تُعد دار الهلال أقدم مؤسسة صحافية مصرية وعربية فهي تأسست عام 1892 على يد جورجي زيدان في مصر. وأخيراً جاء إصدار كتاب عن ال 125 فيلماً الأهم في تاريخ السينما المصرية مواكبة لتاريخ الدار، واحتفالاً بمرور 125 عاماً على إنشائها. ويقول أمين عام مركز الهلال للتراث الصحافي أشرف غريب إنه يمكننا رصد بعض الملاحظات من خلال هذا الكتاب: أولاً: ضمت القائمة 18 فيلماً اصطدمت مع جهات المنح والمنع في مصر، بعضها جاء على خلفية طائفية وبينها (ليلة القدر- وبحب السيما - ولا مؤاخذة)، أو لأسباب سياسية ومنها (لاشين- والكرنك - البريء)، وبعضها للمحاذير الدينية والأخلاقية وبينها (المذنبون - قطة على نار- وأسرار عائلية). كما أن ثمة أفلاماً وصلت إلى ساحة القضاء منها (الأفوكاتو والمهاجر وبحب السيما). وأخرى اعترض عليها الأزهر الشريف وهي «عيون ساهرة». وثالثة جاء التدخل من جانب القصر الملكي ومنها «ليلى بنت الصحراء» و «لاشين»، ويلفت الانتباه في هذا الرصد إلى أن أربعة أفلام من بين الثمانية عشرة كانت في فترة الحكم الملكي، وواحد فقط في الفترة الناصرية وثلاثة في فترة حكم السادات وسبعة في عصر مبارك. فيما اصطدمت ثلاثة أفلام بالجهات الرقابية بعد كانون الثاني (يناير) 2011 وهذا يشير إلى الحساسية المفرطة في تعامل تلك الجهات مع الفيلم السينمائي أثناء فترتي الحكم الملكي وحكم مبارك مع الأخذ في الاعتبار طول الفترتين قياساً بالفترات الأخرى. ثانياً: جاءت 6 أفلام فقط من إنتاج مؤسسة السينما في مصر، و6 أخرى من إنتاج ستديو مصر أما غالبية أفلام القائمة فقد قام بإنتاجها أفراد أو كيانات عادية ما يعني أن الأفلام المهمة ليست بالضرورة أن تكون من إنتاج كيانات ضخمة أو أن مؤسسة السينما هي وحدها صاحبة الإنتاج المتميز والأهم في تاريخ السينما المصرية. ثالثاً: تؤكد تلك النتيجة أنه في حال تقسيم فترة تاريخ الفيلم الروائي في مصر في الفترة من 1927-2017 إلى مرحلتين متساويتين يتجلى أن المرحلة الأولى ضمت 62 فيلماً بينما احتوت المرحلة الثانية 63 فيلماً، ما يشير إلى تساوي الفترتين من دون أي أفضلية لمرحلة زمنية على الأخرى وربما كان لافتاً فقط أن سنة مثل 1954 ضمت وحدها خمسة أفلام مهمة (الآنسة حنفي، جعلوني مجرماً، الوحش، صراع في الوادي، حياة أو موت) وشمل عام 1959 (حسن ونعيمة، الرجل الثاني، دعاء الكروان) و1975 (المومياء، الكرنك، أريد حلاً) وكلها خارج فترة إنتاج القطاع العام في فترة الستينات وبداية السبعينات من القرن الماضي. رابعاً: في ما يتعلق بمضمون الأفلام فقد سيطر البعد الاجتماعي على أفلام تلك القائمة محققاً 51 فيلماً فيما حل الفيلم الغنائي بعده ب 23 فيلماً وتلاه كل من الفيلم السياسي والكوميدي ب13 فيلماً بينما ضمت القائمة 7 أفلام تاريخية فقط. خامساً: على رغم أن النصوص الأدبية تمثل ركيزة مهمة في تقديم أعمال متميزة فنياً، فإن قائمة الأهم لم تضم سوى 22 فيلماً فقط اعتمدت على نصوص أدبية عربية وسبعة استندت إلى مصادر أدبية أجنبية. سادساً: أظهرت القائمة أن يوسف شاهين هو أهم مخرج في تاريخ السينما المصرية، إذ احتلت تسعة من أفلامه مكانها في القائمة وتلاه صلاح أبو سيف بستة أفلام، إضافة إلى فيلم سابع مشترك هو «سنة أولى حب». وشاركه المخرج محمد كريم ب 6 أفلام فيما أتى كل من أنور وجدي وبركات وشريف عرفة بأربعة أفلام والأخير هو الوحيد من المخرجين المعاصرين الذي لحق بقائمة المخرجين الأهم بينما لم يظهر كل من عاطف الطيب ورأفت الميهي ومحمد أمين وعمرو سلامة ومجدي أحمد علي ووائل إحسان سوى بفيلمين فقط. سابعاً: بخلاف الأفلام الاثني عشر القصيرة التي أخرجها أجانب أو مصريون، ثمة 7 أفلام روائية طويلة تحتويها القائمة أخرجها غير مصريين ثلاثة للفنان ذي الأصول الهنغارية ستيفان روستي وواحد منها بالتعاون مع التركي وداد عرفي الذي أخرج بمفرده فيلماً آخر واثنان للألماني فريتز كرامب وواحد للسوداني سعيد حامد. ثامناً: بالنسبة إلى الممثل الأهم فقد اضطلع أنور وجدي ببطولة 7 أفلام بالقائمة، إضافة إلى 4 أفلام أخرى شارك فيها ممثلاً وليس بطلاً، ويقف إلى جانبه نور الشريف ويأتي بعدهما عادل أمام وشكري سرحان كلاهما بستة أفلام ثم محمود ياسين بخمسة أفلام وكل من عبدالحليم حافظ ومحمد عبد الوهاب وأحمد مظهر وأحمد زكي بأربعة أفلام مع الوضع في الاعتبار أن الأفلام الأربعة لعبد الوهاب من أصل سبعة هي كل رصيده السينمائي وأفلام عبدالحليم الأربعة من أصل 16 فيلماً، واللافت أن من بين النجوم الحاليين لم يتكرر في القائمة سوى اسم أحمد عيد ثلاث مرات (فيلم ثقافي، ليلة سقوط بغداد، رامي الاعتصامي) ومحمد هنيدي مرتين (إسماعيلية رايح جاي، صعيدي في الجامعة الأميركية). تاسعاً: أما بالنسبة إلى الممثلات فلم تحتج سعاد حسني إلى جهد كي تحسم المنافسة لمصلحتها ب 11 فيلماً وهو أعلى رقم يحققه ممثل على الإطلاق في هذه القائمة، وتلتها فاتن حمامة ويسرا بستة أفلام ثم ليلى مراد بأربعة أفلام مع ملاحظة أنها قدمت على مدى مشوارها الفني 27 فيلماً سينمائياً. عاشراً: اللافت أن الخمسة الكبار من الممثلين في نجومية الشباك أنور وجدي وليلى مراد وعبد الحليم حافظ وسعاد حسني وعادل إمام هم من احتلوا المراتب الأولى بين الممثلين الأهم في تاريخ السينما المصرية. ويؤكد الناقد السينمائي أشرف غريب أن تلك الاختيارات تظل شخصية من الممكن ألا يروق بعضها للآخرين وأن هذه القائمة تضم الفيلم الأهم في كل سنة وليس الأفضل لأن الأهمية أكثر عمومية وشمولاً عن الأفضلية التي تعد أحد معايير الأهمية وليست المعيار الوحيد لها.