يستقبل محمد الفقيه ربيعه ال «25» بين أربعة جدران، لا يوجد اختلاف بين يومه وأمسه، تساوت ساعات الزمن لديه وتوقفت أحلامه مع استقباله خبر بتر قدمه. لم تكن صدمة وحسب، بل كانت بداية حياة مظلمة لشاب يعيش المراحل الأولى من حياته فبعد أن كان يقضي يومه وهو في قمة النشاط بروح لا يغيب عنها الطموح والعنفوان، تحوّل إلى شبه جثة هامدة تختنق فيها الروح بالأحزان والآلام ولا ينفس عنها سوى الدموع. بعد شهر من الحادثة التي تعرّض لها، وجد الشاب محمد نفسه بقدم وحيدة، الأمر الذي جعله يجهز على أحلامه ويكتفي بمراقبة الناس من حوله بمن فيهم أقرانه وأصدقاء طفولته من أقرب مكان يستطيع الوصول إليه مستعيناً بعكازين يجران جسداً مثقلاً باليأس. ويقول سامي الفقيه، وهو الأخ الأكبر لمحمد: «كانت حادثة محمد منذ نحو عامين، وتحديداً في ال 14 من رمضان، إذ كان يلهو مع رفاقه بجانب البيت، وفجأة أقبلت سيارة مسرعة ودهسته بعد أن دفعته إلى الجدار، ونتج عن تلك الحادثة سحق قدم محمد بين الجدار وقوة اندفاع السيارة»، موضحاً أنه نقل على الفور إلى مستشفى الملك فهد المركزي، وخرج بعد نحو شهرين بعد أن أجريت له جراحة لبتر قدمه إضافة إلى جراحات أخرى في البطن. ويضيف: «لم يستطع محمد استخدام الطرف الاصطناعي بسبب زيادة وزنه بعد الجراحة، واضطر إلى عدم استخدامها، ما جعله ملازماً للسرير، وأدى ذلك إلى تدهور حاله النفسية»، مشيراً إلى أن شقيقه ترك المدرسة بعد الحادثة والآن يعيش حياة بائسة، فليس له هدف أو روية واضحة للمستقبل. ويتابع سامي: «نعرف أن شقيقي في حاجة إلى المساعدة وإلى علاج نفسي وإلى رعاية خاصة وتعليم يتناسب مع وضعه الصحي حتى يتجاوز هذه الفترة ويتأقلم مع الإعاقة مثل غيره من المعوّقين، لكن ضيق ذات اليد يحول دون ذلك، فدخل والدي لا يتجاوز أربعة آلاف ريال ويعول أسرة كبيرة مكوّنة من عشرة أفراد». ويستطرد: «لا تخفى على أحد الضغوط المعيشية التي تواجهها الأسر، وأسرتنا ليست بمعزل عن ذلك، بل إن تكاليف المعيشة أرهقت والدي، وبالتالي لا يستطيع العناية بشقيقي كما ينبغي»، لافتاً إلى أن محمد يحصل على مبلغ من الشؤون الاجتماعية لا يتجاوز 700 ريال. ويخشى سامي على شقيقه من تبعات الحال النفسية السيئة التي يرزح تحت وطأتها، متمنياً أن تسهم مؤسسات الدولة والمسؤولون فيها في إتاحة الفرصة لشقيقه لإكمال تعليمه أو تعلّم مهنة تتسق مع إعاقته وتساعده على إعالة نفسه في المستقبل، خصوصاً أن الوضع المادي للأسرة ليس كما ينبغي.