يبدو كأن عقارب الساعة عادت بالزمن إلى الوراء بتتويج الإسباني رافايل نادال المصنف أوّل بلقب بطولة الولاياتالمتحدة المفتوحة في كرة المضرب، آخر البطولات الأربع الكبرى، للمرة الثالثة في مسيرته بعد فوزه في النهائي على الجنوب أفريقي كيفن أندرسون الثامن والعشرين 6-3 و6-3 و6-4 مساء أمس (الأحد) على ملاعب فلاشينغ ميدوز في نيويورك. وكان تتويج نادال بلقب البطولة الأميركية تأكيداً على عودته إلى مستواه السابق، على غرار غريمه السويسري روجيه فيدرر الذي استعاد شبابه على رغم أعوامه ال36، وعاد ليحتكر مع الإسباني الألقاب الكبرى التي أفلتت منه منذ 2010 لكنه عاد بقوة هذا الموسم وأحرز لقبي أستراليا المفتوحة وويمبلدون. وتقاسم نادال الألقاب الأربعة الكبرى لهذا الموسم مع فيدرر الذي فاز على الإسباني في نهائي أستراليا المفتوحة أوائل الموسم، لكن مسعاه لإحراز لقبه العشرين في الغراند والسادس في فلاشينغ ميدوز توقّف عند الدور ربع النهائي على يد الأرجنتيني خوان مارتن دل بوترو. وعاد الإسباني البالغ 31 عاماً إلى منصة تتويج فلاشينغ ميدوز للمرة الأولى منذ 2013، حين تغلّب في النهائي على الصربي نوفاك ديوكوفيتش الذي كان خصمه أيضاً في نهائي عامي 2010 و2011 إذ فاز نادال في الأول وخسر الثاني لمصلحة منافسه الذي غاب عن نسخة 2017 بعدما قرر إنهاء موسمه باكراً بسبب الإصابة. ورفع نادال رصيده إلى لقبين كبيرين في 2017، بعد أن توّج أيضاً بطلاً لرولان غاروس للمرة العاشرة (رقم قياسي)، وإلى 16 في مسيرته الإحترافية من أصل 23 مباراة نهائية في الغراند سلام. أكد نادال مرة أخرى أنه تخلّص من مشكلة الإصابات التي لاحقته وأثرت على مستواه ما حرمه من الفوز بأي لقب كبير لعامين على التوالي، ورفع رصيده هذا الموسم إلى خمسة ألقاب وجوائزه المالية إلى 90 مليون دولار بعدما نال جراء تتويجه الثالث في فلاشينغ ميدوز مبلغ 3.7 مليون دولار. وكان الإسباني سعيداً بطبيعة الحال بإحرازه هذا اللقب الذي تزامن أيضاً مع عودته في 21 آب (أغسطس) إلى صدارة تصنيف المحترفين للمرة الأولى منذ تموز (يوليو) 2014، وهو قال بعد تتويجه "أمضيت أسبوعين مميزين جداً بالنسبة لي. ما حصل هذا العام لا يصدق لاسيما بعد مواسم عدة عانيت فيها من إصابات خطيرة وتراجع مستواي". وأضاف "كان عاماً مؤثراً منذ بطولة أستراليا المفتوحة. لعبت بمستوى مرتفع جداً والفوز مجدداً هنا في نيويورك لا يصدق". وكان لقب البطولة الأميركية الأخير لنادال في الغراند سلام تحت إشراف عمّه توني الذي درّبه منذ أن كان في الثالثة من عمره، لكنه سيتخلى عن هذه المسؤولية في نهاية الموسم الحالي. ولم ينس نادال أن يشكر عمه على الدور الذي لعبه خلال المسيرة التي قادت الإسباني إلى 74 لقباً، وهو قال بهذا الصدد "لا يمكنني شكره بما فيه الكفاية. من دونه، لم أكن لأتواجد هنا من أجل مزاولة كرة المضرب. أعطاني القوة والحافز. أنا تجاوزت بفضله الإصابات التي عانيت منها". وفي المقابل، كان وصول أندرسون إلى المباراة النهائية إنجازاً بحد ذاته لأن أفضل نتيجة له في الغراند سلام قبل فلاشينغ ميدوز 2017 كانت وصوله إلى ربع النهائي مرة واحدة في البطولة الأميركية بالذات عام 2015. وأصبح أندرسون، البالغ 31 عاماً والمصنف 32 عالمياً، أوّل لاعب جنوب أفريقي يصل إلى نهائي البطولة الأميركية منذ 52 عاماً، وتحديداً منذ 1965 حين خسر كليف دريسدايل أمام الإسباني مانويل سانتانا. لكنه فشل في أن يصبح أول لاعب من بلاده يتوّج بلقب كبير منذ أن أحرز يوهان كرييك لقب أستراليا المفتوحة عام 1981، بعد أن خسر مواجهته مع نادال في أقلّ من ساعتين ونصف لارتكابه 40 خطأً غير مباشر، مقابل 11 فقط لنادال الذي أكد تفوّقه التام على منافسه بالفوز عليه للمرة الخامسة من أصل خمس مواجهات بينها. وكان نهائي الأحد المواجهة الثانية بينهما في 2017 بعد الدور الثالث لدورة برشلونة حين فاز الإسباني بمجموعتين 6-3 و6-4 في طريقه إلى اللقب، في حين أن المواجهة الوحيدة السابقة بينهما في البطولات الكبرى كانت عام 2015 في الدور الرابع لبطولة أستراليا المفتوحة حين فاز نادال بثلاث مجموعات أيضاً 7-5 و6-1 و6-4. وتحدّث الجنوب أفريقي عن وصوله إلى هنا وخسارته أمام نادال الذي توّج بلقبه الأول على الملاعب الصلبة منذ دورة الدوحة عام 2014، متوجهاً إلى منافسه الإسباني بالقول "رافا، نحن من نفس العمر لكني كنت أتطلع إليك طيلة حياتي. كان شرفاً لي أن ألعب ضدك. أنت أحد أفضل السفراء لرياضتنا". وفي المباراة التي كانت ستضمن تتويجاً خامساً على التوالي في الغراند سلام للاعب يتجاوز الثلاثين من عمره، كون السويسري ستانيسلاس فافرينكا (32 حالياً) توّج بلقب البطولة الأميركية الموسم الماضي، فرض نادال تفوقه منذ البداية وحقّق الأفضلية في المجموعة الأولى بعدما كسر إرسال منافسه في الشوط السابع وتقدّم 4-3 ثمّ كرّر الأمر في الشوط التاسع وحسم المجموعة في 58 دقيقة. وواصل الإسباني سيطرته في المجموعة الثانية وكسر إرسال أندرسون ليتقدّم 4-2 وكان ذلك كافياً له من أجل إنهاء المجموعة لصالحه 6-3، ثمّ حقّق الفارق منذ بداية المجموعة الثالثة بالفوز على إرسال منافسه للمرة الرابعة في اللقاء، علماً أن الأخير لم يخسر إرساله سوى 5 مرات من الدور الأول وصولاً إلى المباراة النهائية. واستدعى أندرسون المعالج بعد تعرضه لإصابة في سبابة يده اليمنى بعد الشوط الخامس، وتواصلت معاناته بعد الوقت المستقطع. وعلى رغم محاولته اليائسة لتأجيل تتويج منافسه، حسم الأخير المواجهة بضربة عكسية واحتفل بعدها بتتويجه الثالث على ملاعب فلاشينغ ميدوز.