صوّت أكراد سورية أمس في المرحلة الأولى من انتخابات تنظمها الإدارة الذاتية الكردية للمرة الأولى منذ اعلان النظام الفيديرالي في مناطق سيطرتها في شمال سورية. ومن المقرر أن تجري الانتخابات على ثلاث مراحل، بدأت باختيار لجان محلية أمس على أن تنتهي في كانون الثاني (يناير) عام 2018 بانتخاب مجلس تشريعي ل «روج آفا»، أي غرب كردستان. وتعد الانتخابات مقامرة كبرى بالنسبة إلى المكون الكردي في سورية في ضوء عدم اعتراف السلطات السورية بها، واستنفار تركيا وإيران منها، وعدم توحّد كل الأكراد خلفها. وعلى رغم الدعم الأميركي العسكري واللوجستي للأكراد في حربهم ضد تنظيم «داعش»، إلا أن موقف أميركا من الطموحات السياسية لأكراد سورية غير واضح تماماً. لكن وعلى رغم الأخطار يعتبر السياسيون الأكراد الانتخابات فرصة تاريخية بالنسبة إلى طموحاتهم في حكم ذاتي في سورية في اطار الدولة المركزية. وفتحت مراكز الاقتراع في مدن شمال سورية وبلداتها عند الساعة الثامنة صباحاً، وأغلقت عند الساعة الثامنة مساء. وقال الرئيس المشترك لمكتب الإعلام في الإدارة الذاتية دلخواز خليل «هناك مشاركة عالية جداً»، من دون أن يحدد النسبة حتى الآن. وصوّت الأكراد أمس في المرحلة الأولى لانتخاب الرئاسات المشتركة (كل رئاسة تضم رجلاً وامرأة) لما يطلق عليه «الكومونات»، اي اللجان المحلية للأحياء والحارات. وبلغ عدد المرشحين، وفق خليل، «12085 مرشحاً» يتنافسون على «3682 من الكومونات» اي اللجان المحلية. وأمام مركز اقتراع في القامشلي، جلس رجال ونساء على كراس بلاستيكية وفي أيديهم بطاقاتهم الانتخابية الزرقاء اللون ينتظرون الإدلاء بأصواتهم. وقال محمد خليل، أحد سكان القامشلي «سأعطي صوتي لمن يمثلني ومن أعتقد انه قادر على أن يخدمنا كوننا كنا محرومين... كنا نعاني الظلم ولم تكن لدينا هوية او حق». وأفاد مراسل «فرانس برس» في مدينة الحسكة عن تعزيزات أمنية لقوى الأمن الداخلي الكردية (الأسايش) ومنع تجول السيارات في احياء المدينة. وقالت نازدار محمد، طالبة جامعية في ال 22 من العمر، بعد خروجها من مركز انتخابي في حي الصالحية في الحسكة «جئت تقديراً لتضحيات الشهداء الذين سقطوا لأجل سورية ديموقراطية فيديرالية، ولأجل الحفاظ على مكتسبات الشعب الكردي». في المرحلة الثانية من الانتخابات في الثالث من تشرين الثاني (نوفمبر)، سيتم انتخاب مجالس محلية للنواحي والمقاطعات التي يتألف منها كل اقليم. ويصار في المرحلة الثالثة والنهائية في 19 كانون الثاني (يناير) الى انتخاب «مجلس الشعوب الديموقراطية» لكل اقليم من الأقاليم الثلاثة التي ستتمتع بصلاحيات تشريعية محلية. كما سيتم في اليوم نفسه انتخاب «مؤتمر الشعوب الديموقراطية» العام الذي سيكون بمثابة برلمان عام على رأس مهماته تشريع القوانين ورسم السياسة العامة للنظام الفيديرالي. ويؤكد الأكراد أن هذه الانتخابات لا تخصهم وحدهم بل تشمل مكونات المجتمع كافة من عرب وسريان وأرمن وتركمان. وقال عبد الكريم حاج داوود من القامشلي «هذه الانتخابات هي بمثابة استفتاء لنا وبإذن الله ستكون كذلك، الناس متفائلون». وكان صالح مسلم الرئيس المشترك ل «حزب الاتحاد الديموقراطي»، أكبر الأحزاب الكردية في سورية وأكثرها نفوذاً، قال لوكالة فرانس «مطلبنا في سورية ليس الانفصال... مطلبنا الفيديرالية». وأضاف «الانتخابات هي الخطوة الأولى لترسيخ النظام الفيديرالي والديموقراطية الفيديرالية» في سورية. وقبل اندلاع الحرب في سورية عام 2011، عانى الأكراد الذين يشكلون أكثر من 15 في المئة من سكان سورية، من التهميش على مدى عقود. وبدأوا بتعزيز موقعهم بعد انسحاب قوات النظام تدريجياً من مناطقهم ما سمح لهم بالسيطرة على مناطق واسعة في شمال البلاد وشمال شرقها. وبرزوا في وقت لاحق كالقوة الأكثر فعالية في قتال «داعش». في آذار (مارس) 2016، أعلن الأكراد النظام الفيديرالي في مناطق سيطرتهم التي قسّموها إلى ثلاثة أقاليم هي الجزيرة (محافظة الحسكة، شمال شرق) والفرات (شمال وسط، تضم أجزاء من محافظة حلب وأخرى من محافظة الرقة) وعفرين (شمال غرب، تقع في محافظة حلب). وتعارض الحكومة السورية، التي تستعيد أراضي بدعم روسي وإيراني، الانتخابات وقالت مراراً إنها سوف تستعيد كل الأراضي التي خرجت من قبضتها خلال الحرب المستمرة منذ ست سنوات.