بعد أقل من أسبوع على انتهاء إعصار «هارفي» الذي اجتاح ولاية تكساس وأثّر في أسواق النفط في الولاياتالمتحدة وخصوصاً البنزين، يأتي إعصار «إرما» المتوقع أن يضرب ولاية فلوريدا ليزيد من الأعباء الاقتصادية على المواطنين الأميركيين. لكن الخسائر لن تقتصر على المواطنين، إذ توقعت شركة «فيتش» للتصنيف الائتماني أن تشهد شركات التأمين خسائر ملحوظة في حال ضرب الإعصار فلوريدا، وقد تصل قيمتها إلى 75 بليون دولار. واعتبر مدير مركز إدارة أخطار العواصف الكارثية في جامعة فلوريدا جاك نيكولسون، أن العاصفة «ربما تُنتج خسائر بكلفة 100 بليون دولار على الأبنية المؤمنة وغير المؤمنة في فلوريدا»، قائلاً: «لم يسبق أن رأيت عاصفة بهذه القوة». ووصل «إرما» الذي صُنّف من الفئة الخامسة وهي أعلى درجة تصنيف للأعاصير لدى «المركز الوطني للأعاصير الأميركي» إلى اليابسة في كوبا، حاملاً معه رياحاً تصل سرعتها إلى 260 كيلومتراً في الساعة وأودى ب 22 شخصاً على الأقل في منطقة الكاريبي. وعلى رغم فقدان الإعصار القوة مع مروره فوق كوبا، إلا أنه استعاد قوته وأصبح صباح أمس إعصاراً من الفئة الرابعة ثاني أكبر تصنيف للأعاصير على مقياس «سافير سيمبسون». وأمر المسؤولون الأميركيون، بالقيام بعملية إجلاء تاريخية في الولاية، إذ صدرت أوامر بإجلاء 30 في المئة من السكان أو 6.3 مليون شخص في ثالث أكبر ولاية لجهة عدد السكان. واللافت أن أسعار تذاكر الطيران من فلوريدا ارتفعت أكثر من 600 في المئة، ما أثار انتقادات حادة لشركات الطيران التي اتهمت بأنها «تحاول استغلال الظروف الطارئة لتحقيق ربح». وأثارت مستخدمة على «تويتر» باسم «لي دو» القضية، وغردت قائلة إن شركة «دلتا» للطيران رفعت أسعار التذاكر إلى 3200 دولار من 547 دولاراً»، وأُعيد تغريدها أكثر من عشرة آلاف مرة. لكن الشركة تجاوبت مع التغريدة وعالجت الموضوع، وتذرعت بأن الخوارزمية التي تعتمدها الشركة ترفع الأسعار تلقائياً مع تنامي الطلب. وفي حال وصول الإعصار إلى الولاية الأميركية بالقوة ذاتها، فيُتوقع أن تتكبد شركات التأمين بلايين الدولارات كخسائر، إضافة إلى أخرى مترتبة عن انقطاع الكهرباء والنقص في إمدادات الوقود، التي ستؤثر بطبيعة الحال في الاقتصاد الأميركي ككل. ويشير محلل الكوارث في معهد «إنكي» للبحوث شاك واتسون، إلى أن «الإعصار مثابة كابوس لشركات التأمين العاملة في الولاية، لأن الخسائر قد تفوق بسهولة عتبة 135 بليون دولار في فلوريدا، إضافة إلى خسائر اقتصادية أخرى قد ترفع الفاتورة إلى 200 بليون»، وفقاً لما نقلته وكالة «بلومبيرغ»، مضيفاً «إننا نتحدث عن فشل بعض الشركات في التغطية». وسيفقد حوالى 9 ملايين شخص من سكان الولاية الذين يصل عددهم إلى 20 مليوناً، الكهرباء وفقاً لما أعلنته شركة الكهرباء في الولاية، كما يُعتقد أن تأثير الإعصار في المحاصيل قد يكلف 1.2 بليون دولار. ويأتي هذا الإعصار بعد أيام من إعصار «هارفي» الذي لم تستفق الولايات التي ضربها من تأثيره بعد. وحتى الساعة، لم يصدر أي تقرير رسمي يقدر قيمة الخسائر التي نتجت منه، إلا أن مصرف «جي بي مورغان» توقع أن تتراوح فاتورة التأمين بين 10 بلايين دولار و20 بليوناً، وهو أقل في شكل طفيف من إيرادات قطاع التأمين في ربع واحد. ويُتوقع أن تفوق الخسائر هذا الحد، خصوصاً أن «هارفي» بدأ كإعصار من الدرجة الرابعة، ليُخفّض تصنيفه إلى عاصفة إستوائية، في حين أن إعصار «إيكي» الذي ضرب الولاياتالمتحدة عام 2008، سبّب خسائر على شركات التأمين بقيمة 13 بليون دولار على رغم أن تصنيفه كان عند الدرجة الثانية. ويشير راندي بينر المحلل في شركة «أف بي آر» لأسواق المال، الى أن كلفة «هارفي» على شركات التأمين ستقتصر على بليوني دولار إلى 3 بلايين، لأن غالبية الأضرار تركزت على الفيضانات وهو ما يغطيه برنامج الفيضانات الحكومي وليس شركات التأمين التي تغطي الخسائر الناتجة من الهواء غالباً. وتأتي هذه التصريحات بعيد تصريحات المدير السابق للوكالة الفيديرالية لإدارة الطوارئ مايكل براون، الذي اعتبر أن كلفة «هارفي» ستكون أسوأ من إعصار «كاترينا» الذي ضرب عام 2005 الذي وصلت كلفته على شركات التأمين إلى 50 بليون دولار، في حين أن الكلفة الكلية وصلت إلى 118 بليون دولار. ولا يزال النقاش دائراً حتى الساعة في الولاياتالمتحدة في شأن الكلفة المرتقبة لإعصار «هارفي»، في وقت يتحضر المجتمع الأميركي لتداعيات «إرما». والحال، لا يمكن توقع حجم الخسائر التي قد يتكبدها الاقتصاد الأميركي أو شركات التأمين نتيجة «إرما»، خصوصاً أن كلفة الإعصار الأول لم تتضح بعد، ولكن الأكيد أنها لن تكون كلفة سهلة على الولاية في شكل أساس، ولا على شركات التأمين.