أثارت كوريا الشمالية موجة جديدة من الذعر والاستنفار العالميين، بإجرائها تجربة باليستية أطلقت خلالها صاروخاً عبر أجواء اليابان وحلق مسافة 3700 كيلومتر على ارتفاع 770 كيلومتراً، قبل أن يستقر في المحيط الهادئ أمس. وعلى رغم أن الصاروخ لم يستهدف جزيرة غوام الأميركية كما هددت بيونغيانغ من قبل، فإن المسافة التي قطعها أثبت قدرات الكوريين الشماليين على إصابة أراضٍ أميركية. وشكل التحدي الجديد رداً من الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون على أحدث مجموعة من العقوبات الدولية فرضها مجلس الأمن على الدولة الشيوعية بعد تفجيرها قنبلة هيدروجينية هي الأقوى من نوعها، في الثالث من الشهر الجاري. وأثارت عملية الإطلاق ذعراً في اليابان حيث استيقظ سكان جزيرة هوكايدو شمال البلاد في الصباح الباكر، على أجراس إنذار وطلبت السلطات منهم النزول إلى الملاجئ، وذلك للمرة الثانية في غضون أسبوعين بعدما أطلقت كوريا الشمالية صاروخاً في أوائل الشهر، اخترق أيضاً الأجواء اليابانية. وأتت التجربة أمس، غداة تهديد بيونغيانغ بتدمير اليابان. وقال الأمين العام لمجلس الوزراء الياباني يوشيهيدي سوغا، إن الصاروخ مر فوق اليابان وسقط في المحيط الهادئ على بعد نحو ألفي كيلومتر شرق جزيرة هوكايدو. وصدرت إعلانات تحذيرية في شأن الصاروخ في نحو الساعة السابعة صباحاً (بالتوقيت المحلي) في أجزاء من شمال اليابان في حين استقبل مواطنون كثيرون تنبيهات على هواتفهم المحمولة أو شاهدوا تحذيرات على شاشات التلفزيون تحضهم على الاحتماء في أماكن آمنة. وأحدثت تجارب بيونغيانغ انقسامات في طوكيووسيول حيث تباينت الآراء حول ضرورة عدم الانجرار وراء لهجة التصعيد الأميركية واعتماد أسلوب توجيه رسائل سلام وحاد إلى القيادة الكورية الشمالية. ودعي مجلس الأمن إلى اجتماع لمناقشة التجربة الباليستية لبيونغيانغ، فيما قال وزير الدفاع الأميركي جايمس ماتيس إن تصرفات كوريا الشمالية «تعمق عزلتها ديبلوماسياً واقتصادياً». واعتبر وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون أن «العدوان الكوري الشمالي يشكل خطراً عالمياً». وأرفقت روسيا إدانتها الشديدة للتجربة الصاروخية الجديدة التي اعتبرتها «استفزازاً» بتنديد ب «الخطاب العدواني لواشنطن». كما دعا الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والفرنسي إيمانويل ماكرون إلى «مفاوضات مباشرة» مع كوريا الشمالية لخفض التوتر. وأعلن الكرملين في بيان أن الرئيسين أكدا خلال اتصال هاتفي «وحدة الموقف إزاء الطابع غير المقبول للتصعيد» في شبه الجزيرة الكورية. وأضاف أنهما اتفقا على «ضرورة حل هذا الوضع البالغ التعقيد بالوسائل السياسية والديبلوماسية حصرياً ومن خلال استئناف المفاوضات المباشرة». كذلك ندد الرئيسان «بشدة بالأعمال الاستفزازية لكوريا الشمالية التي تنتهك في شكل خطر قرارات مجلس الأمن». وحضت وزارة الخارجية الصينية على تخفيف التوتر في شبه الجزيرة الكورية من خلال وسائل سلمية وديبلوماسية رسمية. وأعلنت قيادة العمليات العسكرية الأميركية في المحيط الهادئ (باكوم) أن بيونغيانغ أطلقت صاروخاً متوسط المدى لم يهدد الأراضي الأميركية ولا جزيرة غوام الأميركية في المحيط الهادئ حيث تقيم واشنطن منشآت عسكرية استراتيجية. وبعد تأكيد سيول المسافة التي قطعها الصاروخ وارتفاعه، أشار الخبير في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية جوزف ديمسي، إلى «أطول تحليق لأحد الصواريخ الباليستية» لكوريا الشمالية، و «يظهر بوضوح أنها تملك المدى الكافي، لتطبيق خطة (ضرب) غوام». ورأى وزير الدفاع الياباني إيتسونوري أونوديرا أن «غوام كانت في بال» بيونغيانغ أمس، مشيراً إلى أن مدى الصاروخ كان كافياً ليبلغ هذه الجزيرة الواقعة على بعد نحو 3400 كيلومتر من كوريا الشمالية. وكانت كوريا الشمالية أطلقت في 29 آب (أغسطس) صاروخاً متوسط المدى من طراز «هواسونغ-12» فوق اليابان. غير أن الصاروخين الباليستيين العابرين للقارات اللذين أطلقتهما في تموز (يوليو) تبعا مساراً منحنياً جنبهما العبور فوق اليابان، ما دفع مراقبين إلى الاعتقاد بأن بيونغيانغ أرادت توجيه رسالة مفادها أنها لا تكترث لأي عقوبات، وأن تهديداتها جدية.