كسر آلاف من عناصر جهاز «الحرس البلدي» الجزائري الذي تأسس في بداية التسعينات لمكافحة «الإرهاب»، حظراً أمنياً على التظاهر في قلب العاصمة، وتجمعوا أمس للمطالبة بعدم حل جهازهم. ودعوا الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة إلى مساواتهم ببقية الأجهزة الأمنية. ولم تفلح الحلول الحكومية خلال الفترة الماضية في حل معضلة هذا الفصيل الأمني المسلح الذي تأسس في عهد الرئيس السابق اليمين زروال. واحتشد آلاف من عناصره أمام مقر المجلس الشعبي الوطني (البرلمان)، بعدما كسروا طوقاً أمنياً حاول وقف تظاهرتهم في ساحة الشهداء وسط العاصمة. وأعرب المحتجون عن رفضهم إعادة انتشارهم في أجهزة أمنية أخرى، وطالبوا بهيكلة «الحرس البلدي» وسن قوانينه الأساسية. وتحاول الحكومة تفادي أي احتكاك مفرط مع عناصر الجهاز الذين يقارب عددهم مئة ألف. وفتحت باب الحوار معهم الأسبوع الماضي، لكن اللقاء الذي عقده وزير الداخلية مع عدد منهم لم يلق استجابة واسعة. وتنشط فرق «الحرس البلدي» حتى اليوم على نطاق واسع في الولايات «الأكثر تضرراً من الإرهاب». ويتولى الجهاز العمل الأمني إلى جانب فرق الجيش والدرك الوطني. وبفضل دعمه للحكومة في النصف الثاني من التسعينات، حقق الجيش تفوقاً واضحاً في حربه على جماعات مسلحة كان قوامها في تلك الفترة يقدر بالآلاف. وفي وقت كانت الحكومة تخطو في اتجاه دمج بعضهم في أجهزة أمنية أخرى، شدد عناصر «الحرس البلدي» على ضرورة جعل التقاعد المبكر خياراً أساسياً في حال حل الجهاز مع تعويضهم مادياً ومعنوياً، إضافة إلى توفير الحماية لهم من طريق تسليحهم، كما طالبوا بزيادات في الأجور بأثر رجعي وتعويضات وعلاوات والحق في الحصول على السكن والعلاج. وبرزت شعارات سياسية بين المحتجين نادت بإقالة الوزير الأول أحمد أويحيى الذي كانت فئة «الحرس البلدي»، حتى وقت قريب، الوعاء الانتخابي الأهم لحزبه «التجمع الوطني الديموقراطي» الذي يرفع «محاربة الإرهاب» شعاراً منذ ولادته في العام 1997. وشوهد القيادي في الحزب شهاب صديق بين المحتجين يخاطبهم بأن حزبه «دافع دائماً عن مطالبكم». ويُشاع بين أفراد الجهاز أن الحكومة قررت اعتماد معايير الكفاءة التعليمية في عمليات توظيف بعضهم في أجهزة أمنية أخرى، وهو ما لا يتوافر في كثيرين. وقال عمر حساني، وهو أربعيني عمل في حاجز أمني للحرس في بومرداس (50 كلم شرق العاصمة)، إن «الحكومة طلبت مني إعادة السلاح في وقت سابق، لكنها اليوم تتجه إلى إقصائي». وتسلم رئيس البرلمان عبدالعزيز زياري رسالة من وفد من المحتجين استقبله في مقر المجلس. وقال وزير الداخلية والجماعات المحلية دحو ولد قابلية الأسبوع الماضي إن الدولة تدرس إمكان إعادة نشر وإدماج عناصر «الحرس البلدي» في وظائف تتماشى وكفاءة كل واحد منهم. وأضاف: «من واجبنا إعادة الاعتبار إلى هذا السلك من حماة الدولة والأمة».