تختلف حكايات عشرات آلاف المصريين الفارين من الأراضي الليبية إلى الحدود المصرية عبر منفذ السلوم، من واحد إلى آخر، لكنهم توحدوا في تأكيد تعرضهم لأهوال جعلتهم يرون بأعينهم الموت يحصد أرواح بعضهم فى طريق العودة إلى الوطن. عادوا جميعاً بأحلام محطمة، بعد تجريدهم حتى من هواتفهم النقالة، ربما لمنعهم من التقاط صور تفضح الاعتداءات والانتهاكات التي يتعرض لها النازحون من ليبيا، خصوصاً إذا كانوا من مصر أو تونس. الرحلة من طرابلس العاصمة وحتى معبر السلوم تكلّف ما يعادل ألف دولار تقريباً للشخص الواحد، وهو مبلغ يفوق بكثير كلفة الرحلة نفسها في الظروف الطبيعية، بحسب روايات عدد من المصريين العائدين إلى وطنهم عبر منفذ السلوم. عيد خلف، من محافظة المنيا يقول: «سافرت إلى ليبيا منذ العام 2006، وبسبب اضطراري إلى الفرار من البلد اضطررت إلى ترك ما ادخرته على مدى خمس سنوات». منصور عامر، من محافظة المنيا أيضاً يقول: «كنت أعمل في أحد الأسواق وكنت ألقى معاملة طيبة من الليبيين حتى بعد اندلاع الأحداث، ولولا انني فقدت عملي بسبب تلك الأحداث لما فكرت في العودة إلى بلدي وأنا خالي الوفاض». أما جودة سالم، من محافظة بني سويف، فيقول: «هناك مئات الآلاف من المصريين غير قادرين على العودة نتيجة سوء الأوضاع، بخاصة فى المدن التى تعاني اضطرابات شديدة، مثل طرابلس وسرت». ويضيف خلف شعبان: «سافرت منذ شهرين فقط وكنت أحلم أن أعمل هناك لبضع سنوات أدخر خلالها مالاً يساعدني على الزواج وإقامة مشروع صغير يوفر لأسرتي حياة كريمة». ينظر شعبان الى الفراغ من حوله والدموع تملأ عينيه قبل أن يضيف: «أحلامي انهارت في لحظة». وقال مصدر عسكري مصري طلب عدم ذكر اسمه ل «الحياة»، إن القوات المسلحة لم تدخر جهداً من أجل مساعدة العائدين، مشيراً الى أنه تمت إقامة معسكر إيواء يسع 500 فرد أعلى هضبة السلوم. وأضاف أن القوات المسلحة توفر ما يقرب من 5 آلاف وجبة غذائية يومياً للنازحين، سواء كانوا من المصريين أو من جنسيات أخرى، فضلاً عن عشرات الباصات التي تنقلهم إلى محطات مختلفة داخل مصر. وأضاف أن القوات المسلحة المصرية أنشأت مستشفى ميدانياً لتقديم العلاج لمن يحتاجه من النازحين. من جانبها، أوفدت «مؤسسة مصر الخير» برئاسة مفتي مصر علي جمعة، قافلة ضمت 15 باصاً لنقل العائدين إلى محافظاتهم المختلفة مع تقديم مساعدات مالية وغذائية عاجلة لهم. وقال طارق حسن، مدير قطاع الإغاثة والطوارئ في المؤسسة ل «الحياة»، إن هناك تنسيقاً كاملاً مع الجهات المعنية كافة وعلى رأسها القوات المسلحة لنقل العائدين الى بلداتهم.