في مؤشر إلى تجاوز الأزمة التي اعترت العلاقات بين مصر وإيطاليا العامين الماضي والجاري إثر مقتل الباحث الإيطالي جوليو روجيني الذي اختفى في كانون الثاني (يناير) من العام الماضي وعثر على جثمانه بعد أيام عدة مطلع شباط (فبراير)، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره الإيطالي أنجلينو الفانو «عمق العلاقات التاريخية بين البلدين»، وأعربا عن «تطلعهما لتوطيد الروابط على المستويين الشعبي والرسمي، وترجمتها عبر مجالات أوسع من التعاون في المرحلة المقبلة». والتقى شكري نظيره الإيطالي في لندن على هامش مشاركتهما في اجتماع وزاري في شأن الأزمة الليبية. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية المصرية المستشار أحمد أبو زيد إن الوزيريْن اتفقا على «استمرار التعاون والتنسيق لاستكمال التحقيقات الجارية في قضية ريجيني»، إضافة إلى «توطيد التعاون في مجالات مكافحة الهجرة غير الشرعية ومحاربة الإرهاب، وكذلك التعاون في مجال الطاقة مع قرب بدء إنتاج حقل «ظهر» للغاز في البحر المتوسط، والذي تتولاه شركة «إيني» الإيطالية. من جهته، أعرب شكري عن «استعداد بلاده لإزالة أي معوقات أمام الاستثمارات الإيطالية في مصر»، مشيراً في المقابل إلى تطلع مصري «لعودة السياحة الإيطالية لمعدلاتها السابقة»، علماً أن إيطاليا تعد أكبر خامس مستثمر أجنبي في مصر. وجاء اللقاء بين وزيري خارجية مصر وإيطاليا بالتزامن مع عودة تبادل التمثيل الديبلوماسي إلى طبيعته بين القاهرةوروما، وهي الخطوة التي أشاد بها الوزيران. وعقب استئناف السفير الإيطالي الجديد في القاهرة جيام باولو كانتيني مهامه الديبلوماسية في القاهرة صباح أول من أمس، غادر السفير المصري هشام بدر إلى روما صباح أمس، واستبق ممارسة مهامه ببيان وزعته وزارة الخارجية أكدت فيه أن روما شريك رئيس ومهم لمصر على الصعيد السياسي والاقتصادي والتجاري والأمني والثقافي، مشيراً إلى أن إيفاد سفيرين جديدين للبلدين «يعكس رغبتهما في استعادة المسار الطبيعي للعلاقات التاريخية والراسخة». ولفت بدر إلى أن مصر واحدة من أهم الشركاء الاستراتيجيين لإيطاليا في الشرق الأوسط وأفريقيا باعتبارها من أكثر الدول جذباً للاستثمار في منطقة الأورومتوسطي، وفي المقابل تعد إيطاليا سوقاً سياحية مهمة بالنسبة إلى مصر، لافتاً إلى «الإمكانات الهائلة لنمو هذا القطاع (السياحي) بين البلدين، خصوصاً أن إيطاليا تمثل الشريك الثاني لمصر». وأضاف أنه «سيعمل على استقطاب المزيد من الاستثمارات الإيطالية إلى مصر بما يخدم أهداف التصور الاستراتيجي للتنمية الاقتصادية في إطار رؤية مصر 2030». وكان الاستثمار الإيطالي شهد دفعة في مصر خلال السنوات الثلاث الماضية بضخ استثمارات كبيرة في مجالات الصناعات التحويلية والطاقة النظيفة والمتجددة والخدمات اللوجيستية، بالإضافة إلى التعاون في مجال النقل البحري والدعم الإيطالي للمشاريع الصغيرة. في غضون ذلك، جدد شكري تطلعه لرفع الحكومة البريطانية قرار حظر الطيران إلى منتجع شرم الشيخ السياحي بما ينعكس على إنعاش سوق السياحة الأجنبية المتدهور في مصر. وقال لوزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، بحسب بيان لوزارة الخارجية: «نأمل في رفع الحظر عن الطيران البريطاني إلى شرم الشيخ في القريب العاجل». وأشاد شكري خلال لقاء مع جونسون في لندن «برفع الحظر عن اصطحاب الركاب المغادرين مطار القاهرة إلى بريطانيا بعض الأجهزة الإلكترونية». وكانت لندن قررت حظر الطيران إلى شرم الشيخ إثر تحطم طائرة روسية فور إقلاعها من مطار شرم الشيخ في 31 تشرين الأول (أكتوبر) عام 2015، ما أسفر عن مقتل أكثر من 220 راكباً، إضافة إلى طاقمها. ورجحت أجهزة استخبارات غربية إسقاط الطائرة بهجوم إرهابي، وألمح الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى تلك الفرضية في إحدى خطبه حين تحدث «عمن أسقطوا الطائرة». وأعلن تنظيم «داعش» الإرهابي مسؤوليته عن إسقاطها بقنبلة زرعت في مخزن الحقائب، ومن حينها أوقفت روسيا حركة الطيران مع مصر، لكن يُتوقع استئنافها قريباً بحسب تصريحات مسؤولين من البلدين. وتطرق اللقاء بين وزير الخارجية المصري ونظيره البريطاني، وفق الناطق باسم الخارجية المصرية، إلى «العلاقات الثنائية وسبل الارتقاء بها مستقبلاً، خصوصاً العلاقات الاقتصادية». في موازاة ذلك، تترقب الأوساط المصرية إصدار الرئيس المصري قراراً بعودة البرلمان المصري للانعقاد، والذي يتوقع له مطلع الشهر المقبل بعد انتهاء إجازة البرلمان السنوية. وستكون أمام النواب حزمة من القوانين يتوقع أن يثير بعضها جدلاً واسعاً في الساحة السياسية المصرية، خصوصاً قانون «الإدارة المحلية» الذي ستجري بمقتضاه انتخابات المجالس المحلية والمحافظات الجديدة بدلاً من التي تم حلها عام 2011، إضافة إلى تعديلات على قانون «الإجراءات الجنائية»، خصوصاً في ما يتعلق بقضايا الإرهاب، إذ تسعى السلطات المصرية إلى تقليص مدد التقاضي فيها. وهناك أيضاً قانون ينوي نواب تقديمه ويتيح للسلطات المصرية فصل الموظفين في الجهاز الإداري للدولة الذين يثبت انتماؤهم لجماعات إرهابية أو تورطهم في قضايا عنف، إضافة إلى قانون المنظمات النقابية العمالية. ومن المقرر أن يجري البرلمان مع بداية انعقاده انتخابات داخلية جديدة لرؤساء اللجان النوعية البالغ عددها 29 لجنة وقياداتها، علماً أن «تحالف دعم مصر» الذي يمتلك الغالبية النيابية كثّف خلال الأيام الماضية من اجتماعاته لضمان استمرار هيمنته على مفاصل صناعة القرار في تلك اللجان.