لعبة المزج والتوليف الموسيقي، هو الخط الفني الذي تعتمده فرقة «الدور الأول» في مشروعها الذي بدأ عام 2003، حيث كان بعض مؤسسيها يتلاقون في الدور الأول من إحدى بنايات وسط البلد، للتمرين وتبادل الأفكار والخبرات، ومن هنا اكتسبت الفرقة اسمها. يغلب الطابع الشرقي على أعمال الفرقة، ولا يعود ذلك إلى دور آلة العود الاساسي في تكوين الفرقة، بل لأن معظم الآلات تصب في هذا الاتجاه. فالساكسوفون، ملك الجاز يعود من بعد صراخه وعنفوانه ليتهادى في جو حميمي على إيقاع التيمة الأساسية للمقطوعة. حوار الساكسوفون والعود ممتد، فكلاهما يحاول بسط شخصيته وأسلوبه على المقطوعة، يتبادلان تجاذب وجدان المستمع، كل منهما على طريقته وفي مساحته المفتوحة، يقتربان ويتدخلان، يمضي كل منهما إلى غايته، ربما يلتقيان في النهاية، مع الآلات الأخرى وعلى وقع قوة الإيقاعات في نهاية المقطوعة. كل الأنماط الموسيقية، لها مكان في «الدور الأول»، خصوصاً موسيقى الجنوب مثل الجاز والريغي واللاتيني. ويرى مؤسس الفرقة وعازف البيز غيتار أحمد عمر، أن المجموعة لا تتقيّد بنمط موسيقي واحد، ولكن «بتيمة المقطوعة التي نؤلفها، وشغل التوزيع الذي يشارك فيه أعضاء الفرقة يضع بصمتنا على شكل ولون الموسيقى. هي حالة من الإندماج والتوهج والخيال، نشعر بتواصل وانفعال الجمهور معنا». وبدا ذلك واضحاً في الحفلة الأخيرة التي قدّمتها الفرقة في فندق الفينواز على هامش افتتاح معرض الفنون البصرية في إطار فعاليات مهرجان الربيع. وقدِّمت خلال الأمسية، مقطوعات عدة مثل: «هودج» و «رحلة» و «ع الطريق» وهي عنوان الألبوم الأول، و «حسب الله 2000» المستلهمة من روح الموسيقى الإيرلندية الشعبية بإيقاعات متنوعة. ويوضح أعضاء الفرقة أنهم «يصرون على تقديم موسيقى من دون الاستعانة بالغناء، على رغم وجود بعض المحاولات، وسنواصل التركيز في هذا الاتجاه لأن لدينا مشروعاً موسيقياً نسعى إلى ابرازه». وتعكس مهارات الأداء لأعضاء الفرقة، ما يريده الشباب، خصوصاً أن توظيف عنصر «الإيقاع بالفم» (Beet Mouse) يضفي شيئاً من المرح والألفة. ويقول عازف الايقاع بوب: «استخدم مجموعة من الطبول الأفريقية والكاخون وهي آلة إيقاعية من بيرو واشتهرت على يد الإسبان حيث وظفوها في موسيقى الفلامنكو الشهيرة. أما زميله ميزو، فيقوم بقرع الطبول الشرقية والمصرية والسودانية وهذه مباراة أخرى على غرار الساكسفون والعود. قدمت «الدور الأول» ثاني ألبوماتها «قرار إزالة» عام 2009 وضم تسع مقطوعات منها «إسكندرية» و «الشعر الأزرق» و «رجوع»، وحقق نجاحاً ملحوظاً، خصوصاً مقطوعة «قرار إزالة» التي انتشرت بين الشباب وعلى «يوتيوب». وعلى رغم مجهود أعضاء الفرقة ليكون لها صوت مميز فإن تأثرها بالفرق الرائدة في مجال «الفيوجين» يبدو واضحاً، خصوصاً في المقدمات والدخول إلى التيمة الأساسية، والتأثر بفرقة «شرقيات» التي أسسها فتحي سلامة في مطلع ثمانينات القرن العشرين.