أمر وزير الداخلية العراقي قاسم الأعرجي بإقالة مسؤولين أمنيين في محافظة ذي قار والتحقيق معهم، بعد ساعات من الاعتداء المزدوج الذي شنه تنظيم «داعش» على المحافظة، فيما شنت القوات الأمنية حملة مداهمات أسفرت عن اعتقال اثنين من المشتبه باشتراكهم في الاعتداء. وشهدت ذي قار، أول من أمس، قيام مسلحين بزي عسكري يستقلون سيارتين بالدخول إلى مطعم يقع على الطريق الدولي السريع غرب المحافظة، وإطلاق النار عشوائياً على الموجودين في داخله، ثم توجه المسلحون إلى حاجز أمني بين ذي قار والمثنى وفجروا سيارة مفخخة، فيما ارتفعت حصيلة الضحايا إلى 84 قتيلاً وحوالى 93 جريحاً، جروح معظمهم بليغة، بينهم زوار إيرانيون، وفق مديرية صحة ذي قار. وقال مكتب وزير الداخلية أنه «أمر بإقالة مدير استخبارات ذي قار، واحتجاز مدير الطرق الخارجية وآمر فوج الطوارئ ومسؤولين آخرين في المحافظة». كما أمر الأعرجي بتشكيل لجنة تحقيق عليا برئاسة وكيل الوزارة للاستخبارات للتحقيق في أسباب هذا الخرق الأمني وعرض النتائج، كما طالب بالتحقيق مع الشركة الأمنية التي كانت ترافق الزائرين الذين سقط بعضهم بين قتيل وجريح بسبب عدم اتخاذها الاحتياطات الأمنية المطلوبة. وطالب رئيس الحكومة حيدر العبادي القيادات الأمنية بملاحقة منفذي الهجوم والكشف عن ملابساته والمقصرين. إلى ذلك، أكدت مصادر أمنية ل «الحياة» أن «شرطة محافظة ذي قار تمكنت، أمس، من اعتقال اثنين يشتبه باشتراكهم في الاعتداء على مطعم وحاجز فدك الأمني، غرب الناصرية»، ورجحت أن يقوم وزير الداخلية بزيارة المحافظة للإشراف على التحقيقات الجارية في شأن الحادث. وطالبت الحكومة المحلية في ذي قار وزارة الداخلية بتجهيز المحافظة بأجهزة «سونار» لكشف المتفجرات، فيما دعا كل من محافظ ذي قار ورئيس مجلس المحافظة ومدير الشرطة، في مؤتمر صحافي مشترك أمس، وزير الداخلية إلى إيجاد الحلول للحد من الخروقات الأمنية على الطريق السريع في المحافظة. كما طالبت حكومة ذي قار الحكومة المركزية في بغداد ب «الإسراع في تنفيذ حكم الإعدام بحق الإرهابيين داخل سجن الناصرية المركزي» الذي يعرف ب «سجن الحوت». وذكر عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية النائب محمد الكربولي أن «اللجنة تتجه إلى استدعاء قيادات الأجهزة الأمنية والاستخبارية في ذي قار للوقوف على خلفيات الحادث وتحديد الجهة المقصرة لمحاسبتها»، وطالب القائد العام للقوات المسلحة ب «محاسبة من يثبت تقصيره من قيادات الأمن في المحافظة واستبدال القيادات الميدانية كافة فيها». ودانت كتلة «الحزب الديموقراطي الكردستاني» البرلمانية التفجير، ودعت في بيان صحافي «جميع الأطراف السياسية إلى وحدة الكلمة والتركيز على مواجهة العدو الحقيقي، داعش، وأن يكون هناك عمل وتنسيق مشترك عسكرياً واستخبارياً للقضاء على معاقله الأخيرة وأوكاره، بخاصة في قضاء الحويجة بمحافظة كركوك». وكانت السفارة الأميركية في بغداد استنكرت الخميس بشدّة الاعتداء المزدوج الذي شنه تنظيم «داعش» في الناصرية، كما شجبت وزارة الخارجية الإيرانية الاعتداء وأعربت عن مواساتها ل «الحكومة والشعب في العراق وأسر ضحايا هذه الجريمة الوحشية». ودان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق يان كوبيش اعتداء الناصرية. وقال في بيان إن «هذه الأعمال الإرهابية الوحشية ضدّ المدنيين الأبرياء(...) تؤكّدُ مرةً أخرى استهانة الإرهابيين التامّة بالحياة ويأسَهم وجُبنَهم أمام انتصارات قوات الأمن العراقية». وتبنى تنظيم «داعش» الإرهابي الاعتداء، وجاء في بيان أصدره أول من أمس أن الاعتداء شنه انتحاريون «وإنغماسيون» على مطعم وحاجز في الناصرية، مشيراً إلى أنه أسفر عن «عشرات القتلى من الشيعة». ويأتي هذا الاعتداء بعدما وجه العراق ضربة قوية للتنظيم الإرهابي من خلال استعادة السيطرة على كامل محافظة نينوى في شمال البلاد، بعد ثلاث سنوات من سيطرته عليها. فبعد إعلان تحرير الموصل في العاشر من تموز (يوليو) الماضي، مني «داعش» بهزيمة قاسية أخرى بطرده من مدينة تلعفر الشمالية نهاية آب (أغسطس)، إضافة إلى خسارته الآلاف من مقاتليه. ولم يعد التنظيم الإرهابي يسيطر حالياً إلا على منطقتين في العراق، الحويجة الواقعة على بعد 300 كلم شمال بغداد، وثلاث مدن في الصحراء الغربية على الحدود مع سورية هي القائم وعنه وراوه، حيث يوجد أكثر من 1500 عنصر. وبدأت القوات العراقية، مدعومة بقوات من «الحشد الشعبي» استعدادها لاقتحام تلك المناطق في محافظة الأنبار.