تواصلت جلسات مؤتمر دور الجامعات العربية في تعزيز مبدأ الوسطية بين الشباب العربي المنعقد حالياً في جامعة طيبة، بدرس المفاهيم التي تقابل مبدأ الوسطية كالظلم والطغيان والغلو والتشدد والإفراط، إضافة إلى تعزيز مبدأ الوسطية في الجامعات ودورها في نشر هذا المبدأ في المجتمع. وناقش المؤتمر في جلسته الأولى أمس ورقة قدمها الدكتور جمال الدين شريف من جامعة الجزيرة بالسودان عن «مفهوم الوسطية في القرآن الكريم»، قال فيها «إن مفهوم الوسطية يقابل مفهوم الظلم والطغيان والغلو والتشدد والإفراط من جهة ومفهوم الجفاء والتساهل والتفريط من جهة ثانية»، مشيراً إلى أن الوسطية شكلت سمة جوهرية وقاعدة أساسية تنتظم جزئيات الدين كله، فتشمل الاعتقاد والتشريع والعبادة والحكم والجهاد وغيره. وقدم الدكتور سعيد محمد الشهراني من جامعة الملك خالد بحثاً بعنوان «الوسطية في التعامل مع المخالف ومظاهرها في ضوء القرآن الكريم» تناول فيها أهمية الوسطية وحاجة الأمة إليها عامة، في ما تحدثت الدكتورة رشا عبدالتواب عبدالفتاح من جامعة جنوبالوادي بمصر عن «تعزيز مبدأ الوسطية لدى طالبات الجامعة، ودوره في تفعيل مشاركتهن في الأنشطة الطلابية دراسة تجريبية مطبقة على طالبات جامعة جنوبالوادي بصعيد مصر»، مشيرة إلى ضرورة مخاطبة الطالبات الجامعيات باللغة التي يقتنعن بها ويفهمنها وهي لغة الدين ولغة مجتمعهن، وهذه اللغة مقابلها في الدين الإسلامي ما يسمى بالوسطية. وطالبت رشا بتصميم برنامج للتدخل المهني يتحدد من خلاله الأهداف و«التكنيكات» والعمليات والأنشطة المختلفة التي من خلال تنفيذها يتم تعزيز الفكر الوسطي في الدين الإسلامي لدى تلك الفتيات، ما يساعد في تفعيل الأنشطة الطلابية بداخل الجامعة لما لها من أهمية في عملية التنشئة لدى الشبان عموماً. وفي ختام الجلسة الأولى أكد الدكتور سعيد علي القليطي من جامعة الملك عبدالعزيز أهمية الإمكانات والموارد العلمية والبشرية والمؤسساتية والمادية و«التكنولوجية» التي تتمتع بها الجامعات في العالم العربي، وكيفية استغلالها لتفعيل دور هذه الجامعات في تعزيز ونشر مبدأ الوسطية لدى الشبان العرب، من طريق اقتراح البرامج التنفيذية المناسبة والمستنتجة من دراسة وتحليل الوضع الراهن، واستخلاص نقاط الضعف ونقاط القوة في البيئة الداخلية، وكذلك الفرص والتحديات في البيئة الخارجية. واستعرض المؤتمر تجربة مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني في تعزيز مبدأ الوسطية، من خلال المحاور التي عمل عليها المركز لتعزيز الوسطية. وانطلقت الجلسة الثانية أمس برئاسة الباحث في قضايا الفقه والفكر الدكتور عبدالله فدعق، وقدم خلالها الدكتور أحمد أمحرزي علوي من جامعة القاضي عياض بالمغرب ورقة بعنوان «ضوابط العلماء في منهج التفكير الإسلامي، وأثره في ترسيخ مفهوم الوسطية» أكد فيها على أن الوسطية لن تتحقق وتبرز صفاتة الخيرة إلا وفق منهج معرفي دقيق قائم على «ربط العلم بمقاصد التوحيد الهادفة إلى عمارة الكون وتسخيره والقيام بأداء أمانة الاستخلاف فيه وإحياء المعاني الربانية في النفوس». وشدد الدكتور علوي على أهمية النزول إلى الميدان وإبصار الواقع الذي عليه الناس ومعرفة مشكلاتهم ومعاناتهم واستطاعتهم، ومعرفة أعرافهم وعاداتهم وما يعرض لهم من نوازل وقضايا وترسيخ الوعي التام بفقه السنن في الأنفس والآفاق. فيما ألقى الدكتور عبدالستار إبراهيم الهيتي من جامعة البحرين ورقة بعنوان «مقررات الفقه الإسلامي في الجامعات، ودورها في تعزيز مبدأ الوسطية»، توصل من خلالها إلى جملة من النتائج أبرزها، مناهج ومقررات الفقه الإسلامي المعتمدة في الجامعات العربية والإسلامية وفق الرؤية العلمية المعتدلة تسعى إلى تخريج أفواج من المتخصصين في العلوم الشرعية، بحيث يتعامل الخريج مع واقعه وحياته بأسلوب علمي مقنع، وبعقلية متفاعلة مدركة للأمور، تعود عليه وعلى المجتمع بالنفع والفائدة، كما تهدف إلى تعميق الدراسة الشرعية على المنهج العلمي الصحيح الذي يوصل إلى فهم نصوص الكتاب والسنة باعتدال ووسطية، لمحاربة الغلو والتطرف في تفسير النصوص، والوقوف بوجه ظاهرة التساهل والتقصير في الفتاوى الشرعية.