استمرت امس في لبنان التفاعلات المتعلقة بمذكرات رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري الى أربعة وزراء في حكومته يدعوهم فيها الى التعاون مع طلبات المدعي العام الدولي في المحكمة الدولية القاضي دانيال بلمار، في إطار استكمال التحقيقات التي يجريها مكتبه في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري و22 آخرين. وقالت مصادر مطلعة ل «الحياة» إن الطلبات هدفت الى الحصول على بصمات ألف شخص من وزارة الداخلية، وعلى محضر رسمي لتزويد التحقيق الدولي ب «داتا» الاتصالات الهاتفية في مرحلة سابقة من وزارة الاتصالات، وعلى أسماء مالكي عدد من العدادات الكهربائية وأمكنة سكنهم من وزارة الطاقة، ومعلومات متصلة بالتحقيق مع موظفين في وزارة الأشغال. وفيما دعا وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه الى «أن يستمر لبنان في التعاون مع المحققين الدوليين»، واعتبر نظيره البريطاني وليام هيغ ان «من المهم ان تستكمل المحكمة عملها»، تحدث رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، في دردشة مع قناة «المنار» التابعة ل «حزب الله»، عن وجود معلومات نُقلت إليه حول سعي بعض الأطراف في لبنان لدى الجهات الدولية لاستصدار قرار دولي تحت الفصل السابع انطلاقاً من طريقة التعامل مع الطلبات الأخيرة لبلمار، واصفاً إياها بأنها في إطار المحاولات المكشوفة لمحاصرته وتكبيله دولياً. وأبدى ميقاتي استغرابه لطلبات بلمار. وقال: «على حد ما هو مُعلن، القرار الاتهامي تم تسليمه للمعنيين بانتظار إصداره الأمر الذي يعني حُكماً انتهاء مرحلة التحقيقات والطلبات». وأضاف: «لن أنجر الى أي سجال لأن ما ينتظرني من عمل أهم بكثير. هناك تحديات كثيرة تواجه مهمتي الجديدة يجهد الفريق الخارج من السلطة بالعمل عليها». وأكد ميقاتي انه «يتعامل بجدية مع هذه التحديات ولا يظنن أحد ان الاتصالات الدولية والإقليمية والعربية حكر عليه»، كاشفاً عن «خطط اتصال مفتوحة له حتى مع المملكة العربية السعودية». ونفت مصادر مطلعة ما ذُكر عن ان مكتب بلمار طلب الحصول على بصمات جميع اللبنانيين، وفق ما رددته معلومات صحافية. ولاحظت المصادر أن عدداً من الوزارات أوقف تعاونه مع التحقيق الدولي بعد إعلان الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله دعوته المؤسسات الرسمية اللبنانية الى عدم التعاون مع المحكمة الدولية قبل شهور. وفيما التزم وزراء الاتصالات شربل نحاس والطاقة جبران باسيل والداخلية زياد بارود الصمت، أعلن وزير الأشغال غازي العريضي انه تريث ببت طلبات المحكمة الدولية، بعدما التقت لجنة التحقيق الدولية المدير العام للنقل البري والبحري، وجاء اللقاء مخالفاً لمضمون الطلب. وقال انه «لا يساير أحداً على حساب قضية الرئيس الشهيد رفيق الحريري». من جهة أخرى، اجتمع الرئيس المكلف تشكيل الحكومة الجديدة نجيب ميقاتي امس مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان في سياق الاتصالات من اجل معالجة العقد أمام تأليف الحكومة. وإذ تكتمت مصادر ميقاتي على المرحلة التي بلغتها الاتصالات، فإن مصادر مقربة من رئيس البرلمان نبيه بري أوضحت ان الأمور «أخذت تقترب من خواتيمها لأن هناك جهوداً جدية لإخراج الحكومة الى العلن والذي لا يرتبط موعده بتاريخ إصدار القرار الاتهامي عن المحكمة الدولية»، وذلك رداً على ما يتردد بأن إنجازها مؤجل الى ما بعد صدوره. إلا أن مصادر أخرى معنية بعملية التأليف أشارت الى أن كثافة الاتصالات الجارية بعيداً من الأضواء لم تحقق تقدماً في معالجة عقد تأليف الحكومة، على رغم وجود آمال بأن تسفر هذه الاتصالات عن فتح ثغرة في الجمود الحاصل.