تبنت لجنة منع الجريمة والعدالة الجنائية بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة في فيينا بدورتها ال23، مشروع القرار الذي قدمته السعودية بعنوان: «التعاون الدولي في المسائل الجنائية». ولقي مشروع القرار المكون من أكثر 20 فقرة منذ تقديمه - بحسب وكالة الأنباء السعودية - انضمام عدد من الدول العربية والإسلامية والآسيوية والأفريقية، إضافة إلى دعم العديد من الدول الأوروبية والأميركية. ومن أبرز ما نص عليه القرار: «تشجيع الدول على تعزيز التعاون الدولي لأجل زيادة تطوير قدرات ونظم العدالة الجنائية، وحض الدول الأعضاء على تعزيز التعاون والشراكة بينها في سبيل مكافحة الجريمة، وإزالة العقبات الإدارية التي كانت تعوق هذا التعاون في السابق، وتشجيع الدول الأعضاء على استعراض ومراجعة الأطر القانونية والسياسات والممارسات الوطنية في ما يتعلق بالمساعدة القانونية المتبادلة، وتسليم المطلوبين ونقل الأشخاص المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية». كما نص القرار على «تشجيع الاتصال المباشر بين مسؤولي السلطات المعنية بإنفاذ القانون ومكافحة الجريمة، لغرض تحقيق المساعدة القانونية وتبادل المعلومات في أقصى سرعة ممكنة، والنظر على سبيل الأولوية في الأبعاد الإنسانية والاجتماعية لنقل الأشخاص المحكوم عليهم، لتمكينهم من قضاء بقية مدة عقوبتهم في بلدانهم، والطلب من مكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة مواصلة تقديم الدعم والمساعدة التقنية، لرفع كفاءة أعضاء السلطات المركزية المختصة بالدول الأعضاء المعنيين باستقبال وإنشاء طلبات المساعدة القانونية». ويعكس القرار الأممي الذي قدمته المملكة حرص حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على مشاركة المجتمع الدولي في محاربة الجريمة بجميع أشكالها، كما يجسد رؤية وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، الذي يرى أن «التعاون الفاعل بين الأجهزة المختصة لدى الدول عنصر حيوي ومهم في سبيل الوقاية من الجريمة ومكافحتها وملاحقة مرتكبيها ومقاضاتهم، بخاصة بعض الجرائم في صورها المستجدة، التي يتوزع التخطيط والإعداد لها وتنفيذها بين أكثر من دولة». وألقى المدير العام للشؤون القانونية والتعاون الدولي في وزارة الداخلية الدكتور عبدالله الأنصاري كلمة خلال افتتاح أعمال الدورة، أوضح فيها أن «الحاجة ملحة إلى تضافر الجهود والتعاون في ما بين الدول وفق ما يفرضه واقعنا الذي نعيشه من تطور هائل وسريع للجريمة ولأدواتها»، مؤكداً «أن المملكة وسلطاتها الوطنية المعنية بمكافحة الجريمة وإنفاذ القانون، أدركت مدى وحجم التحديات التي تفرضها مكافحة الجريمة المنظمة، ولهذا شاركت بكل فاعلية في مختلف المحافل والمنتديات الدولية والإقليمية المعنية بتطوير الجهود لمكافحتها، إذ صادقت المملكة على الاتفاقات الأممية ذات الصلة، وتعمل على تنفيذ بنود هذه الاتفاقات بأقصى درجة ممكنة، وعقدت اتفاقات أمنية عدة مع غيرها من الدول، وشاركت مع غيرها في وضع وتبني العديد من الأطر والاتفاقات الإقليمية ذات الصلة، وتطوير ذات الآليات والمنهجيات الخليجية للتعاون الإقليمي في مكافحة الجريمة المنظمة، ومنها الشبكة الخليجية للنواب العموم، ومجموعة العمل الأمني المشترك لمكافحة الجريمة المنظمة». وأوضح الأنصاري أن المملكة وضمن تدابيرها الداخلية بهذا الخصوص أنشأت «اللجنة الدائمة لطلبات المساعدة القانونية»، إذ تضم ممثلين عن مختلف الجهات المعنية لتقديم أكبر قدر من المساعدة القانونية المتبادلة في التحقيقات والملاحقات والإجراءات القضائية، تحت مظلة الاتفاقات الدولية التي وقعت عليها المملكة، كما أنشأت لجنة دائمة باسم «اللجنة الدائمة لنقل المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية»، التي من مهماتها اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنفاذ الالتزامات الواردة في الاتفاقات الثنائية ومتعددة الأطراف المتعلقة، بنقل المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية والترتيبات الخاصة بها. تعزيز التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب في ما يتعلق بتعزيز التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب أكدت السعودية في العديد من المحافل إدانتها وشجبها للإرهاب بجميع أشكاله، واستعدادها للتعاون مع جميع الجهود لمكافحته لما في ذلك من دعم للاستقرار والسلم والأمن الدوليين، وقامت باتخاذ العديد من التدابير لمحاربة هذه الظاهرة على جميع المستويات الوطنية والإقليمية والدولية من خلال سن نظام جرائم الإرهاب وتمويله، وإيجاد آليات وبرامج وقائية وتعاونية وتنسيقية، إضافة إلى تنفيذ القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وأسهمت في إنشاء مركز الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب بمبادرة ودعم سخي بلغ أكثر من 100 مليون دولار، واستضافت العديد من المؤتمرات الدولية بهذا الصدد، كان آخرها المؤتمر العالمي الثاني لمكافحة الإرهاب الذي تم عقده في المملكة في نيسان (إبريل) الماضي. وقال الأنصاري إنه «إدراكاً من المملكة لضرورة تضافر وتواصل هذه الجهود الوطنية والإقليمية مع المنظومة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة، لاسيما في إطار اتفاق الأممالمتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود، عززت المملكة من تعاونها وشراكتها مع مكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، إيماناً بالدور الذي يؤديه المكتب في تنسيق الجهود الدولية، وتطوير المعايير الأممية لمواجهة تحديات الجريمة المنظمة، إذ استضافت المملكة أخيراً ورشة عمل تدريبية نظمتها وزارة الداخلية بالتعاون مع مكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة حول آليات المساعدة القانونية المتبادلة، لإذكاء الوعي بالإمكانات التي تتيحها الصكوك العالمية ذات الصلة». يذكر أنه من المقرر أن تتم إحالة القرار إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك لاعتماده.