساحر الإستعراضي الأميركي الشهير هاري هوديني، لأنه ما أن تسلّم مهام الإشراف على الفريق اللندني حتى تغيّر وضع الأخير تماماً وانتقل من فريق يقبع في ذيل ترتيب الدوري الممتاز إلى آخر يزاحم العمالقة على مراكز المقدمة. عندما وصل ريدناب (63 سنة) إلى توتنهام خلفاً للاسباني خواندي راموس، كان الفريق اللندني يقبع في المركز الأخير في الدوري المحلي برصيد نقطتين فقط من ثماني مباريات، لكن هذا المدرب وضع لمساته السحرية على الفريق وأعاده إلى السكة الصحيحة حتى أنهى الموسم في المركز الثامن. ثم وفي الموسم التالي فرض توتنهام نفسه بقوة ودخل في نزال مع الكبار حتى نجح في نهاية المطاف في التفوق على العملاقين ليفربول ومانشستر سيتي وخطف المركز الرابع الذي فتح أمامه باب المشاركة هذا الموسم في مسابقة دوري الأبطال للمرة الأولى في تاريخه. ومن المؤكد أن عشق جماهير توتنهام لهاري "هوديني" ريدناب قد زاد هذا الموسم لأن الفريق اللندني أضحى أول وافد جديد إلى دوري الأبطال يتصدّر مجموعته في الدور الأول بعدما تفوق على إنتر ميلان حامل اللقب بالفوز عليه 3-1 إياباً على ملعب "وايت هارت لاين" بعد أن خسر أمامه ذهاباً في "جوسيبي مياتزا" 3-4 في مباراة تقدم خلالها الفريق الإيطالي برباعية نظيفة، قبل أن ينجح ضيفه اللندني في تقليص الفارق بفضل ثلاثية من الويلزي غاريث بايل الذي يعتبر من إكتشافات ريدناب كما الحال بالنسبة لأرون لينون. وتوتنهام بقيادة والد لاعب المنتخب وليفربول السابق جايمي ريدناب وعم نجم تشلسي فرانك لامبارد ليس الفريق الذي يلعب من أجل النتيجة وحسب، بل أنه فريق ممتع بفضل أدائه الهجومي السلس الذي أظهره أمام ميلان ذهاباً، كما أنه يعرف كيف يدافع عندما تتطلب الحاجة كما فعل في مباراة الأربعاء التي واجه فيها الإيطاليين بسلاحهم الدفاعي التقليدي وحرم فريق المدرب ماسيميليانو اليغري من الوصول إلى الشباك، على رغم وجود الترسانة الهجومية المكونة من الثلاثي السويدي زلاتان ابراهيموفيتش والبرازيليين باتو وروبينيو. لكن ما يميّز توتنهام تماماً هي النكهة الهجومية التي تجسّدت من خلال الأداء الذي قدمه في دور المجموعات إذ كان أفضل فريق هجومي مشاركة مع جاره اللندني آرسنال حيث سجل كل منهما 18 هدفا في 6 مباريات. "أحاول ألا أبالغ في التفاؤل عندما تجري الأمور بطريقة جيدة، كما أني لا أبالغ في التشاؤم أيضاً عندما نكون في وضع صعب"، هذا ما قاله ريدناب بعد المباراة، مشيراً إلى أنه في استطاعة فريقه الوصول إلى نصف النهائي شرط أن تجنّبه القرعة مواجهة برشلونة. وأضاف: "برشلونة هو الفريق الوحيد الذي لا تريد مواجهته في ربع النهائي. آرسنال فريق يمرر الكرة جيداً، انه فريق رائع لكنه بدا عاجزاً الثلثاء (أمام برشلونة 1-3). أعتقد أن أداءه كان رائعاً (لبرشلونة) في مواجهة أفضل فريق في الدوري الانكليزي من ناحية تمرير الكرة. أن يجعلهم (آرسنال) يظهرون كفريق عادي ويمنعهم من التسديد لو مرة واحدة نحو المرمى، فهذا أمر مذهل".